ويجوز مع الإقرار والسكوت ( ف ) والإنكار ( ف ) ; فإن كان عن إقرار وهو بمال عن مال فهو كالبيع ، وإن كان بمنافع عن مال فهو كالإجارة فإن استحق فيه بعض المصالح عنه رد حصته من العوض ، وإن استحق الجميع رد الجميع ، وإن استحق كل المصالح عليه رجع بكل المصالح عنه ، وفي البعض بحصته ، والصلح عن سكوت أو إنكار معاوضة في حق المدعي ، وفي حق المدعى عليه لافتداء اليمين ، وإن استحق فيه المصالح عليه رجع إلى الدعوى في كله وفي البعض بقدره ، وإن استحق المصالح عنه رد العوض ، وإن استحق بعضه رد حصته ورجع بالخصومة فيه ، وهلاك البدل كاستحقاقه في الفصلين ، ويجوز الصلح عن مجهول ( ف ) ، ولا يجوز إلا على معلوم ، ويجوز عن جناية العمد والخطأ ، ولا يجوز عن الحدود ، ولو ادعى على امرأة نكاحا فجحدت ثم صالحته على مال ليترك الدعوى جاز ، ولو صالحها على مال لتقر له بالنكاح جاز ، ولو ادعت المرأة النكاح فصالحها جاز ، وإن ادعى على شخص أنه عبده فصالحه على مال جاز ولا ولاء عليه . عبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر فصالحه الآخر على أكثر من نصف قيمته لم يجز ، ويجوز صلح المدعي المنكر على مال ليقر له بالعين ، والفضولي إن صالح على مال وضمنه أو سلمه أو قال : على ألفي هذه صح ، وإن قال : على ألف لفلان يتوقف على إجازة المصالح عنه ، والصلح عما استحق بعقد المداينة أخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي وليس معاوضة ، فإن صالحه على ألف درهم بخمسمائة ، أو عن ألف جياد بخمسمائة زيوف ، أو عن حالة بمثلها مؤجلة جاز ، ولو صالحه على دنانير موجلة لم يجز ، ولو صالحه عن ألف سود بخمسمائة بيض لا يجوز ، ولو قال له : أد إلي غدا خمسمائة على أنك بريء من خمسمائة ، فلم يؤدها إليه فالألف بحالها ( س ) .
ولو صالح أحد الشريكين عن نصيبه بثوب ، فشريكه إن شاء أخذ منه نصف الثوب إلا أن يعطيه ربع الدين ، وإن شاء اتبع المديون بنصفه ، ولا يجوز صلح أحدهما في السلم على أخذ نصيبه من رأس المال ، وإن صالح الورثة بعضهم عن نصيبه بمال أعطوه والتركة عروض جاز قليلا أعطوه أو كثيرا ، وكذلك إن كانت أحد النقدين فأعطوه خلافه ، وكذلك لو كانت نقدين فأعطوه منهما ، ولو كانت نقدين وعروضا فصالحوه على أحد النقدين فلا بد أن يكون أكثر من نصيبه من ذلك الجنس ، ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا ، وإن كان في التركة ديون فأخرجوه منها على أن يكون لهم لا يجوز ، وإن شرطوا براءة الغرماء جاز .
قال : ( ويجوز مع الإقرار والسكوت والإنكار ) لإطلاق ما روينا من النصوص . قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : أجود ما يكون الصلح عن إنكار ; لأن الحاجة إلى جوازه أمس ; لأن الصلح لقطع المنازعات وإطفاء الثائرات ، وهو في الصلح عن الإنكار أبلغ ، وللحاجة أثر في تجويز المعاقدات ، ففي إبطاله فتح باب المنازعات .
قال : ( فإن كان عن إقرار وهو بمال عن مال فهو كالبيع ) لوجود معنى البيع وهو مبادلة [ ص: 9 ] مال بمال بتراضي المتعاقدين والعبرة للمعاني ، فيثبت فيه خيار الرؤية والعيب والشرط والشفعة ، ويشترط القدرة على تسليم البدل ، ويفسده جهالة البدل لإفضائها إلى المنازعة ، ولا تفسده جهالة المصالح عنه ; لأنه إسقاط .
قال : ( وإن كان بمنافع عن مال فهو كالإجارة ) لوجود معنى الإجارة ، وهو تمليك المنافع بمال حتى تبطل بموت أحدهما في المدة كما في صورة الإجارة ( فإن استحق فيه بعض المصالح عنه رد حصته من العوض ، وإن استحق الجميع رد الجميع ) ; لأنه مبادلة كالبيع ، وحكم البيع كذلك ( وإن استحق كل المصالح عليه رجع بكل المصالح عنه وفي البعض بحصته ) ; لأنه مبادلة لما مر .
قال : ( والصلح عن سكوت أو إنكار معاوضة في حق المدعي ) ; لأن من زعمه أنه يأخذ عوضا عن ماله وأنه محق في دعواه ( وفي حق المدعي عليه لافتداء اليمين ) ; لأن من زعمه أن لا حق عليه وأن المدعي مبطل في دعواه ، وإنما دفع المال لئلا يحلف ولتنقطع الخصومة .
( وإن استحق فيه المصالح عليه رجع إلى الدعوى في كله وفي البعض بقدره ) ; لأنه ما ترك الدعوى إلا ليسلم له المصالح عليه ، فإذا لم يسلم له رجع إلى دعواه لأنه البدل .
( وإن استحق المصالح عنه رد العوض ) ورجع بالخصومة ( وإن استحق بعضه رد حصته ورجع بالخصومة فيه ) ; لأن المدعى عليه إنما بذل العوض ليدفع الخصومة عنه ، فإذا استحقت الدار ظهر أن لا خصومة فبطل غرضه فيرجع بالعوض ، وفي البعض خلا المعوض عن بعض العوض فيرجع بقدره .
( وهلاك البدل ) قبل التسليم ( كاستحقاقه في الفصلين ) قال : ( ويجوز الصلح عن مجهول ) ; لأنه إسقاط ( ولا يجوز إلا على معلوم ) ; لأنه تمليك فيؤدي إلى المنازعة .
[ ص: 10 ] والصلح على أربعة أوجه : معلوم على معلوم ، ومجهول على معلوم وهما جائزان - وقد مر الوجه فيهما - ، ومجهول على مجهول ، ومعلوم على مجهول وهما فاسدان . فالحاصل أن كل ما يحتاج إلى قبضه لا بد أن يكون معلوما ; لأن جهالته تفضي إلى المنازعة ، وما لا يحتاج إلى قبضه يكون إسقاطا ولا يحتاج إلى علمه به ; لأنه لا يفضي إلى المنازعة ، ولو ادعى حقا في دار لرجل ولم يسمه ، وادعى المدعى عليه حقا في أرضه فاصطلحا على أن يدفع أحدهما مالا إلى الآخر لا يجوز ، وإن اصطلحا على أن يترك كل واحد منهما دعواه جاز ; لأنه لا يحتاج إلى التسليم وفي الأولى يحتاج إليه ، ولو ادعى دارا فصالحه على قدر معلوم منها جاز ، ويصير كأنه أخذ بعض حقه وأبرأه عن دعوى الباقي ، والبراءة عن العين وإن لم تصح لكن البراءة عن الدعوى تصح ، فصححناه على هذا الوجه قطعا للمنازعة .
قال : ( ويجوز ) الصلح ( عن جناية العمد والخطأ ) في النفس وما دونها لإطلاق النصوص ولقوله - تعالى - : ( فمن عفي له من أخيه شيء ) نزلت عقيب ذكر القصاص ، ومعناه : فمن عفي له من دم أخيه شيء : أن ترك القصاص ورضي بالمال ، يدل عليه قوله - تعالى - : ( فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ) أي يتبع الطالب المطلوب بما صالحه عليه أو بالدية ، ولا يطلب أكثر من حقه ، ويؤدي المطلوب إلى الطالب ما وجب عليه من المال من غير مماطلة ، مروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره ، وهذا في العمد .
وأما الخطأ فلأن الواجب هو المال فأشبه سائر الديون ، إلا أنه لو صالح في العمد على أكثر من الدية جاز ; لأن الواجب القصاص وليس بمال ، وفي الخطأ لو صالح على أكثر من الدية لا يجوز ; لأن الواجب المال فالزيادة ربا ، وهذا إذا صالحه على نوع من أنواع الدية .
أما إذا صالحه على نوع آخر كالحنطة والشعير ونحوهما فإنه يجوز بالغة ما بلغت ; لأنها من خلاف الواجب فلا ربا .
وفي الخطأ تجب الدية ; لأنه الموجب الأصلي فمتى فسد العوض رجع إليه كما في النكاح متى فسد المسمى يرجع إلى مهر المثل ; لأنه موجب أصلي لا ينفك عنه النكاح إلا بتسمية غيره ، [ ص: 11 ] فإذا عدمت التسمية أو فسدت رجع إليه ، ولا كذلك العمد ، ولو صالحه بعفو عن دم على عفو عن دم آخر جاز كالخلع ، ولو قطعت يده فصالحته على أن يتزوجها وقد برأت يده جاز ; لأنه صالحها على أرش وجب له عليها وسقط الأرش ، وإن مات منها لها مهر مثلها وعليها الدية في ثلاث سنين ; لأنه ظهر أن حقه في القتل فلم تصح التسمية ، ولو استحق العبد المصالح عليه رجع بقيمته في العمد وبالدية في الخطأ وقد عرف وجهه ، ولو وجد عيبا يسيرا رده في الخطأ ولا يرد في العمد إلا بالفاحش فيرده ويأخذ قيمته ; لأن الصلح في الخطأ يحتمل الفسخ لوقوعه عن مال ، وفي العمد لا يحتمل الفسخ ; لأنه عن القصاص وقد سقط فلا سبيل إلى استرداده فيرجع بقيمة العوض كالنكاح والخلع .
ولو صالحه الإمام في الظلة ونحوها جاز إذا رأى ذلك مصلحة للمسلمين ويضع بدله في بيت المال كما إذا باع شيئا من بيت المال .
قال : ( ولو ادعى على امرأة نكاحا فجحدت ثم صالحته على مال ليترك الدعوى جاز ) ; لأنه أمكن تصحيحه على وجه الخلع ويكون في حقها لدفع الخصومة ، ويحرم عليه ديانة إذا كان مبطلا ( وهو صالحها على مال لتقر له بالنكاح جاز ) ويجعل زيادة في المهر ; لأنها تزعم أنها زوجت نفسها منه ابتداء بالمسمى وهو يزعم أنه زاد في مهرها ( ولو ادعت المرأة النكاح فصالحها ) على مال ( جاز ) وقيل لا يجوز ، وجه الجواز جعله زيادة في المهر ، ووجه عدم الجواز وهو الأصح أنه إنما أعطاها المال لتترك الدعوى ، فإن تركتها وكان فرقة فهو لا يعطي في الفرقة البدل ، وإن لم تترك الدعوى فما حصل له غرضه فلا يصح .
قال : ( وإن ادعى على شخص أنه عبده فصالحه على مال جاز ولا ولاء عليه ) ; لأنه أمكن تصحيحه بجعله في حق المدعي كالعتق على مال ، وفي حق المدعى عليه لدفع الخصومة ; لأنه يزعم أنه حر الأصل فلهذا لم يكن عليه ولاء لإنكاره ، فإن أقام المدعي بينة بعد ذلك أنه عبده لم [ ص: 12 ] تقبل ; لأن من زعمه أنه أعتقه على مال ، وأن العبد اشترى نفسه بهذا المال ، لكن يثبت الولاء عملا بالبينة .
قال : ( عبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر فصالحه الآخر على أكثر من نصف قيمته لم يجز ) الفضل ; لأن القيمة منصوص عليه ، قال - صلى الله عليه وسلم - : " قوم عليه باقيه " فلا يجوز الزيادة عليه ، ولو صالحه على عوض جاز لعدم الجنسية فلا ربا .
قال : ( والفضولي إن صالح على مال وضمنه أو سلمه ، أو قال : على ألفي هذه صح ) ولزمه تسليم المال ، ولا يرجع على المدعى عليه بشيء لأنه تبرع ، وإنما صح الصلح لأنه أضافه إلى نفسه أو إلى ماله . والحاصل للمدعى عليه البراءة ، ولا ضرر عليه في ذلك فيصح ، وصار كالكفالة بغير أمر المديون ( وإن قال : على ألف لفلان يتوقف على إجازة المصالح عنه ) إن أجازه جاز ولزمه الألف ، وإن لم يجزه بطل كالخلع والنكاح وغيرهما من تصرفات الفضولي ، ولو قال : صالحتك على ألف وسكت قيل ينفذ ويجب عليه ; لأنه أضاف العقد إلى نفسه كقوله اشتريت ، وقيل يتوقف على إجازة المدعي عليه ; لأن الإضافة لم تتحقق إليه ; لأن الفعل كما يقع لنفسه يقع لغيره ، وإنما يعتبر واقعا له إذا كان له فيه منفعة ، ولا منفعة له هنا وإنما المنفعة للمدعى عليه فاعتبر واقعا له ، بخلاف قوله صالحني ; لأن الياء كناية عن المفعول فقد جعل نفسه مفعول الصلح فيقع له .
قال : ( والصلح عما استحق بعقد المداينة أخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي وليس معاوضة ) [ ص: 13 ] لأنا لو اعتبرناه معاوضة يكون ربا ، وتصحيح تصرفه واجب ما أمكن ، وقد أمكن بما ذكرناه من الطريق فيصار إليه .
( فإن صالحه على ألف درهم بخمسمائة ، أو عن ألف جياد بخمسمائة زيوف ، أو عن حالة بمثلها مؤجلة جاز ) ففي الأولى أسقط بعض حقه ، وفي الثانية بعضه والصفة ، وفي الثالثة تعذر جعله معاوضة النقد بالنسيئة لحرمته فحملناه على تأجيل نفس الحق ، وكل ذلك حقه فله إسقاطه .
( ولو صالحه على دنانير مؤجلة لم يجز ) ; لأنه بيع الدراهم بالدنانير نسيئة ، وإنه لا يجوز ; لأنها ليست من جنس الحق المستحق ليكون إسقاطا لبعضه وتأجيلا لبعضه فتعين ما ذكرناه ، ولو صالحه على ألف مؤجلة بخمسمائة حالة لم يجز ; لأنه اعتياض عن الأجل ، ولا يجوز ; لأن المعجلة خير من المؤجلة ، فيكون التعجيل بإزاء ما حط عنه فلا يصح .
قال : ( ولو صالحه عن ألف سود بخمسمائة بيض لا يجوز ) ; لأن البيض غير مستحقة فيكون معاوضة وإنه لا يجوز .
( ولو قال له : أد إلي غدا خمسمائة على أنك بريء من خمسمائة فلم يؤدها إليه فالألف بحالها ) ، وقال أبو يوسف : سقط خمسمائة ، وأجمعوا أنه لو أدى خمسمائة غدا برئ ، لأبي يوسف أنه إبراء مطلق ; لأنه جعل الأداء عوضا عن الإبراء نظرا إلى كلمة على ، والأداء لا يصلح أن يكون عوضا لوجوبه عليه فصار ذكره كعدمه . ولهما أنه إبراء مقيد بشرط الأداء ، وأنه غرض صالح حذرا من إفلاسه أو ليتوسل بها إلى ما هو الأنفع من تجارة رابحة أو قضاء دين أو دفع حبس ، فإذا فات الشرط بطل الإبراء ، وكلمة على تحتمل الشرط فيحمل عليه عند تعذر المعاوضة تصحيحا لكلامه وعملا بالعرف .
ولو قال : أبرأتك من خمسمائة من الألف على أن تعطيني الخمسمائة غدا صح الإبراء ، أعطى الخمسمائة أو لم يعط ; لأنه أطلق الإبراء ووقع الشك في تعليقه بالشرط فلا يتقيد ، بخلاف [ ص: 14 ] المسألة الأولى لأنه من حيث إنه لا يصلح عوضا يقع مطلقا ، ومن حيث إنه يصلح شرطا لا يقع مطلقا فلا يثبت الإطلاق بالشك .
قال : ( ولو صالح أحد الشريكين عن نصيبه بثوب فشريكه إن شاء أخذ منه نصف الثوب ) ; لأن له حق المشاركة لأنه عوض عن دينه ، فإذا اختار ذلك فقد أجاز فعل الشريك ( إلا أن يعطيه ربع الدين ) لأنه حقه في الدين لا في الثوب ( وإن شاء اتبع المديون بنصفه ) لبقاء حصته في ذمته ; لأنه لم يأذن له بالدفع إلى غيره ، والدين المشترك كالموروث وقيمة عين مستهلكة بينهما وثمن مبيع ونحوه .
قال : ( ولا يجوز صلح أحدهما في السلم على أخذ نصيبه من رأس المال ) عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - ويتوقف على إجازة شريكه ، فإن رد بطل أصلا وبقي المسلم فيه بينهما على حاله ، وإن أجاز نفذ عليهما فيكون نصف رأس المال بينهما ، وباقي الطعام بينهما ; لأنه قسمة الدين قبل قبضه فلا يجوز ، كما إذا كان لهما على رجل دراهم وعلى آخر دنانير ، فتصالحا على أن لهذا الدراهم ولهذا الدنانير فإنه لا يصح .
وبيان كونه قسمة أنه يمتاز أحد النصيبين عن الآخر ولأنه فسخ على شريكه عقده ، فلا يجوز ; لأن العقد صدر منهما ، ولهذا يرجع عليه بنصف رأس المال إذا توى الباقي على المطلوب . وقال أبو يوسف - رحمه الله - : جاز الصلح وله نصف رأس المال ، وصاحبه إن شاء شاركه فيما قبض وإن شاء اتبع المطلوب بنصفه ، إلا إذا توى عليه فيرجع على شريكه ، له الاعتبار بسائر الديون ، وبما إذا اشتريا عبدا فأقال أحدهما في نصيبه .
[ ص: 15 ] قال : ( وإن صالح الورثة بعضهم عن نصيبه بمال أعطوه والتركة عروض جاز قليلا أعطوه أو كثيرا ) لما بينا أنه في معنى البيع ، وعثمان - رضي الله عنه - - صالح تماضر امرأة عبد الرحمن بن عوف عن ربع الثمن ، وكان له أربع نسوة على ثمانين ألف دينار بمحضر من الصحابة - رضي الله عنهم - من غير نكير .
قال : ( وكذلك إن كانت أحد النقدين فأعطوه خلافه ) ; لأن بيع الجنس بخلافه جائز ( وكذلك لو كانت نقدين فأعطوه منهما ) ويصرف كل واحد منهما إلى خلاف جنسه ، وقد مر في البيوع ، ثم إن كان في يده شيء من التركة ، إن كان مقرا به يكون أمانة ، فلا بد من تجديد القبض فيه ; لأنه أضعف من قبض الصلح فلا ينوب عنه ، وإن كان جاحدا له صار مضمونا عليه فينوب عن قبض الصلح ( ولو كانت نقدين وعروضا فصالحوه على أحد النقدين ، فلا بد أن يكون أكثر من نصيبه من ذلك الجنس ) ليكون نصيبه بمثله والزيادة بحقه من بقية التركة تحرزا عن الربا ( ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا ) لعدم تحقق الربا ، وكل موضع يقابل فيه أحد النقدين بالآخر يشترط القبض بالمجلس لأنه صرف .
قال : ( وإن كان في التركة ديون فأخرجوه منها على أن تكون لهم لا يجوز ) ; لأنه تمليك الدين من غير من عليه الدين ( وإن شرطوا براءة الغرماء جاز ) ; لأنه إسقاط أو تمليك الدين ممن هو عليه وإنه جائز ، وإن كان على الميت دين لا يصالحون ولا يقسمون حتى يقضوا دينه لتقدم حاجته ، ولقوله - تعالى - : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) وإن قسموها ، فإن كان الدين مستغرقا للتركة بطلت ; لأنه لا ملك لهم فيها ، وإن كان غير مستغرق جاز استحسانا لا قياسا ، والله سبحانه أعلم .