إذا وقعت في البئر نجاسة فأخرجت ثم نزحت طهرت ، وإذا وقع في آبار الفلوات من البعر والروث والأخثاء لا ينجسها ما لم يستكثره الناظر ، وخرء الحمام والعصفور لا يفسدها ( ف ) ، وإذا مات في البئر فأرة أو عصفورة أو نحوهما نزح منها عشرون دلوا إلى ثلاثين ، وفي الحمامة والدجاجة ونحوهما من أربعين إلى ستين ، وفي الآدمي والشاة والكلب جميع الماء ، وإن انتفخ الحيوان أو تفسخ نزح جميع الماء . ويعتبر في كل بئر دلوها ، وإذا لم يمكن إخراج جميع الماء نزح منها مائتا دلو إلى ثلاثمائة .
فصل
( إذا وقعت في البئر نجاسة فأخرجت ثم نزحت طهرت ) والقياس أنه لا تطهر ، لأنه إذا تنجس الماء تنجس الطين ، فإذا نزح الماء بقي الطين نجسا ، فكلما نبع الماء نجسه لكنا خالفنا القياس بإجماع السلف ، وما روي عنهم من الآثار غير معقول المعنى ، فالظاهر أنهم قالوه سماعا .
[ ص: 24 ] ( وإذا وقع في آبار الفلوات من البعر والروث والأخثاء لا ينجسها ما لم يستكثره الناظر ) لأن آبار الفلوات بغير حواجز ، والدواب تبعر حولها والرياح تلقيها فيها ، فكان في القليل ضرورة دون الكثير . وحده أن يأخذ ربع وجه الماء عن محمد ، وقيل ثلثه ، وقيل أن لا يخلو دلو من شيء منه ، والمختار ما ذكره في الكتاب وهو أن يستكثره الناظر ، وهو المروي عن صاحب المذهب - رضي الله عنه - ، والرطب واليابس والصحيح والمنكسر سواء لعموم البلوى وآبار الأمصار كذلك ، وقيل يعتبر ما ذكرنا من الضرورة .
قال : ( وخرء الحمام والعصفور لا يفسدها ) لأنه ليس ينجس على ما سيأتي إن شاء الله تعالى .
قال : ( وإذا مات في البئر فأرة أو عصفورة أو نحوهما نزح منها عشرون دلوا إلى الثلاثين ) لما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه ينزح منها دلاء ، وعن أنس عشرون دلوا ، وعن النخعي عشرون أو ثلاثون ، فالعشرون للإيجاب والثلاثون للاستحباب ، وعن محمد في الفأرتين عشرون ، وفي الثلاث أربعون ، وعن أبي يوسف في الفأرة عشرون إلى أربع ، وفي الخمس أربعون إلى تسع ، وفي العشر جميع الماء .
قال : ( وفي الحمامة والدجاجة ونحوهما من أربعين إلى ستين ) هكذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، ولأنها ضعف الفأرة فضعفنا الواجب .
( وفي الآدمي والشاة والكلب جميع الماء ) هكذا حكم nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن الزبير في بئر زمزم حين مات فيها الزنجي ، ولأنه لثقله ينزل إلى قعر البئر فيلاقي جميع الماء .
قال : ( وإن انتفخ الحيوان أو تفسخ نزح جميع الماء ) لأنه لا يخلو عن بلة نجسة فتشيع ، [ ص: 25 ] فصار كما إذا وقعت ابتداء ، ولو وقع الحيوان في البئر ثم أخرج حيا فإن كان طاهرا كالآدمي وما يؤكل لحمه ، فإن لم يكن على بدنه نجاسة لم ينزح شيء ، وإن كان على مخرجه نجاسة نزح الجميع ، وكذلك سباع الطير والوحش وهو الصحيح ، وكذلك البغل والحمار لا يصير الماء مشكوكا فيه ; لأن بدن هذه الحيوانات طاهر ، وإن وصل الماء إلى لعابه أخذ حكمه ، وذكر القدوري : إن كان الرجل محدثا نزح أربعون دلوا ، وإن كان جنبا فالجميع .
وقال محمد : إن نوى الغسل أو الوضوء يصير مستعملا فيفسد وإلا فلا . وعن أبي حنيفة - رضي الله عنه - في الكافر ينزح جميع الماء فإنه لا يخلو بدنه من النجاسة غالبا .
قال : ( ويعتبر في كل بئر دلوها ) لأن السلف أطلقوا فينصرف إلى المعتاد كما في النقود; وعن أبي حنيفة أنه قدره بالصاع .
( وإذا لم يمكن إخراج جميع الماء نزح منها مائتا دلو إلى ثلثمائة ) لأن غالب ماء الآبار لا يزيد على ذلك ، وهذا أيسر على الناس ، وهو المروي عن محمد . وقال أبو حنيفة : ينزح حتى يغلبهم الماء ولم يقدر فيه شيئا ، فيعمل بغلبة الظن ، فيرجع إلى قول رجلين لهما معرفة بذلك . وإذا نزح ما وجب نزحه وحكم بطهارة البئر طهر الدلو والرشا والبكرة ونواحيها ويد المستقى ، مروي ذلك عن أبي يوسف - رحمه الله - .