فرع
قال : واختلف في
الشركة التي يوجبها الحكم هل تجب الشفعة ؟ قيل : تجب لها قبل تقرر حكمها ; فعن
مالك لا شفعة ، وقال
أشهب : فيها الشفعة ، فسئل
مالك : إذا أعطي في خيف من واد خمسين ومائة قفيز ، بين كل قفيزين عشرة
[ ص: 304 ] أذرع ، ثم أكرى بعض أهل ذلك الخيف ، فهل للمعطى شفعة فيما باعوا ؟ فقال : لا ، فقيل : إنهم لم يجوزوه للمعطى ولم يقسموه ولم يسموه في أي جهة هو من الحائط أعلاه أو أسفله ، فقال : لا شفعة إذا قسموا له أذرعا مسماة ، وقال
أشهب : هذا شريك بأذرعه كالشريك بنخلات ، وقد نزلت هذه المسألة للفقيه أبي القاسم أصبغ بن
محمد في قرية توفي صاحبها فابتاع من بعض ورثته نصيبه ، وقد باع موروثهم قبل موته مبذر زوجين مشاعا فطلبه بالشفعة فأفتى بعدم الشفعة وهو النظر والقياس ، وأفتى القاضي بالبلد بالشفعة ، ولما بينا له الوجه رجع وأفتى بفساد البيع في الزوجين على الوجه المذكور للجهل بمبلغ أرض القرية ، وهو غير صحيح ، لأن المشترى لا يزيد بزيادة القرية ( ولا ينقص بنقصها ، بل يكفي العلم بكريم الأرض وخسيسها ، ولم تكن له شفعة ، لأن الشفيع هو الشريك يشارك فيما يطرأ على الأرض من ضمان هلاك أو غصب أو استحقاق ، ومشتري مبذر الزوجين ليس شريكا في القرية بل هو كمبتاع ثوب من ثياب ولم يعينه ، ولا اشترط الخيار ، وإن كان عند التشاح تكسر جميع أرض القرية فيأخذ مبذر الزوجين حيث ما وقع بالقرية ، ولو غصب منها شيء أو وهب أخذ المبتاع المبيع مما بقي ويشارك البائع بقدر ذلك إلا أن يأتي أحدهما ويريد رد البيع ; لأن المبتاع يقول : المستحق أفضل فلا أرضى آخذ من الباقي ، ويقول البائع : الباقي أفضل فلا أرضى آخذك منه .