ويحل للنساء لبس الحرير ولا يحل للرجال إلا مقدار أربع أصابع كالعلم ولا بأس ( سم ) بتوسده وافتراشه ، ولا بأس بلبس ما سداه إبريسم ولحمته قطن أو خز; ويجوز للنساء التحلي بالذهب والفضة ، ولا يجوز للرجال إلا الخاتم والمنطقة وحلية السيف من الفضة وكتابة الثوب من ذهب أو فضة وشد الأسنان بالفضة ، ويكره أن يلبس الصبي الذهب والحرير ، ولا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة ، ويستوي فيه الرجال والنساء ، ولا بأس بآنية العقيق والبلور والزجاج والرصاص ، ويجوز ( س ) الشرب في الإناء المفضض والجلوس على السرير المفضض إذا كان يتقي موضع الفضة .
قال : ( ولا بأس بتوسده وافتراشه ) وكذا ستر الحرير وتعليقه على الباب ، وقالا : يكره لعموم النهي ولأنه من زي الأعاجم وقد نهي عنه . وله أن النهي ورد في اللبس وهذا دونه فلا يلحق به ، ولأن القليل من اللبس حلال وهو العلم فكذا القليل من الاستعمال حتى لا يجوز جعله دثارا بالإجماع . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كان له مرفقة حرير على بساطه ، ولأن افتراشه [ ص: 435 ] استخفاف به فصار كالتصاوير على البساط فإنه يجوز الجلوس عليه ولا يجوز لبس التصاوير .
قال : ( ولا بأس بلبس ما سداه إبريسم ولحمته قطن أو خز ) لأن الثوب بالنسج والنسج باللحمة ، فتعتبر اللحمة دون السدا ، فما كان سداه حريرا ولحمته غيره يجوز لبسه في الحرب وغيره بالإجماع ، وما كان بالعكس يجوز في الحرب خاصة بالإجماع أيضا للضرورة لأنه أهيب وأدفع لمضرة السلاح . وقال أبو يوسف ومحمد : لبس الحرير في الحرب جائز لما روى nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أن النبي عليه الصلاة والسلام : " رخص في لبس الحرير والديباج في الحرب " ، ولأنه أدفع لمضرة السلاح وأهيب في عين العدو فمست الحاجة إليه .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز لعموم النهي ، والحرام لا يحل إلا للضرورة وقد اندفعت بالمخلوط فإن الخالص إن اختص بمزية الخلوص فالمخلوط اختص بزيادة الثخانة والقوة فاستويا فيجتزأ به ، ولو كان الثوب رقيقا ولا يحصل به الإرهاب لا يجوز بالإجماع . وفي نوادر هشام عن محمد يكره لبنة الحرير : أي القب وتكة الديباج والإبريسم لأنه استعمال تام ، وما كان سداه ظاهرا كالعتابي ، قيل يكره لأن لابسه في منظر العين لابس حرير وفيه خيلاء ، وقيل لا يكره اعتبارا للحمة كما مر ، وتكره الخرقة التي يمسح بها العرق ويمتخط بها لأنه ضرب كبر ، وإن كانت لإزالة الأذى والقذر لا بأس بها ، ولا بأس بالخرقة يمسح بها الوضوء لتوارث المسلمين ذلك ، وقيل إن فعله تكبرا يكره كالتربع في الاتكاء إن فعله تكبرا يكره وللحاجة لا .
والسنة أن يكون قدر مثقال فما دونه ويجعل فصه إلى باطن كفه ، بخلاف النساء لأنه للزينة في حقهن دون الرجال ، ويجوز أن يجعل فصه عقيقا أو فيروزا أو ياقوتا أو نحوه ، ويجوز أن ينقش عليه اسمه أو اسما من أسماء الله تعالى لتعامل الناس ذلك من غير نكير ولا بأس بسد ثقب الفص بمسمار الذهب لأنه قليل فأشبه العلم ، ويكره التختم بالحديد والصفر للرجال والنساء لأنه حلية أهل النار وقد نهى عنه . وروي أنه كان قبضة سيفه عليه الصلاة والسلام من فضة .
وأما كتابة الثوب كما بينا في العلم الحرير ، وكرهه أبو يوسف بناء على اختلافهم في الإناء المفضض .
قال : ( ويكره أن يلبس الصبي الذهب والحرير ) لئلا يعتاده ألا ترى أنه يؤمر بالصوم والصلاة وينهى عن شرب الخمر ليعتاد فعل الخير ويألف ترك المحرمات فكذلك هذا ، والإثم على من ألبسه لإضافة الفعل إليه .
قال : ( ولا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة ) قال عليه الصلاة والسلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346952من شرب في [ ص: 437 ] إناء ذهب وفضة فكأنما يجرجر في بطنه نار جهنم ) وعلى هذا المجمرة والملعقة والمدهن والميل والمكحلة والمرآة ونحو ذلك ، والنصوص وإن وردت في الشرب فالباقي في معناه لاستوائهم في الاستعمال ، والجامع أنه زي المتكبرين وتنعم المترفين ، وأنه منهي عنه فيعم الكل .
( ويستوي فيه الرجال والنساء ) لعموم النهي ، وعليه الإجماع .
قال : ( ويجوز الشرب في الإناء المفضض والجلوس على السرير المفضض إذا كان يتقي موضع الفضة ) أي يتقي فمه ذلك ، وقيل يتقي أخذه باليد . وقال أبو يوسف : يكره ، وقول محمد مضطرب ، وعلى هذا الاختلاف والتفصيل السرج المفضض والكرسي ، والإناء المضبب بالذهب والفضة . لأبي يوسف أنه إذا استعمل جزءا من الإناء فقد استعمل كله فيكون مستعملا للذهب والفضة . ولأبي حنيفة أن الفضة في هذه الأشياء تابعة والعبرة للمتبوع لا للتبع ، وصار كالعلم في الثوب ومسمار الذهب في فص الخاتم ، وعلى هذا اللجام المفضض والركاب والثفر ، أما اللجام من الفضة والركاب فحرام لأنه استعمل الفضة بعينها فلا يجوز ، ولا بأس بالانتفاع بالأواني المموهة بالذهب والفضة بالإجماع ، لأن الذهب والفضة مستهلك فيه لا يخلص فصار كالعدم ، والأشنان والدهن يكون في إناء فضة أو ذهب يصب منه على اليد . قال محمد : أكره ، ولا أكره ذلك في الغالية لأنه يدخل يده أو عودا فيخرجها إلى الكف ثم يستعملها من الكف فلا يكون مستعملا للإناء ، ولا كذلك الدهن والأشنان فإنه يكون مستعملا به بالصب منه .