[ ص: 270 ] النوع الحادي والثلاثون
معرفة الغريب والعزيز من الحديث
روينا عن
أبي عبد الله بن منده الحافظ الأصبهاني أنه قال : " الغريب من الحديث كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم ، إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبا ، فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة ، واشتركوا في حديث يسمى عزيزا ، فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي مشهورا " .
قلت : الحديث الذي يتفرد به بعض الرواة يوصف
بالغريب ، وكذلك الحديث الذي يتفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره : إما في متنه ، وإما في إسناده ، وليس كل ما يعد من أنواع الأفراد معدودا من أنواع الغريب ، كما في الأفراد المضافة إلى البلاد على ما سبق شرحه .
ثم إن
الغريب ينقسم إلى صحيح ، كالأفراد المخرجة في الصحيح ،
[ ص: 271 ] وإلى غير صحيح ، وذلك هو الغالب على الغريب .
روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - أنه قال غير مرة : " لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرايب ، فإنها مناكير ، وعامتها عن الضعفاء " .
وينقسم الغريب أيضا من وجه آخر :
فمنه ما هو (
غريب متنا وإسنادا ) وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد .
ومنه ما هو (
غريب إسنادا لا متنا ) كالحديث الذي متنه معروف مروي عن جماعة من الصحابة ، إذا تفرد بعضهم بروايته عن صحابي آخر كان غريبا من ذلك الوجه مع أن متنه غير غريب .
ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة ، وهذا الذي يقول فيه
الترمذي : " غريب من هذا الوجه " .
ولا أرى هذا النوع ينعكس ، فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا ، إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به ، فرواه عنه عدد كثيرون ، فإنه يصير غريبا مشهورا ، وغريبا متنا وغير غريب إسنادا ، لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد ، فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول ، متصف بالشهرة في طرفه الآخر ، كحديث : "
إنما الأعمال بالنيات " وكسائر الغرائب التي اشتملت
[ ص: 272 ] عليها التصانيف المشتهرة ، والله أعلم