الصلاة على الميت فرض كفاية ، وأولى الناس بالإمامة فيها السلطان ، ثم القاضي ، ثم إمام الحي ، ثم الأولياء الأقرب فالأقرب ، إلا الأب فإنه يقدم على الابن ، وللولي أن يصلي إن صلى غير السلطان أو القاضي ، فإن صلى الولي فليس لغيره أن يصلي بعده ، وإن دفن من غير صلاة صلوا على قبره ما لم يغلب على الظن تفسخه ، ويقوم الإمام حذاء الصدر للرجل والمرأة . والصلاة أربع تكبيرات ، ويرفع يديه في الأولى ولا يرفع بعدها . يحمد الله تعالى بعد الأولى ، ويصلي على النبي - عليه الصلاة والسلام - بعد الثانية ، ويدعو لنفسه وللميت وللمؤمنين بعد الثالثة ، ويسلم بعد الرابعة ، ويقول في الصبي بعد الثالثة : اللهم اجعله لنا فرطا وذخرا شافعا مشفعا ، ولا قراءة فيها ولا تشهد ; ومن استهل وهو أن يسمع له صوت سمي ، وغسل ، وصلي عليه ، وإلا أدرج في خرقة ولم يصل عليه .
قال : ( وأولى الناس بالإمامة فيها السلطان ) لأن في التقدم عليه ازدراء به . ولما روي أن الحسين بن علي حين توفي أخوه الحسن قدم nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص وكان أميرا بالمدينة ، وقال : لولا السنة لما قدمتك .
( ثم القاضي ) لأنه في معناه .
ثم إمام الحي ) لأنه رضي بعمامته حال حياته .
( ثم الأولياء الأقرب فالأقرب ، إلا الأب فإنه يقدم على الابن ) لأن له فضيلة عليه فكان أولى . وعن أبي يوسف : الولي أولى بكل حال ، وإن تساووا في القرب فأكبرهم سنا ، وللأقرب أن يقدم من شاء لأن الحق له .
( وللولي أن يصلي إن صلى غير السلطان أو القاضي ) لأن الحق له .
[ ص: 129 ] قال : ( فإن صلى الولي فليس لغيره أن يصلي بعده ) لأن فرض الصلاة تأدى بالولي ، فلو صلوا بعده يكون نفلا ولا يتنفل بها ، ولأنه لو جاز إعادة الصلاة لأعادها الناس على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ولم يفعلوا ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - لعمر : " إن الصلاة على الميت لا تعاد ) .
قال : ( ويقوم الإمام حذاء الصدر للرجل والمرأة ) لما روى nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=10346350صلى على امرأة فقام بحذاء صدرها ، ولأن الصدر محل الإيمان والمعرفة ومعدن الحكمة ، فيكون القيام بحذائه إشارة إلى الشفاعة لإيمانه .
وعن أبي يوسف أنه يقف للرجل حذاء الصدر ، وللمرأة حذاء وسطها ؛ لأن أنسا - رضي الله عنه - فعل كذلك ، وقال : هكذا كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والأول الصحيح .
( ولا يرفع بعدها ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - " لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن " ولم يذكرها .
[ ص: 130 ] ( يحمد الله تعالى بعد الأولى ) لأن سنة الدعاء البداية بحمد الله ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يستفتح .
( ويصلي على نبيه - عليه الصلاة والسلام - بعد الثانية ) لأن ذكره - عليه الصلاة والسلام - يلي ذكر ربه تعالى . قال تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) قيل : لا أذكر إلا وتذكر معي .
( ويدعو لنفسه وللميت وللمؤمنين بعد الثالثة ) لأن المقصود منها الدعاء ، وقد قدم ذكر الله وذكر رسوله فيأتي بالمقصود فهو أقرب للإجابة .
( ويسلم بعد الرابعة ) لأنه لم يبق عليه شيء فيسلم عن يمينه وعن شماله كما في الصلاة هكذا آخر صلاة صلاها - صلى الله عليه وسلم - وهو فعل السلف والخلف إلى زماننا . قال أبو حنيفة : إن دعوت ببعض ما جاءت به السنة فحسن ، وإن دعوت بما يحضرك فحسن .
( ويقول في الصبي بعد الثالثة : اللهم اجعله لنا فرطا وذخرا شافعا مشفعا ) لأنه مستغن عن الاستغفار ، ولا يصلى على غائب لأنه إمام ومأموم وكلاهما لا يجوز مع الغيبة ، ولأنه لو جاز لصلى الناس على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سائر الأمصار ، ولو صلوا لنقل ولم ينقل . وأما صلاته على nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي فإنه كشف له حتى أبصر سريره ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - يوم مات قال لأصحابه : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10346353هذا أخوكم nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي قد مات قوموا نصلي عليه ) ، فصلى وهو يراه وصلت الصحابة بصلاته .
قال : ( ولا قراءة فيها ولا تشهد ) أما التشهد فإن محله القعود ولا قعود فيها . وأما القراءة فلقول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لم يوقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الجنازة قراءة ، لا فعلا ، ولا قولا ، كبر ما كبر الإمام ، واختر من أطيب الكلام ما شئت ، ولو قرأ الفاتحة بنية الدعاء لا بأس به ، أما بنية التلاوة مكروه .