الوجه الرابع والأربعون : في ترجيح أحد الحديثين على الآخر ، أن
يكون في أحدهما احتياط للفرض وبراءة الذمة بيقين ، ولا يكون في الآخر ذلك ، فتقديم ما فيه الاحتياط أولى ، فإن قيل : لم لم يستعملوا
[ ص: 87 ] الاحتياط في إيجاب
الوضوء من القهقهة والرعاف ، وإيجاب
المضمضة والاستنشاق في الغسل ؟ أجاب من خالفهم في هذه الأحكام ، وقال : إنا لم نقل بالاحتياط في المواضع التي ذكرتموها ؛ لأن الأمة قد أجمعت على تركها أو ترك بعضها ، وذلك أن
العراقي ترك إيجاب الاحتياط في المضمضة والاستنشاق في الوضوء ، وترك
الاحتياط في يسير الدم والقيء ، وإيجاب
الوضوء من القهقهة في صلاة الجنازة ، فإذا ترك الاحتياط من قال به في مقتضاه لقيام الدليل عنده ، كذا من لا يقول به ، بخلاف ما يقول بالاحتياط في سائر المواضع .