النوع الرابع والثلاثون : معرفة
ناسخ الحديث ومنسوخه
هذا فن مهم مستصعب .
روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري - رضي الله عنه - أنه قال : " أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله
[ ص: 277 ] - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه " .
وكان
للشافعي - رضي الله عنه - فيه يد طولى وسابقة أولى .
روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13621محمد بن مسلم بن وارة ، أحد أئمة الحديث أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قال له ، وقد قدم من
مصر : " كتبت كتب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؟ " فقال : لا ، قال : " فرطت ، ما علمنا المجمل من المفسر ، ولا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه حتى جالسنا
الشافعي " .
وفيمن عاناه من أهل الحديث من أدخل فيه ما ليس منه لخفاء معنى
النسخ وشرطه .
وهو عبارة عن رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخرا .
وهذا حد - وقع لنا - سالم من اعتراضات وردت على غيره .
ثم إن ناسخ الحديث ومنسوخه ينقسم أقساما :
فمنها :
ما يعرف بتصريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به ، كحديث
بريدة الذي أخرجه
مسلم في صحيحه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها " في أشباه لذلك .
ومنها
ما يعرف بقول الصحابي ، كما رواه
الترمذي وغيره ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أنه قال : " كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ، ثم نهي عنها " .
وكما خرجه
النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال :
[ ص: 278 ] "
كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار " . في أشباه لذلك .
ومنها :
ما عرف بالتاريخ ، كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
أفطر الحاجم والمحجوم " ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس "
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم " .
بين
الشافعي أن الثاني ناسخ للأول ، من حيث إنه روي في حديث
شداد أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمان الفتح ، فرأى رجلا يحتجم في شهر رمضان ، فقال : "
أفطر الحاجم والمحجوم " . وروي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس "
أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم صائم " . فبان بذلك : أن الأول كان زمن الفتح في سنة ثمان ، والثاني في حجة الوداع في سنة عشر .
ومنها :
ما يعرف بالإجماع ، كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة ، فإنه منسوخ ، عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به ، والإجماع لا ينسخ ولا ينسخ ، ولكن يدل على وجود ناسخ غيره ، والله أعلم بالصواب .
التالي الفهرس السابق