[ ص: 261 ] ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه ، ولو كان المالك صبيا أو مجنونا ، والمكاتب يتكاتب عليه قرابة الولاد لا غير ( سم ) ، ومن أعتق عبده للصنم أو للشيطان عتق وكان عاصيا ، ومن أعتق حاملا عتق حملها معها ، وإن أعتق حملها عتق خاصة ، والولد يتبع الأم في الحرية والرق والتدبير ، وولد الأمة من مولاها حر ، وولد المغرور حر بالقيمة ، ومن أعتق عبده على مال فقبل عتق ولزمه المال ، وإن قال : إن أديت إلي ألفا فأنت حر صار مأذونا ويعتق بالتخلية ( ز ) بينه وبين الألف ، وله أن يبيعه قبل أداء المال .
فصل
( ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه ولو كان المالك صبيا أو مجنونا ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346807من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر ) ، وفي رواية : " عتق عليه " ، فينتظم الصغير والكبير والعاقل والمجنون والمسلم والكافر عملا بعموم كلمة " من " ولأنه تعلق به حق [ ص: 262 ] العباد وهم الأقرباء ، فيدخل فيه الصغير والمجنون كالنفقات وضمان المتلفات ، ويدخل فيه كل ذي رحم محرم ولاد وغيره كالإخوة وبنيهم والأعمام والعمات والأخوال والخالات عملا بالإطلاق ، وذو الرحم المحرم كل شخصين يدليان إلى أصل واحد بلا واسطة كالأخوين . أو أحدهما بواسطة والآخر بغير واسطة كالعم وابن الأخ إلى الجد ، ولا يعتق بالملك ذو رحم غير محرم ، كبني الأعمام والأخوال وبني العمات والخالات ، ولا محرم غير ذي رحم كالمحرمات بالصهرية والرضاع ، لأن العتق بدون الإعتاق ضرر إلا أنا خالفناه في الرحم المحرم بالنص فبقي الباقي على الأصل .
قال : ( والمكاتب يتكاتب عليه قرابة الولاد لا غير ) ، وقالا : يتكاتب عليه الأخ ومن في معناه وهو رواية عن أبي حنيفة ، لأنه لو كان حرا عتق عليه ، فإذا كان مكاتبا يتكاتب عليه كقرابة الولاد . وله أن ملك المكاتب ناقص حتى لا يقدر على الإعتاق . والوجوب عند القدرة ، وقرابة الولاد العتق فيهم من مقاصد الكتابة ، فامتنع البيع تحصيلا لمقصود الكتابة . أما حرية الأخ والعم ليست من مقصود الكتابة فلا يظهر فيهما .
قال : ( ومن أعتق عبده للصنم أو للشيطان عتق وكان عاصيا ) لصدور الإعتاق من أهله مضافا إلى محله عن ولاية ، ولأن قوله : أنت حر صريح في العتق فيقع ، ويلغو قوله للصنم أو للشيطان ويكون عاصيا ، لأن ذلك من فعل الكفرة وعبدة الأصنام .
قال : ( ومن أعتق حاملا عتق حملها معها ) لأنه متصل بها فصار كبعض أجزائها ، وليس القبض والتسليم فيه شرطا فيصح ، بخلاف البيع والهبة حيث لا يصح لاشتراط القبض أو القدرة عليه ، ( وإن أعتق حملها عتق خاصة ) لأن العتق لم يرد عليها لتعتق أصالة ولا تعتق تبعا لأنها أصل ، ولو أعتقه على مال عتق وبطل المال ، لأن المال لا يلزم الحمل لأنه لا ولاية له ولا عليه ، ولا يلزم الأم لعدم التزامها ، ثم إنما يعرف قيام الحمل وقت العتق إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم العتق لما عرف .
[ ص: 263 ] ( وولد المغرور حر بالقيمة ) وهو ما إذا تزوج حر امرأة على أنها حرة فإذا هي أمة ، فأولاده منها أحرار وعليه قيمتهم لمولاها ، على ذلك إجماع الصحابة ، ولو كان المغرور مكاتبا أو مدبرا أو عبدا فكذلك عند محمد ، لأن ما نقل من إجماع الصحابة لا يفصل ، وقال : أولادهم أرقاء لحصولهم بين رقيقين فلا وجه إلى حريتهم ، بخلاف الأب الحر فإنه أمكن جعل الولد حرا تبعا لأبيه ، وإجماع الصحابة لم يرد قولا بل حكموا بذلك في صورة كان الأب حرا فلا يقاس عليه ، ولأن العبد لا يعير بكون ولده عبدا والحر يعير فافترقا .
قال : ( ومن أعتق عبده على مال فقبل عتق ولزمه المال ) ، مثل أن يقول : أنت حر بألف ، أو على ألف ، أو على أن لي عليك ألفا ، أو على أن تعطيني ألفا ، أو على أن تؤدي إلي ألفا ، وإنما شرط قبوله لأنه معاوضة ، ومن شرطها ثبوت الحكم بقبول العوض في الحال كالبيع ، ولهذا قلنا يعتق إذا قبل لأنه علق العتق بالقبول لا الأداء ، وقوله : لزمه المال معناه يصير دينا عليه حتى تصح به الكفالة ، واللفظ بإطلاقه ينتظم جميع أنواع المال : النقود والعروض والحيوان ، وإن كان بغير عينه لأنه معاوضة مال بغير مال كالنكاح وأخواته ، ويتعلق بقبوله في المجلس إن حضره وإن غاب على مجلس علمه ، وإن كان التعليق بإذا فهو كالتعليق بمتى لا يتوقف بالمجلس وقد عرف في الطلاق .
قال : ( وإن قال : إن أديت إلي ألفا فأنت حر صار مأذونا ويعتق بالتخلية بينه وبين الألف ، وله أن يبيعه قبل أداء المال ) ، أما صيرورته مأذونا فلأن المولى لما طلب منه أداء المال وطريقه الاكتساب بالتجارة غالبا ، فقد أذن له في التجارة دلالة . وأما جواز البيع قبل أداء المال لأنه علق عتقه بأداء جميع المال ، فما لم يؤده لم يوجد شرطه فلا يعتق وليس بمكاتب فله بيعه ، وأما عتقه بالتخلية فمذهبنا . وقال زفر : لا يعتق إلا بالأداء إليه لأنه الشرط فلا يعتق قبله . ولنا أن هذا تعليق لفظا معاوضة مقصودا لأن الألف يصلح عوضا عن العتق حتى لو نص على المعاوضة يصير عوضا ، فينعقد معاوضة بين الألف والعتق تحصيلا لمقصوده ، فباعتبار المعاوضة ينزل المولى قابلا للبدل متى وصل إليه لئلا يتضرر العبد به ، وقد رضي الولي بنزول العتق عند وصول الألف إليه ، وبالتخلية قد وصلت إليه فجعلناه تعليقا ابتداء عملا باللفظ دفعا للضرر عن المولى لئلا يخرج من ملكه ولا يسري إلى الولد قبل الأداء معاوضة عند الأداء دفعا للضرر عن العبد حتى يعتق بالأداء على ما بينا ، ونظيره الهبة بعوض : هبة ابتداء بيع انتهاء ، ولو أدى البعض أجبر المولى على قبوله ولا يعتق لما قلنا ، فإن أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق عتق لوجود الشرط [ ص: 264 ] ويرجع عليه المولى بمثلها لأنه أداها من مال المولى ، وإن أداها من مال اكتسبه بعد التعليق عتق ولا يرجع عليه لأنه مأذون في الأداء منه على ما بينا .