( وعلى المعتدة من نكاح صحيح عن وفاة أو طلاق بائن إذا كانت بالغة مسلمة حرة أو أمة الحداد ) ويقال الإحداد . والأصل فيه ما روي : " أن امرأة مات عنها زوجها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في الانتقال فقال : كانت إحداكن تمكث في أشر أحلاسها إلى الحول ، أفلا أربعة أشهر وعشرا ؟ " ، فدل أنه يلزمها أن تقيم في شر أحلاسها أربعة أشهر وعشرا . وقال [ ص: 230 ] عليه الصلاة والسلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346786لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت ثلاثة أيام فما فوقها إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا " ، وروي أنه عليه الصلاة والسلام : " نهى المعتدة أن تختضب بالحناء وقال : الحناء طيب " ، وأنه عام في كل معتدة ، ولأنه لما حرم عليها النكاح في العدة أمرت بتجنب الزينة حتى لا تكون بصفة الملتمسة للأزواج وأنه يعم الفصلين ، ولأنها وجبت إظهارا للتأسف على فوت نعمة النكاح الذي كان سبب مئونتها وكفايتها من النفقة والسكنى وغير ذلك ، وأنه موجود في المبتوتة والمتوفى عنها .
قال : ( وهو ترك الطيب والزينة والكحل والدهن والحناء إلا من عذر ) لنهيه عليه الصلاة والسلام عن الحناء ، وقوله : " الحناء طيب " ، فدل على أن الطيب محظور عليها ، ويدخل فيه الثوب المطيب والمعصفر والمزعفر حتى قالوا : لو كان غسيلا لا ينفض جاز لأنه لم يبق له رائحة ، فإن لم يكن لها إلا ثوب واحد مصبوغ لا بأس به لأنه عذر ، ولا تمتشط لأنه زينة ، فإن كان فالأسنان المنفرجة دون المضمومة ، ولا تلبس حليا لأنه زينة ، ولا تلبس قصبا ولا خزا لأنه زينة . وعن أبي يوسف لا بأس بالقصب والخز الأحمر . فالحاصل أن ذلك يلبس للحاجة ويلبس للزينة فيعتبر القصد في لبسه ، وقد صح " أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأذن للمبتوتة في الاكتحال " بخلاف حالة التداوي لأنه عذر ، فكان ضرورة دون التزين ، وكذا إذا خافت من ترك الدهن والكحل حدوث مرض بأن كانت معتادة لذلك يباح لها ذلك .
( والأمة تخرج لحاجة المولى في العدتين في الوقتين جميعا ) لما في المنع من إبطال حقه ، وحق العبد مقدم على حق الله تعالى ، وإن كان المولى بوأها لم تخرج ما دامت على ذلك إلا أن يخرجها المولى ، وكذلك المكاتبة والكتابية تخرج إلا إذا منعها الزوج لصيانة مائه ، والمجنونة والمعتوهة كالذمية ، والصبية تخرج لأنها لا يلزمها العبادات ، ولا حق للزوج لأنه لحفظ الولد ، ولا ولد إلا في الطلاق الرجعي ، فلا تخرج إلا بإذن الزوج لبقاء الزوجية على ما مر .
قال : ( إلا أن ينهدم أو تخرج منه أو لا تقدر على أجرته فتنتقل ) لما يلحقها من الضرر في ذلك . أما إذا انهدم فلأن السكنى في الخربة لا تأمن على نفسها ومالها ، ثم قيل تنتقل حيث شاءت إلا أن تكون مبتوتة فتنتقل إلى حيث شاء الرجل لأنه المخاطب بقوله تعالى : ( أسكنوهن ) وإذا حولها الورثة أو صاحب المنزل فهي معذورة في ذلك . وروي عن علي بن [ ص: 232 ] أبي طالب رضي الله عنه أنه نقل ابنته أم كلثوم لما قتل عمر رضي الله عنه لأنها كانت في دار الإمارة ، وعائشة رضي الله عنها نقلت أختها لما قتل طلحة رضي الله عنه ، ولو طلب منها أكثر من أجرة المثل فلما يلحقها من الضرر ، وصار كثمن الماء للمسافر يجوز له التيمم إذا كان بأكثر من ثمن المثل ، ولو أبانها والمنزل واحد يجعل بينه وبينها سترة ، وكذلك الورثة في الوفاة ، فإن لم يجعلوا انتقلت تحرزا عن الفتنة ، وإذا كان المطلق غائبا وطلب أهل المنزل الأجرة أعطتهم بإذن القاضي ويصير دينا على الزوج .