[ ص: 192 ] وإذا أراد أن يحرم يستحب له أن يقلم أظفاره ، ويقص شاربه ، ويحلق عانته ، ثم يتوضأ أو يغتسل وهو أفضل ، ويلبس إزارا ورداء جديدين أبيضين وهو أفضل ، ولو لبس ثوبا واحدا يستر عورته جاز ، ويتطيب إن وجد ، ويصلي ركعتين ويقول : اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ، وإن نوى بقلبه أجزأه ، ثم يلبي عقيب صلاته . والتلبية : لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . فإذا نوى ولبى فقد أحرم ، فليتق الرفث والفسوق والجدال ، ولا يلبس قميصا ولا سراويل ، ولا عمامة ، ولا قلنسوة ، ولا قباء ، ولا خفين ، ولا يحلق شيئا من شعر رأسه وجسده ولا يلبس ثوبا معصفرا ونحوه ، ولا يغطي رأسه ولا وجهه ، ولا يتطيب ، ولا يغسل رأسه ولا لحيته بالخطمي ، ولا يدهن ، ولا يقتل صيد البر ، ولا يشير إليه ، ولا يدل عليه ، ويجوز له قتل البراغيث والبق والذباب والحية والعقرب والفأرة والذئب والغراب والحدأة وسائر السباع إذا صالت عليه ، ولا يكسر بيض الصيد ، ولا يقطع شجر الحرم ، ويجوز له صيد السمك ويجوز له ذبح الإبل والبقر والغنم والدجاج والبط الأهلي ، ويجوز له أن يغتسل ويدخل الحمام ، ويستظل بالبيت والمحمل ، ويشد في وسطه الهميان ، ويقاتل عدوه ، ويكثر من التلبية عقيب الصلوات ، وكلما علا شرفا أو هبط واديا أو لقي ركبا وبالأسحار .
فصل
( وإذا أراد أن يحرم يستحب له أن يقلم أظفاره ، ويقص شاربه ، ويحلق عانته ) وهو المتوارث ، ولأنه أنظف للبدن فكان أحسن .
[ ص: 193 ] ( ثم يتوضأ أو يغتسل وهو أفضل ) لأنه - صلى الله عليه وسلم - اغتسل ، ولأن المراد منه التنظيف ، والغسل أبلغ ، ولو اكتفى بالوضوء جاز كما في الجمعة ، وتغتسل الحائض أيضا لما ذكرنا أنه للتنظيف .
( وإن نوى بقلبه أجزأه ) لحصول المقصود والأول أولى ، والأخرس يحرك لسانه ، ولو نوى مطلق الحج يقع عن الفرض ترجيحا لجانبه وهو الظاهر من حاله ؛ لأن العاقل لا يتحمل المشاق العظيمة وإخراج الأموال إلا لإسقاط الفرض إذا كان عليه ، وإن نوى التطوع وقع متطوعا إذ لا دلالة مع التصريح .
( ثم يلبي عقيب صلاته ) وإن شاء إذا استوت به راحلته والأول أفضل .
[ ص: 194 ] ( والتلبية : لبيك اللهم لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) وكسر إن أصوب ليقع ابتداء ، ويرفع صوته بالتلبية . قال - عليه الصلاة والسلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346458أفضل الحج العج والثج " فالعج : رفع الصوت بالتلبية ، والثج : إسالة دم الذبائح ، ولا يخل بشيء من هذه الكلمات لأنها منقولة باتفاق الرواة ، وإن زاد جاز بأن يقول : لبيك وسعديك والخير كله في يديك لبيك إله الخلق ، غفار الذنوب إلى غير ذلك مما جاء عن الصحابة والتابعين وهي مرة شرط والزيادة سنة ، ويكون بتركها مسيئا .
قال : ( فإذا نوى ولبى فقد أحرم ) لأنه أتى بالنية والذكر كما في الصلاة فيدخل في الإحرام ( فليتق الرفث والفسوق والجدال ) لقوله تعالى : ( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) والمراد النهي عن هذه الأشياء نقلا وإجماعا ; فالرفث : الجماع ، وقيل : دواعيه ، وقيل : ذكر الجماع بحضرة النساء ، وقيل : الكلام القبيح ، والفسوق : المعاصي وهي حرام وفي الإحرام أشد ; والجدال : المخاصمة مع الرفيق والجمال وغيرهما .