النوع الثالث
من أنواع الإجازة : أن يجيز لغير معين بوصف العموم ، مثل أن يقول : " أجزت للمسلمين ، أو أجزت لكل أحد ، أو أجزت لمن أدرك زماني " ، وما أشبه ذلك ، فهذا نوع تكلم فيه المتأخرون ممن جوز أصل الإجازة ، واختلفوا في جوازه .
فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه ، فهو إلى الجواز أقرب .
[ ص: 155 ] وممن جوز ذلك كله
أبو بكر الخطيب الحافظ .
وروينا عن
أبي عبد الله بن منده الحافظ أنه قال : " أجزت لمن قال لا إله إلا الله " . وجوز القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري أحد الفقهاء المحققين فيما حكاه عنه
الخطيب الإجازة لجميع المسلمين ، من كان منهم موجودا عند الإجازة . وأجاز
أبو محمد بن سعيد أحد الجلة من شيوخ
الأندلس لكل من دخل
قرطبة من طلبة العلم . ووافقه على جواز ذلك منهم
أبو عبد الله بن عتاب رضي الله عنهم . وأنبأني من سأل
الحازمي أبا بكر ، عن
الإجازة العامة هذه ، فكان من جوابه : أن من أدركه من الحفاظ - نحو
أبي العلاء الحافظ وغيره - كانوا يميلون إلى الجواز ، والله أعلم .
قلت : ولم نر ، ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ، ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها ،
والإجازة في أصلها ضعف ، وتزداد بهذا التوسع ، والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغي احتماله ، والله أعلم .