وهو أفضل من الإفراد . وصفته : أن يحرم بعمرة في أشهر الحج ، ويطوف ويسعى ، ويحلق أو يقصر وقد حل ، ثم يحرم بالحج يوم التروية ، وقبله أفضل ، ويفعل كالمفرد ، ويرمل ويسعى ، وعليه دم التمتع ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة ، ولو صامها قبل ذلك وهو محرم جاز ، وسبعة إذا فرغ من أفعال الحج ، فإن لم يصم الثلاثة لم يجزه إلا الدم ( ف ) ، وإن شاء أن يسوق الهدي أحرم بالعمرة وساق وفعل ما ذكرنا وهو أفضل ، ولا يتحلل من عمرته ، ويحرم بالحج ، فإذا حلق يوم النحر حل من الإحرامين وذبح دم التمتع ، وليس لأهل مكة ومن كان داخل الميقات تمتع ولا قران ، وإن عاد المتمتع إلى أهله بعد العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه ، وإن ساق لم يبطل ( م ) .
وهو الجمع بين أفعال العمرة والحج في أشهر الحج في سنة واحدة بإحرامين بتقديم أفعال العمرة من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا ، حتى لو أحرم قبل أشهر الحج وأتى بأفعال العمرة في أشهر الحج كان تمتعا ، ولو طاف طواف العمرة قبل أشهر الحج أو أكثره لم يكن متمتعا ، والإلمام الصحيح أن يعود إلى أهله بعد أفعال العمرة حلالا .
( وهو أفضل من الإفراد ) وعن أبي حنيفة أن الإفراد أفضل ؛ لأن المفرد يقع سفره للحج والمتمتع للعمرة ، وجه الظاهر أن سفر المتمتع يقع للحج أيضا ، وتخلل العمرة بينهما لا يمنع وقوعه للحج كتخلل التنفل بين السعي والجمعة ، ولأن المتمتع يجمع بين نسكين من غير أن يلم بأهله حلالا ، ويجب فيه الدم شكرا لله تعالى ، ولا كذلك المفرد .
( إذا رجعتم ) لأنه سبب للرجوع إلى الأهل . وقيل : المراد إذا رجعتم من أفعال الحج فقد صام بعد السبب فيجوز . ولو قدر على الهدي قبل صوم الثلاثة أو بعده قبل يوم النحر لزمه الهدي وبطل صومه ؛ لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل وهو التحلل ، وإن قدر عليه بعد الحلق قبل صوم السبعة لا هدي عليه لحصول المقصود بالبدل .
[ ص: 215 ] قال : ( فإن لم يصم الثلاثة لم يجزه إلا الدم ) كذا روي عن عمر وابنه nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهم - . ولا تقضى لأنها بدل ولا بدل للبدل ، ولأن الأبدال لا تنصب قياسا ، ولا يجوز صومها أيام النحر لأنها وجبت كاملة ، فلا تتأدى بالناقص ، وإذا لم يصم الثلاثة لم يصم السبعة ؛ لأن العشر وجبت بدلا عن التحلل ، وقد فات بفوات البعض فيجب الهدي ، فإن لم يقدر على الهدي تحلل وعليه دمان : دم التمتع ، ودم لتحلله قبل الهدي .
قال : ( وإن شاء أن يسوق الهدي أحرم بالعمرة وساق وفعل ما ذكرنا وهو أفضل ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - فعل كذلك ، ولما فيه من المسارعة وزيادة المشقة ، فإن ساق بدنة قلدها بمزادة أو نعل ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - قلد هداياه ، والإشعار مكروه عند أبي حنيفة حسن عندهما . وصفته : أن يشق سنامها من الجانب الأيمن ، لهما ما روي أنه - عليه الصلاة والسلام - فعل كذلك ، وكذا روي عن الصحابة . ولأبي حنيفة أنه مثلة فيكون منسوخا لتأخير المحرم ; وقيل إنما كره أبو حنيفة الإشعار إذا جاوز الحد في الجرح ، وفعله - عليه الصلاة والسلام - كان لأن المشركين كانوا لا يمتنعون عن التعرض له إلا بالإشعار ، أما اليوم فلا .
قال : ( ولا يتحلل من عمرته ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " من لم يسق الهدي فليحل وليجعلها عمرة ، ومن ساق فلا يحل حتى ينحر معنا " روته حفصة - رضي الله عنها - .
قال : ( ويحرم بالحج ) كما تقدم .
( فإذا حلق يوم النحر حل من الإحرامين ) لأنه محلل فيتحلل به عنهما .
( وإن ساق لم يبطل ) وقال محمد : يبطل أيضا لأنه أتى بالحج والعمرة في سفرتين حقيقة ، ولهما أنه لم يصح إلمامه لبقاء إحرامه ، فكان حكم السفر الأول باقيا ، وصار كأنه بمكة فقد أتى بهما في سفر واحد حكما .