[ ص: 511 ] باب في
منع الإمام دفع السلب إلى القاتل أخبرني
محمد بن أبي عيسى المدني ، أخبرنا
الحسين بن أحمد ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله ، أخبرني
محمد بن بكر ، حدثنا
أبو داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو ، وعن
عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945879خرجت مع nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ، ورافقني مددي من أهل اليمن ، فلقينا جموع الروم ، وفيهم رجل على فرس أشقر ، عليه سرج مذهب ، وسلاح مذهب ، فجعل الرومي يفري بالمسلمين ، وقعد له المددي خلف صخرة ، فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر ، وعلاه فقتله ، وحاز فرسه وسلاحه ، فلما فتح الله على المسلمين بعث nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد إليه فأخذ السلب ، قال عوف : فأتيته فقلت : يا خالد ، أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ، ولكني استكثرته . قلت : لتردنه إليه أو لأعرفنكها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يرد عليه ، قال عوف : فاجتمعنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصت عليه قصة المددي ، وما فعل خالد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رد إليه ما أخذت منه ، قال عوف : فقلت : دونك يا خالد ألم أف لك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وما ذلك ؟ فأخبرته ، فغضب ، فقال : يا خالد ، لا ترد عليه ، هل أنتم تاركو لي أمرائي ؛ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره .
[ ص: 512 ] قال
الخطابي : يفري معناه : شدة النكاية فيهم ، يقال : يفري الفرى ، إذا كان يبالغ في الأمر ، وقوله : لأعرفنكها ؛ أي : لأجازينك بها حتى تعرف صنيعك .
قال
الخطابي ، وفقهه أن
السلب ما كان قليلا أو كثيرا فإنه للقاتل لا يخمس ، إلا أنه أمر
خالدا يرده عليه مع استكثاره إياه ، وإنما كان رده إلى
خالد بعد الأمر الأول بإعطائه القاتل نوعا من النكير على عوف وردعا له وزجرا ، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة ولا يتسرعون إلى الوقيعة فيهم ، وكان
خالد مجتهدا في صنيعه ذلك إذ كان قد استكثر السلب ، فأمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجتهاده لما رأى في ذلك من المصلحة العامة بعد أن خطأه في رأيه الأول ، فالأمر الخاص مغمور بالعام ، واليسير من الضرر محتمل للكثير من النفع والصلاح ، فيشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عوض المددي من الخمس الذي هو له ، ويرضي
خالدا بالنصح له وتسليم الحكم له في السلب .
وفيه دليل على أن نسخ الشيء قبل الفعل جائز ؛ ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره برد السلب ثم أمره بإمساكه قبل أن يرده ، فكان في ذلك نسخ لحكمه الأول .