فرع
وفي الكتاب : لا تؤخذ من
المشتري شراء فاسدا ، لأن عقده يفسخ ، ولو أخذ بالشفعة يفسخ أيضا ، لأن الشفيع تنزل منزلة المشتري ، وكذلك لو باعه المشتري بيعا فاسدا إلا أن يفوت بما تقدم في البيوع فلا يرد ، وتجب القيمة ، ويشفع بتلك القيمة لتقرر ملك المشتري بها ; فإن فات ببناء زاده المبتاع فعلى الشفيع قيمة ما أنفق المشتري لئلا يذهب ماله مجانا ، وإن تهدمت لم ينقض الشفيع شيئا لأنه شيء لم ينتفع به المشتري ، ولا ضرر على الشفيع لأنه مخير ، وإن فاتت بالبيع الصحيح أخذ بثمن ذلك البيع الصحيح ، ويتراد الأولان القيمة لأنها التي تقررت ،
[ ص: 306 ] ولا يأخذ بالبيع الفاسد ، لأنه يزول البيع الصحيح ويبقى الفاسد بغير فوت ; فإن كان بنى وهدم فله الأخذ بالثمن الصحيح وبالقيمة في الفاسد إن لم تفت بهذا ; فإن تراد المتبايعان القيمة بعد البيع الثاني فله الأخذ بالقيمة التي تراداها بقضاء أو بغير قضاء ، أو بالثمن لأن مبتاع الصحة لو رد ذلك لعيب بعد تراد الأولين القيمة لم يكن للمبتاع الأول ردها على البائع بيعا فاسدا لصحته بأخذ القيمة ، ولكن يرد بالعيب ويأخذ بالقيمة التي دفع ، قال صاحب النكت : إذا أخذ بالبيع الفاسد ففات عنده : فعليه الأقل من قيمته يوم قبضه المشتري ، أو يوم قبضه هو ، لأن أخذه كان فاسدا ، وقال
أبو محمد : إذا ولاه في البيع الفاسد باشتراط السلف على المشتري فينبغي على قول
ابن القاسم إذا فاتت بيد المشتري الأول أن عليه الأقل من قيمتها أو الثمن ، وإن فاتت بيد الأول ; فإن كان إنما ولاه على نحو ما كما هو عليه من البيع والسلف لزم المولى ما يلزم المبتاع ، وهو الأول ، وإن ولاه بالثمن - وهو مائة مثلا - وسكت عن السلف ففاتت بيد المولى ، وقيمتها يوم البيع الأول بلا سلف خمسون ، وبالسلف ستون : فعلى المبتاع الثاني قيمتها يوم قبضها من الأول ، إلا أن تكون أقل من خمسين فلا ينتقص أو أكثر من الثمن ، قال بعض القرويين : إذا سكت عن السلف فأخذها الثاني بالثمن يخير الثاني ; فإن ردها على الأول خير الأول بين إسقاط السلف والتمسك بالبيع ، لأن الأول اشترى على أن يسلف ، والثاني كذب في الثمن لما لم يذكر السلف ; فإن فاتت عند المشتري قبل العلم بها فعليه الأقل من قيمتها أو المائة . هذا الذي في الكتاب .
وقول أبي
محمد في قيمة السلعة بالسلف لا يفيد هذه القيمة شيئا لأنه إنما جعل عليه القيمة إلا أن تكون أقل من قيمتها بلا سلف فلا ينقص أو أكثر فلا يغرم ، فصارت القيمة بالسلف ملغاة ، فهو معيب من كلام
أبي محمد ، وأما باقي كلامه فيمكن صحته ، قال
ابن يونس : في الموازية : إن لم يفسخ بيع الشفعة حتى فات بين الشفيع بما يفوت به الربع في
البيع الفاسد رجع البائع على المشتري بقيمته يوم قبضه ، ولزم الشفيع ما
[ ص: 307 ] لزم المشتري من تلك القيمة إلا أن تكون أكثر مما أخذ به ، قال بعض القرويين : إن فات بيد المشتري أخذه بالقيمة ; فإن لم يعلم وأخذه بالبيع الفاسد رد ، إلا أن يفوت عند الشفيع ، فعليه الأقل من قيمته يوم قبضه هو ، أو القيمة التي وجبت على المشتري لعجزه عن رده بفواته عنده ; فإن قال : لا آخذ بالشفعة رد قيمة ما نقص ، ولو أخذ قبل الفوات ففات عنده : فعليه الأقل كما تقدم ، وهو خلاف ما تقدم
لمحمد ، قال : وهذا أبين ، لأن الشفعة كالشراء ، فإذا فاتت لزمت القيمة يوم القبض ; فإن كانت أكثر قال : آخذ بما لزم المشتري ، قال
محمد : وليس للشفيع الأخذ بعد الفوت إلا بعد معرفة القيمة اللازمة للمشتري ، وإلا فسد الأخذ كالجهل بالثمن ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : كيف يكون للمشتري الأول ردها بالعيب على البائع الأول والبيع الأول قد انتقض ووجبت فيه القيمة لفوته ، وإنما يجب عليه الرجوع بفضل ما بين القيمتين صحيحة ومعيبة ، فيصير على المشتري غرم قيمة ما فات في يديه ولا رد له ، كما قالوا : إذا تعدى على دابة فضلت فغرم قيمتها بعد أن وصفها وحلف ، ثم وجدت على خلاف ما وصف : ليس لربها أخذها بل تمام القيمة ، قال
اللخمي : قال
ابن القاسم : لا يفوت الربع بحوالة سوق في البيع الفاسد ، ولا شفعة ، وقال
أشهب : فوات وفيه الشفعة قياسا على غيره ، وإذا أخذ قبل الفوت وفات عنده ، قال
محمد : يلزم الشفيع ما يلزم المشتري إلا أن يكون أكثر مما أخذ به المشتري فيخير بين رد الشفعة أو التمسك بتلك القيمة ، ويسقط الأخذ كالشفعة ، ويكون عليه بقيمته يوم قبضه لئلا يقبض صحيحا ويرد غيره ، وإن أخذ بثمن صحيح وجهل الفساد ، خير بين التمسك بذلك الثمن فيكون بيعا حادثا وبين الرد ، وإن لم يعلم حتى فات عنده : فعليه الأقل من القيمة لأنها ثمنه أو الثمن الذي أخذ به المشتري .