ولا يجوز نكاح العبد والأمة والمدبر وأم الولد إلا بإذن المولى ، ويملك إجبارهم على النكاح ، وإذا تزوج العبد بإذن مولاه فالمهر دين في رقبته يباع فيه والمدبر يسعى ، وإذا أعتقت الأمة أو المكاتبة ولها زوج حر أو عبد فلها الخيار ، ومن زوج أمته فليس عليه أن يبوئها بيت الزوج لكنها تخدم المولى ، ويقال له : متى ظفرت بها وطئتها ، وإن تزوج عبد بغير إذن مولاه فقال له المولى طلقها فليس بإجازة ، ولو قال طلقها تطليقة رجعية فهو إجازة ، والإذن في العزل لمولى الأمة ( سم ) ، وإذا تزوج عبد أو أمة بغير إذن المولى ثم أعتقا نفذ النكاح ولا خيار للأمة .
( ويملك إجبارهم على النكاح ) صيانة لملكه وتحصينا له عن الزنا الذي هو سبب هلاكهم أو نقصانهم ، وهذا المعنى يشمل العبد والأمة ، وليس للمولى أن يزوج المكاتب والمكاتبة بغير رضاهما لخروجهما عن يده على ما نبينه في المكاتب ، ولا يجوز نكاحهما إلا بإذن المولى للرق الثابت فيهما بالحديث ، ويملك المكاتب تزويج أمته لأنه من الاكتساب ، ولا يملك تزويج العبد لأنه خسران لا اكتساب ، ولو زوج أمته من عبده بغير مهر جاز ولا مهر لها ، وقيل يجب حقا للشرع ثم يسقط .
قال : ( وإذا تزوج العبد بإذن مولاه فالمهر دين في رقبته يباع فيه ) ; لأنه دين وجب في رقبته بفعله وقد ظهر في حق المولى حيث وقع بإذنه فيتعلق برقبته دفعا للضرر عن المرأة ، كما في ديون المأذون للتجارة ( والمدبر يسعى ) ; لأنه لا يجوز بيعه فيؤدي من كسبه وكذلك ولد أم الولد من غير سيدها .
قال : ( وإذا أعتقت الأمة أو المكاتبة ولها زوج حر أو عبد فلها الخيار ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - nindex.php?page=showalam&ids=216لبريرة حين أعتقت " ملكت بضعك فاختاري " جعل العلة المبتة للخيار معنى فيها وهو ملك البضع فيترتب عليه ، ويستوي فيه الحر والعبد لعموم العلة ، على أنه روي أن زوجها كان [ ص: 147 ] حرا وهي راجحة على رواية أنه كان عبدا لأن الأصل الحرية ، ولأنه ازداد الملك عليها في الفصلين فيثبت لها الخيار فيهما دفعا للضرر عنها .
قال : ( ومن زوج أمته فليس عليه أن يبوئها بيت الزوج لكنها تخدم المولى ، ويقال له متى ظفرت بها وطئتها ) ; لأن حق المولى في الخدمة باق والتبوئة إبطال له فلا يلزمه ذلك ، ولو شرط في العقد أن لا يستخدمها بطل الشرط ، فإن بوأها بيتا معه فله أن يستخدمها وتبطل التبوئة ; لأن الموجب للخدمة الملك وهو باق فلا تبطله التبوئة .
قال : ( وإن تزوج عبد بغير إذن مولاه فقال له المولى طلقها فليس بإجازة ) ; لأنه يحتمل الرد وهو الظاهر هنا حيث تزوج بغير أمره وافتات عليه ، ورد هذا العقد يسمى طلاقا فيحمل عليه ، وكذا لو قال فارقها ، وبل أولى ( ولو قال طلقها تطليقة رجعية فهو إجازة ) ; لأن الطلاق الرجعي إنما يكون في النكاح الصحيح النافذ ، ولو أذن العبد في النكاح ينتظم الصحيح والفاسد ، وقالا : هو على الصحيح خاصة ; لأن المراد من النكاح الإعفاف وذلك بالدوام عليه ، وأنه في الصحيح دون الفاسد ، ولأن الاسم عند الإطلاق يقع على الصحيح كما في اليمين . ولأبي حنيفة أن اللفظ يجري على إطلاقه كما مر في البيع ، ولئن قال البيع الفاسد يفيد بعض التصرفات كالعتق والملك وغيره . قلنا والنكاح الفاسد أيضا يفيد بعض التصرفات كالنسب والعدة والمهر ، ومسألة اليمين ممنوعة ، ولئن سلمت فالأيمان مبناها على العرف ، وثمرة الاختلاف أنه لو تزوج امرأة نكاحا فاسدا انتهى الأمر عنده فليس له أن يتزوج أخرى . وعندهما له أن يتزوج غيرها نكاحا صحيحا ; لأن الأول لم يدخل تحت الأمر فيبقى الأمر ، وليس له أن يتزوج إلا امرأة واحدة لأن الأمر لا يقتضي التكرار إلا أن يقول له تزوج ما شئت فيجوز له أن يتزوج ثنتين .
[ ص: 148 ] قال : ( والإذن في العزل لمولى الأمة ) وقالا : إليها لأن الوطء حقها والعزل تنقيص له فيشترط رضاها . ولأبي حنيفة أن العزل يخل بحق المولى وهو حصول الولد الذي هو ملكه فيشترط رضاه ، بخلاف الحرة لأن الولد والوطء حقها .
قال : ( وإذا تزوج عبد أو أمة بغير إذن المولى ثم أعتقا نفذ النكاح ) ; لأنهما من أهل العبارة ، والتوقف لحق المولى وقد زال ( ولا خيار للأمة ) ; لأنه إنما نفذ بعد العتق فصار كأنها تزوجت بعد العتق ، ولو تزوجت ودخل بها الزوج ثم أعتقها المولى جاز النكاح لما بينا ، والمهر للمولى لأنه استوفى منفعة مملوكة للمولى ، والقياس أن يجب مهر آخر ، إلا أنا استحسنا وقلنا يجب مهر واحد ; لأن الجواز استند إلى أصل العقد ، ولو أعتقها ثم دخل بها فالمهر لها لأنه استوفى منفعة مملوكة لها .