الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 513 ] باب مبايعة النساء - كيف يبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء - لم يصافح النبي امرأة قط - إني لا أصافح النساء .

قرأت على محمد بن علي بن أحمد ، أخبرك أحمد بن الحسن في كتابه ، أخبرك الحسن بن أحمد ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن حصين ، عن عامر الشعبي ، قال : كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء ؛ فيضع ثوبا على يده ، فلما كان بعد ، كن يجئن النساء فيقرأ هذه الآية عليهن : ( ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ) فإذا أقررن ، قال : قد بايعتكن . حتى جاءت هند امرأة أبي سفيان أم معاوية فلما قال : ( ولا يزنين ) قالت : أوتزني الحرة ؟ لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية ، فكيف في الإسلام ؟ فقال : ولا يقتلن أولادهن ، فقالت : أنت قتلت آباءهم ، وتوصينا بأولادهم ؟ فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ولا يسرقن ، فقالت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أصيب من مال أبي سفيان . قال : فرخص لها .

قلت : وردت في الباب أحاديث ثابتة تصرح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصافح امرأة أجنبية قط في المبايعة ، وإنما كان يبايعهن قولا ، كذلك هو في حديث أميمة وغيرها .

[ ص: 514 ] أخبرنا أبو العلاء الحافظ ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد ، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن محمد بن المنكدر ، عن أميمة بنت رقيقة قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوة لنبايعه ، فقلن : نبايعك يا رسول الله على أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأت ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيك في معروف . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فيما استطعتن وأطقتن . فقلن : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ، هلم نبايعك يا رسول الله . قال : إني لا أصافح النساء ، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ، أو مثل قولي لامرأة واحدة .

وحديث الشعبي الذي بدأنا بذكره منقطع ، فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحاح ، فإن كان ثابتا ففيه دلالة على النسخ ، وله شاهد في بعض الأحاديث ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية