ويشترط السيلان في الخارج من غير السبيلين ; لأن تحت كل جلدة دما ورطوبة ، فما لم يسل يكون باديا لا خارجا بخلاف السبيلين ; لأنه متى ظهر يكون منتقلا فيكون خارجا .
قال : ( والقيء ملء الفم ) لما تقدم وهو ما لا يمكنه إمساكه إلا بمشقة ، وإن قاء قليلا قليلا ، [ ص: 14 ] ولو جمع كان ملء الفم ، فأبو يوسف اعتبر اتحاد المجلس ; لأنه جامع للمتفرقات على ما عرف كما في سجدة التلاوة وغيرها ، ومحمد اعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان لأنه دليل على اتحاده ، وعند زفر ينقض القليل أيضا كالخارج من السبيلين وقد مر جوابه ، ولا ينقض إذا قاء بلغما وإن ملأ الفم ، وقال أبو يوسف : إن كان من الجوف نقض لأنه محل النجاسة فأشبه الصفراء ، قلنا البلغم طاهر ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذه بطرف ردائه وهو في الصلاة ، ولهذا لا ينقض النازل من الرأس بالإجماع ، وهو للزوجته لا تتداخله النجاسة ، وبقي ما يجاوره من النجاسة وهو قليل ، والقليل غير ناقض بخلاف الصفراء فإنها تمازجها .
( وإن قاء دما أو قيحا نقض وإن لم يملأ الفم ) وقال محمد : لا ينقض ما لم يملأ الفم كغيره من الأخلاط . قلنا المعدة ليست محلا للدم ، والقيح إما يسيل إليها من قرحة أو جرح ، فإذا خرج فقد سال من موضعه فينقض حتى لو قاء علقا لا ينقض ما لم يملأ الفم ; لأنه يكون في المعدة ، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - .
( وإذا اختلط الدم بالبصاق إن غلبه نقض ) حكما للغالب ، وكذا إذا تساويا احتياطا وإن غلب البصاق لا ; لأن القليل مستهلك في الكثير فيصير عدما .
قال : ( والنوم قائما وراكعا وساجدا وقاعدا ) لا ينقض لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا أو قاعدا ، إنما الوضوء على من نام مضطجعا " .
قال : ( والقهقهة في الصلاة تنقض ) لما روينا ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : " ألا من ضحك منكم قهقهة فليعد الوضوء والصلاة جميعا " ، وأنه ورد في صلاة كاملة فيقتصر عليها لوروده على خلاف القياس حتى لو ضحك في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة لا ينقض الوضوء ، والقهقهة أن يسمعها جاره ، وحكمها انتقاض الوضوء والصلاة جميعا ، والضحك أن يسمعها هو لا غير ، قالوا : وتبطل الصلاة لا غير ، والتبسم ما لا يسمعه هو ولا غيره ولا حكم له ، وإن شك في نقض وضوئه . فإن كان أول شكه أعاده ; لأنه تيقن بالحدث وشك في زواله ، وإن كان يحدث له كثيرا لم يعد دفعا للحرج ، ومن أيقن بالحدث وشك في الطهارة أو بالعكس أخذ باليقين .