[ ص: 123 ] الرابعة : ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته ، وأما ما حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر فما كان منه بصيغة الجزم كقال ، وفعل ، وأمر ، وروى ، وذكر فلان ، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه .
وما ليس فيه جزم كيروى ، ويذكر ، ويحكى ، ويقال ، وروي ، وذكر ، وحكي عن فلان كذا ، فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه .
وليس بواه لإدخاله في الكتاب الموسوم بالصحيح .
( الرابعة ) من مسائل الصحيح ( ما روياه ) أي الشيخان ( بالإسناد المتصل فهو [ ص: 124 ] المحكوم بصحته ، وأما ما حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر ) وهو المعلق ، وهو في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كثير جدا ، كما تقدم عدده ، وفي مسلم في موضع واحد في التيمم ، حيث قال : وروى nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، فذكر حديث أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347689أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل . الحديث ، وفيه أيضا موضعان في الحدود والبيوع رواهما بالتعليق عن الليث بعد روايتهما بالاتصال ، وفيه بعد ذلك أربعة عشر موضعا كل حديث منها رواه متصلا ، ثم عقبه بقوله : ورواه فلان .
وأكثر ما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من ذلك موصول في موضع آخر من كتابه ، وإنما أورده معلقا اختصارا ومجانبة للتكرار والذي لم يوصله في موضع آخر مائة وستون حديثا ، وصلها شيخ الإسلام في تأليف لطيف سماه : " التوفيق " ، وله في جميع التعليق والمتابعات والموقوفات كتاب جليل بالأسانيد سماه : " تغليق التعليق " ، واختصره بلا أسانيد في آخر سماه : " التشويق إلى وصل المهم من التعليق " .
[ ص: 125 ] ( فما كان منه بصيغة الجزم كقال وفعل وأمر وروى وذكر فلان فهو حكم بصحته عن المضاف إليه ) لأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك عنه إلا وقد صح عنده عنه ، لكن لا يحكم بصحة الحديث مطلقا ، بل يتوقف على النظر فيمن أبرز من رجاله ، وذلك أقسام : أحدها : ما يلتحق بشرطه ، والسبب في عدم إيصاله إما الاستغناء بغيره عنه ، مع إفادة الإشارة إليه وعدم إهماله بإيراده معلقا اختصارا ، وإما كونه لم يسمعه من شيخه ، أو سمعه مذاكرة ، أو شك في سماعه ، فما رأى أنه يسوقه مساق الأصول ، ومن أمثلة ذلك قوله في الوكالة : قال nindex.php?page=showalam&ids=16546عثمان بن الهيثم : حدثنا عون حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : " وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة رمضان " . الحديث ، وأورده في فضائل القرآن وذكر إبليس ، ولم يقل في موضع منها : حدثنا عثمان ، فالظاهر عدم سماعه له منه .
قال شيخ الإسلام : وقد استعمل هذه الصيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدة أحاديث ، فيوردها منهم بصيغة : قال فلان ، ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه [ ص: 126 ] وبينهم ، كما قال في التاريخ : قال nindex.php?page=showalam&ids=12396إبراهيم بن موسى : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17248هشام بن يوسف فذكر حديثا ، ثم يقول : حدثوني بهذا عن إبراهيم .
قال : ولكن ليس ذلك مطردا في كل ما أورده بهذه الصيغة ، لكن مع هذا الاحتمال لا يحل حمل ما أورده بهذه الصيغة على أنه سمعه من شيوخه .
وبهذا القول يندفع اعتراض العراقي على nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في تمثيله بقوله قال : عفان ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي بكونهما من شيوخه ، وأن الرواية عنهم ولو بصيغة لا تصرح بالسماع ، محمولة على الاتصال كما سيأتي في فروع عقب المعضل ، ثم قولنا : في هذا التقسيم ما يلتحق بشرطه ، ولم يقل : إنه على شرطه ؛ لأنه وإن صح فليس من نمط الصحيح المسند فيه ، نبه عليه ابن كثير .
الرابع : ما هو ضعيف لا من جهة قدح في رجاله ، بل من جهة انقطاع يسير في إسناده ، قال الإسماعيلي : قد يصنع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذلك إما لأنه سمعه من ذلك الشيخ بواسطة من يثق به عنه ، وهو معروف مشهور عن ذلك الشيخ ، أو لأنه سمعه ممن ليس من شرط الكتاب ، فنبه على ذلك الحديث بتسمية من حدث به لا على التحديث به عنه ، كقوله في الزكاة : وقال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : قال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل لأهل اليمن : ائتوني بعرض ثياب ، الحديث ، فإسناده إلى nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس صحيح ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا لم يسمع من معاذ .
وأما ما اعترض به بعض المتأخرين من نقض هذا الحكم بكونه جزم في معلق وليس بصحيح ، وذلك قوله في التوحيد ، وقال الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347693لا تفاضلوا بين الأنبياء " الحديث ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=12147أبا مسعود الدمشقي جزم بأن هذا ليس بصحيح ؛ لأن عبد الله بن الفضل إنما رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لا عن أبي سلمة . وقوى ذلك بأنه أخرجه في موضع آخر كذلك ، فهو اعتراض مردود ، ولا ينقض القاعدة ، ولا مانع من أن يكون لعبد الله بن الفضل شيخان وكذلك أورده عن أبي سلمة الطيالسي [ ص: 128 ] في مسنده فبطل ما ادعاه .
( وما ليس فيه جزم كيروى ويذكر ويحكى ويقال وروي وذكر وحكي عن فلان كذا ) كذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : أو في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ( فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه ) .
أو لكونه ضم إليه ما لم يصح فأتى بصيغة تستعمل فيهما ، كقوله في الطلاق ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب وذكر نحوا من ثلاثة وعشرين تابعيا .
وقد يورده أيضا في الحسن كقوله في البيوع : ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347697إذا بعت فكل ، وإذا ابتعت فاكتل " هذا الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريق عبيد الله بن المغيرة ، وهو صدوق ، عن منقذ مولى عثمان ، وقد وثق ، عن عثمان ، وتابعه nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند ، إلا أن في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عطاء عن عثمان ، وفيه انقطاع ، والحديث حسن لما عضده من ذلك .
[ ص: 130 ] وقوله في الصلاة : ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه : لا يتطوع الإمام في مكانه ، وقال عقبه : ولم يصح ، وهذه عادته في ضعيف لا عاضد له من موافقة إجماع أو نحوه ، على أنه فيه قليل جدا ، والحديث أخرجه أبو داود من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16861الليث بن أبي سليم عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وليث ضعيف ، وإبراهيم لا يعرف ، وقد اختلف عليه فيه .
( و ) ما أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الصحيح مما عبر عنه بصيغة التمريض ، وقلنا لا يحكم بصحته ( ليس بواه ) أي ساقط جدا ( لإدخاله ) إياه ( في الكتاب الموسوم بالصحيح ) ، وعبارة nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح يشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه .
قلت : ولهذا رددت على nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي حيث أورد في الموضوعات حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : إذا أتي أحدكم بهدية فجلساؤه شركاؤه فيها ، فإنه أورده من طريقين عنه ، ومن طريق عن عائشة ولم يصب ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أورده في الصحيح فقال : ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وله شاهد آخر من حديث الحسن بن علي رويناه في فوائد أبي بكر الشافعي ، وقد بينت ذلك في مختصر الموضوعات ، ثم في كتابي " القول الحسن في الذب عن السنن " .
[ ص: 131 ] [ فائدة ]
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إذا تقرر حكم التعاليق المذكورة فقول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ما أدخلت في كتابي إلا ما صح ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=12176الحافظ أبي نصر السجزي : أجمع الفقهاء وغيرهم أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري صحيح ، قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك فيه ، لم يحنث ، محمول على مقاصد الكتاب وموضوعه ، ومتون الأبواب المسندة دون التراجم ونحوها . اهـ .
وسيأتي في المسألة مزيد كلام قريبا ، ويأتي تحرير الكلام في حقيقة التعليق حيث ذكره المصنف عقب المعضل إن شاء الله تعالى .