وألفاظ الشرط : " إن " و " إذا " و " إذا ما " و " متى " و " متى ما " و " كل " و " كلما " ، فإذا علق الطلاق بشرط وقع عقيبه وانحلت اليمين وانتهت إلا في " كلما " ، ولا يصح التعليق إلا أن يكون الحالف مالكا كقوله لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق ، أو يقول لعبده : إن كلمت زيدا فأنت حر ، أو يضيفه إلى ملك كقوله لأجنبية : إن تزوجتك فأنت طالق ، أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق أو كل عبد أشتريه فهو حر . وزوال الملك لا يبطل اليمين ، فإن وجد الشرط في ملك انحلت ووقع الطلاق ، وإن وجد في غير ملك انحلت ولم يقع شيء ، وإذا اختلفا في وجود الشرط فالقول للزوج والبينة للمرأة ، وما لا يعلم إلا من جهتها فالقول قولها في حق نفسها ، كقوله : إن حضت فأنت طالق وفلانة ، فقالت حضت طلقت هي خاصة ، وكذا التعليق بمحبتها ، ولو قال : إن كنت تحبين أن يعذبك الله بنار جهنم فأنت طالق ، وعبدي حر ، فقالت أحب طلقت ولم يعتق العبد ، ولو قال : إن ولدت غلاما فأنت طالق واحدة ، وإن ولدت جارية فثنتين فولدتهما ولا يدرى أيهما أولا طلقت واحدة ، وفي التنزه ثنتين ، ولو قال لها : إن جامعتك فأنت طالق ثلاثا فأولجه ولبث ساعة فلا شيء عليه ، وإن نزعه ثم أولجه فعليه مهر ، ولو كان الطلاق رجعيا تحصل المراجعة بالإيلاج الثاني .
قال : ( وألفاظ الشرط : " إن " و " إذا " و " إذا ما " و " متى " و " متى ما " و " كل " و " كلما " ) لأنها مستعملة فيه وضعا . أما ( إن ) فشرط محض ليس فيه معنى الوقت وما وراءها فيها معنى الوقت على ما بيناه ، وكلمة ( كل ) ليست بشرط لأنها يليها الاسم ، والشرط ما يليه الفعل لأنه يتعلق به الجزاء وهو فعل ، إلا أنه لتعلق الفعل بالاسم الذي يليها ألحق بالشرط ، مثل قوله : كل عبد اشتريته فهو حر . قال : ( فإذا علق الطلاق بشرط وقع عقيبه وانحلت اليمين وانتهت ) لأن الفعل إذا وجد ثم الشرط فلا تبقى اليمين ( إلا في كلما ) فإنها لعموم الأفعال ، قال تعالى : ( كلما نضجت جلودهم ) الآية ، وإذا كانت للعموم يلزم التكرار ضرورة حتى تقع الثلاث المملوكات في النكاح القائم ، فلو تزوجها بعد زوج آخر ووجد الشرط لم يقع شيء خلافا لزفر لمقتضى العموم . ولنا أنه إنما علق ما يملكه من الطلقات ، وقد انتهى ذلك وهو الجزاء فتنتهي اليمين ضرورة .
قال : ( ولا يصح التعليق إلا أن يكون الحالف مالكا كقوله لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق ، أو يقول لعبده : إن كلمت زيدا فأنت حر ، أو يضيفه إلى ملك كقوله لأجنبية : إن تزوجتك فأنت طالق ، أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق ، أو كل عبد أشتريه فهو حر ) لأنه لا بد أن يكون الجزاء ظاهرا ليكون مخوفا ليتحقق معنى اليمين وهو القوة على المنع أو الحمل ، ولا ظهور له إلا بأحد هذين .
[ ص: 186 ] قال : ( وزوال الملك لا يبطل اليمين ) لأنه لم يوجد الشرط ، ( فإن وجد الشرط في ملك انحلت ) اليمين ( ووقع الطلاق ) ، لأن الشرط وجد والمحل قابل للجزاء فينزل وينتهي اليمين لما مر .
( وإن وجد في غير ملك انحلت ) لوجود الشرط ( ولم يقع شيء ) لعدم قبول المحل ، وفي ( كلما ) لا تنحل اليمين بوجود الشرط حتى يقع الثلاث على ما بيناه ، ( وإذا اختلفا في وجود الشرط فالقول للزوج ) لأنه منكر ومتمسك بالأصل وهو العدم ، ( والبينة للمرأة ) لأنها مدعية مثبتة .
قال : ( وما لا يعلم إلا من جهتها فالقول قولها في حق نفسها ، كقوله : إن حضت فأنت طالق وفلانة ، فقالت حضت طلقت هي خاصة ) ، والقياس أن لا تطلق لأنه شرط كغيره من الشروط . وجه الاستحسان أنها أمينة في ذلك ولا يعرف إلا من جهتها ، وقد اعتبر الشرع قولها في ذلك في العدة والوطء ، فكذا هذا إلا أنه في حق ضرتها شهادة وهي متهمة فلا يقبل قولها وحدها .
قال : ( ولو قال لها : إن جامعتك فأنت طالق ثلاثا فأولجه ولبث ساعة فلا شيء عليه ، وإن نزعه ثم أولجه فعليه مهر ، ولو كان الطلاق رجعيا تحصل المراجعة بالإيلاج الثاني ) ، وعن أبي يوسف : أنه يجب المهر باللبث في الثلاث ويصير مراجعا به في الواحدة لوجود الجماع بالدوام عليه ، إلا أنه لا يجب الحد للاتحاد . ولهما أن الجماع إدخال الفرج ولا دوام للإدخال . أما إذا أخرج ثم أدخل فقد وجد الإدخال بعد الطلاق ، ولم يجب الحد لشبهة الاتحاد من حيث المجلس والمقصود ، وإذا لم يجب الحد يجب العقر ، لأن الوطء لا يخلو عن أحدهما .