فرع
في الكتاب :
إذا ابتاع نخلا ليقلعها ، ثم ابتاع الأرض فأقر النخل ثم استحق [ ص: 292 ] نصف جميع ذلك كله أخذ نصف النخل والأرض بالشفعة بنصف ثمنها لا بالقيمة ، لأنها كالصفقة الواحدة ; فإن لم يشفع خير المبتاع بين التمسك بالباقي لتفريق الصفقة بالاستحقاق ، وكذلك لو اشترى عرصة فيها بنيان على أن النقض لرب الدار ، ثم اشترى النقض ، أو اشتراه أولا ثم العرصة ، فالشفعة في العرصة والنقض ، العرصة بالثمن والنقض بقيمته قائما لكشف الغيب خلاف ما دخل عليه أولا ، ويمتنع شراء بعض شقص شائع أو حصة من نخل على القلع إذا كان شريك البائع غائبا لعجزهما عن القلع إلا بعد القسم ، ويمتنع أن يقاسم البائع شريكه النخل ليقلعها إلا مع الأرض ، ولو اشتريت نقض دار قائمة على القلع ، ثم استحق نصف الدار فلك رد بقية النقض لتفريق الصفقة ، ولا شفعة للمستحق لأنه بيع على القلع ولم تبع أنت ولو استحق جميع الأرض دون النقض أو كانت نخلا بيعت للقلع فاستحقت الأرض دون النخل صح البيع في النقض والنخل وللمستحق أخذ ذلك من المبتاع بقيمته مقلوعا لا بالثمن لا بالشفعة ولكن للضرر ; فإن لم يأخذ أضر المبتاع بقلعه . قال صاحب التنبيهات : قوله : ابتاع نخلا ليقلعها - إلى قوله أخذها بنصف الثمن ، أمر
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون بطرحها ، واختلف في تأويل قوله : نصف الثمن : فقيل : نصف ثمن النخل ، ونصف ثمن الأرض ، وهو في الموازية .
وقال
أشهب : الشفعة في الأرض دون البناء والنخل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يخير المستحق أولا ; فإن أجاز بيع نصيبه ودفع الثمن لم يكن للمشتري كلام ، وإن أخذ ما استحق رجع المبتاع على البائع بنصف الثمن ، وينظر إلى النخل ; فإن تفاضل جنسها وقدرها فسخ البيع في نصف البائع ، لأنه لما باع على القلع صار
[ ص: 293 ] الثمن مجهولا لا يعرف ماذا يقع له في القسم ، لأن الأرض تقسم مع النخل فيقع في نصيب كثير من النخل مع قليل من الأرض ; فإن لم تختلف الأرض ولا النخل حتى تنقسم على الاعتدال صح البيع في نصف البائع ، ويبدأ بالمشتري في رد ما بيده أو حبسه في قول
أشهب ; فإن حبس شفع في الأرض والنخل بنصف الثمن ، وقال
ابن القاسم : يبدأ بالشفيع ، وقل أن توجد أرض ونباتها متفق ، قال صاحب النكت : إنما أخذ النقض بقيمته لأن مشتريه اشتراه على القطع لا على البقاء ، والأرض قد خرجت عنه بالاستحقاق فلا سبيل إلى بقاء النقض ، أما إذا تقدم شراء الأرض فما اشترى النقض إلا ليبقيه ، فإذا استحق العرصة أخذ النقض بالقيمة قائما كما لو أحدث المشتري هذا البناء لأنه زاد في ثمنه لأجل بقائه ، ولو استحق نصف العرصة ( خاصة وقد اشترى النقض أولا للقلع ثم العرصة : فإما يأخذ المستحق ما قابل ما استحق من الأنقاض بقيمته مقلوعا ، كما إذا استحقت العرصة ) كلها يأخذ النقض بقيمته مقلوعا ، والنصف الآخر الذي لم يستحق يأخذه بالثمن ، لأنه أخذ شفعته ، لأنه جعل شريكا في الجملة بهذا المستحق ، قال
التونسي : إذا اشترى أرضا بعبد فاستحق نصف الرض يبدأ بالشفيع عند
ابن القاسم إن أخذ النصف الباقي بالشفعة رجع بائع العبد بنصف قيمة العبد لضرر الشركة ، وكان مشتري العبد فوت نصفه لما أخذ من يديه نصف العبد لو لم يرد نصف المقابل للاستحقاق ، وأضر بالشركة وغرم ( نصف العبد مع أنه مجبور على أخذ نصف الأرض من يديه ، وعن
مالك : إذا اشترى النقض ) ثم الأرض أو بالعكس يأخذ النقض بقيمته قائما لا بالثمن كما في المدونة
ولأشهب : لا شفعة في النخل ولا في النقض ، وفرق
محمد : إن تقدم النقض فالشفعة في ذلك ، أو تقدم الأرض لا شفعة في النقض وبالثمن أصح ، لأنها كالصفقة الواحدة لما لحق بعضها بعضا ، ولأن
[ ص: 294 ] النقض إذا كان تقدم بأخذه بالقيمة يوجب الزيادة للمشتري ، وإن تقدم الأرض زاد في ثمن النقض ، وقد لا تبلغ الزيادة قيمة النقض قائما ; فإن أعطيناه القيمة قائما انتفع الآخذ أيضا ، فالأعدل الثمن ، وفي كتاب
محمد : إذا
اشترى النخل على القلع ، ثم الأرض فاستحق نصفها : فالشفعة في الأرض خاصة ، ويؤمر صاحب النخل بالقلع ، قال : وإن شاء أخذ نصف النخل بالشفعة ويترك نصف الأرض ، فجعل الشفعة فيما لم يقدر على بقائه ، بل يأخذه للقلع ، قال : وفيه نظر ، وإنما شبهه بالنقض فيه الشفعة ، ولا يملك بقاءه في قاعة من لا يسكنها إلا برضاه ويمتنع بيع نصف النخل على القلع دون الأرض المشتركة لتعذر قسمة النخل إلا بالأرض ، فيصير المبيع مجهولا إلا أن تستوي أجزاء الأرض وأفراد النخل ، وكذلك لو اشترى بناء الدار ، ثم ( اشترى الدار ثم ) استحق نصف الأرض والبناء ، يفسخ بيع المشتري نصف الأرض لتعذر وصوله لما اشتراه ، لأنه إن قاسم البائع ومكنه من نصف النقض فالنصف الذي هو للبائع قد صار يقل بجودة البناء أو يكثر بزيادة البناء ، فيصير مجهولا إذ لا يضم إلا مع غيره ، ولو أمكن مساواة البناء للقاعة كما صح في الأرض .
وفي الكتاب : إذا اشترى النصف للقلع فاستحق نصف الأرض : فلمشتري النقض بقيمته مقلوعا أن يأمره بقلعه ، وأنكرها
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، لأن البائع إن كان غصب الأرض فأعطى الغاصب قيمة النقض منقوضا وانتقض شراء المشتري ، وإن شاء سلمه للمشتري بنقضه ، وإن كان البائع للنقض اشترى الأرض أعطاه قيمة النقض قائما وانتقض البيع في النقض ، ولا يقول المشتري : خذ هذه
[ ص: 295 ] القيمة التي أخذها البائع مني كمن باع سلعة بمائة ثم باعها آخر بتسعين ، ليس للأول أخذها بتسعين ، وإن قال مستحق الأرض : لا أعطيه قيمة البناء أعطاه بائع النقض قيمة أرضه ، ويجوز بيعه في النقض قيمة أرضه ; فإن امتنع كانا شريكين ، وينتقض بيع المشتري فيما صار من نصف النقض لمستحق الأرض ، ويجوز بيعه فيما صار لبائع النقض ، لأنه صار كمشتري النقض مقلوعا ليشتري أكثر .
قال
اللخمي : في
الثمار ثلاثة أقوال : فيها الشفعة بيعت مع الأصل أو مفردة ، كان الشفيع شريكا في الأصل أم لا ،
لمالك ، ولا شفعة فيها مطلقا بيعت مع الأصل أو مفردة ،
لعبد الملك ، وفيها إن بيعت مع الأصل وإلا فلا ،
لأشهب ، مبنية على أنها محل ضرورة كالعرايا ، أو هي منقولة كالعروض أو ينظر تبيعتها في العقد لما فيه الشفعة ; فإن باع نصيبه من الثمرة ، والحائط من أجنبي استشفع الشفيع فيهما ; فإن سلم ثم باع أحد الشريكين نصيبه أو من الثمار مفردة ثم باع بعد ذلك أحد الشريكين في الثمرة نصيبه : فالشفعة على قول
ابن القاسم لشريكه في الثمرة لم يكن باع ، وعلى قول
أشهب لشريكه في الثمرة لأنه معه كأهل سهم ; فإن سلم فلمن له الأصل ، وإن باع من له الأصل نصيبه من الثمرة فالشفعة للذين اشتروا الثمرة ، وإن باع نصيبه من الأصل والثمرة فالشفعة ، ولا يقول : مشتري الأصل يأخذ الجميع أو يترك الجميع ، ولا يعض على الصفقة ، لأن لا شركة لها في الأصل ، وكذلك إن ساقى أحدهما نصيبه في الحائط فلشريكه الشفعة ; فإن لم يأخذ ثم باع أخذ المساقي نصيبه بعد الطيب فللشريك الشفعة ; فإن سلم فهي لصاحب الأصل ; فإن باع صاحب الأصل فالشفعة للمساقاة ، وقال
محمد : إذا ساقى أحدهما نصيبه لا شفعة للشريك ، وعن
مالك : إذا ساقى حائطه للعامل الربع فباع رب الحائط نصيبه من الثمرة بعد طيبها :
للمساقي الشفعة ، لأنه شريك وكل من له شريك
[ ص: 296 ] شافعه ، قال صاحب المقدمات : لا خلاف في
الشفعة في النقض إذا بيع مع الأصل ، لأنه تبع له ; فإن بيع ثم طرأ استحقاق يوجب الشركة ، أو باع أحد الشريكين نصيبه منه دون الأصل ، وهو متساوي الصفة ، يجوز فيه البيع لوجوب قسمته مع الأصل ، ففي الشفعة فيه قولان من المدونة ، وكذلك النقض القائم والعرصة لغيرهما فباع أحدهما فالخلاف كذلك إن أبى صاحب العرصة أن يأخذه ، لأنه مبدأ عليه لا لأنه شفيع ، بل لنفي الضرر ، واختلف هاهنا ممن يأخذ رب العرصة النقض وبما يأخذه ؟ فقيل : من المبتاع بقيمته مقلوعا ، وقيل : بالثمن ، وقيل : بالأقل منهما ، وقيل : بالقيمة من البائع مقلوعا ، أو بالأقل منهما ، ويفسخ البيع بينه وبين المبتاع فيرجع على البائع بالثمن الذي دفع إليه ، وكل ذلك قد تأول على المدونة والأظهر منها : الأخذ من البائع بالأقل منهما ، والأظهر في القياس : الأخذ من المبتاع بالقيمة مقلوعا ، وهذا كله على القول بجواز بيع النقض قائما على القلع ، وهو مذهب
ابن القاسم في المدونة خلافا
لأشهب nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون .
وفي شراء النقض على الهدم أو النخل على القلع وشفعتهما مسائل ستة :
المسألة الأولى : شراء النخل على القلع ثم تستحق الأرض : ففي الكتاب : للمستحق أخذ النخل من المبتاع بقيمتها مقلوعة للضرر لا للشفعة ، وعلى القول بمنع البيع : يفسخ وترجع لبائعها ، ولا يأخذها المستحق .
المسألة الثانية : شراء النخل على القلع ، ثم شراء الأرض فيستحقها رجل ، رجع المبتاع على البائع بثمن الأرض المستحقة ثم الحكم بين مبتاع النخل والمستحق في النقض على ما تقدم .
المسألة الثالثة : تشترى الأرض أولا ثم الأنقاض فتستحق الأرض ، فللمستحق أخذ النقض بقيمته قائما عند
ابن القاسم ، لأنه زاد في ثمن النقض ليبقيه في أرضه ،
[ ص: 297 ] وينبغي على هذا إن امتنع من دفع القيمة قائما أن للمشتري إعطاء قيمة الأرض براحا ; فإن أبى اشتركا ، وينبغي على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون إن كان البائع غصب فللمستحق دفع قيمة النقض منقوضا ، وينتقض البيع بينه وبين المشتري فيرجع عليه بالثمن ; فإن أبى مضى النقض للمشتري بشرائه ، والمستحق للأرض على حقه ; فإن لم يتفقا في ذلك على شيء بيعت الدار وقسم الثمن على قيمة النقض قائما وقيمة العرصة براحا ( وإن كان بائع النقض مشتريا دفع المستحق قيمة النقض وانتقض البيع ; فإن امتنع دفع له البائع قيمة العرصة براحا ) ، وإن لم يتفقا على ما يجوز بيعت الدار وقسم الثمن في القيم ; فإن امتنعا من ذلك اشتركا وانتقض البيع فيما صار من النقض للمستحق ، ومضى فيما صار منه للبائع .
المسألة الرابعة : يشتري النخل أولا على القلع ، ثم الأرض ، فيستحق نصف الأرض والنخل .
المسألة الخامسة : يشتري الأرض ، ثم النخل ، فيستحق نصف الأرض والنخل : فثلاثة أقوال : لا شفعة في النخل ، قاله
أشهب وابن القاسم في المدونة في أحد قوليه ، وفيها الشفعة
لابن القاسم في المدونة ، والشفعة فيها إن اشتراها قبل الأرض ، ولا شفعة إن تقدمت الأرض ، قاله
محمد . الثاني : يأخذ المستحق نصف الأرض ونصف النخل شفعة بنصف الثمن ، وله أخذ نصف الأرض ، ويقلع المبتاع النخل في المسألة الرابعة ، ويبقى على حقه فيها في المسألة الخامسة إذا لم يشترها على القلع ، وله أخذ النخل وترك الأرض ، وعلى الأول : فاختلف هل يأخذها بالقيمة لنفي الضرر قولان ، وإذا قلنا بأخذها : فالقيمة قائما في المسألتين على ما في بعض روايات المدونة وعلى قياس قول عبد الحق الذي حكاه : لا يأخذ إلا بالقيمة إلا في المسألة الخامسة .
[ ص: 298 ] المسألة السادسة : يشتري النخل خاصة على القلع فيستحق نصف الأرض والنخل ، انتقض البيع فيما بقي بيد المشتري من النخل ، لأنه لا يقدر على ما اشتراه إلا بمقاسمة البائع لمستحق الأرض مع النخل ، وإذا قاسمه قد يقل ما يحصل له بجودة الأرض فيصير المتمسك به مجهولا ، على أن
ابن القاسم قال في المدونة : إذا اشترى نقض دار على القلع ، ثم استحق نصف الدار : له رد ما بقي ، وظاهر قوله : أن له التمسك ، وفيه نظر إلا أن يريد النقض والأرض المستويين .