الثالثة : إذا
قيل في الإسناد : " فلان ، عن رجل أو عن شيخ عن فلان " أو نحو ذلك ، فالذي ذكره
الحاكم في " معرفة علوم الحديث " أنه لا يسمى مرسلا بل منقطعا ، وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول الفقه معدود من أنواع المرسل ، والله أعلم .
ثم اعلم أن
حكم المرسل حكم الحديث الضعيف ، إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر ، كما سبق بيانه في نوع الحسن . ولهذا احتج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه بمرسلات
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب رضي الله
[ ص: 54 ] عنهما ، فإنها وجدت مسانيد من وجوه أخر ، ولا يختص ذلك عنده بإرسال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، كما سبق .
ومن أنكر ذلك زاعما أن الاعتماد حينئذ يقع على المسند دون المرسل ، فيقع لغوا لا حاجة إليه ، فجوابه أنه بالمسند يتبين صحة الإسناد الذي فيه الإرسال ، حتى يحكم له مع إرساله بأنه إسناد صحيح تقوم بمثله الحجة ، على ما مهدنا سبيله في النوع الثاني . وإنما ينكر هذا من لا مذاق له في هذا الشأن .
وما ذكرناه من سقوط
الاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو
[ ص: 55 ] المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير حفاظ الحديث ونقاد الأثر ، وقد تداولوه في تصانيفهم .
وفي صدر صحيح
مسلم : " المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة " .
nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر - حافظ
المغرب - ممن حكى ذلك عن جماعة أصحاب الحديث .
والاحتجاج به مذهب
مالك وأبي حنيفة وأصحابهما [ رحمهم الله ] في طائفة ، والله أعلم .
[ ص: 56 ] ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه
مرسل الصحابي مثلما يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه ؛ لأن ذلك في حكم الموصول المسند ، لأن روايتهم عن الصحابة ،
والجهالة بالصحابي غير قادحة ، لأن
الصحابة كلهم عدول ، والله أعلم .