الفصل السابع : الفرق بين الحقيقة والمجاز ، وأقسامهما .
فالحقيقة هي : استعمال اللفظ فيما وضع له في العرف الذي وقع به التخاطب ، وهي أربعة :
لغوية كاستعمال الإنسان في الحيوان الناطق ،
وشرعية كاستعمال لفظ الصلاة في الأفعال المخصوصة ،
وعرفية عامة كاستعمال لفظ
[ ص: 61 ] الدابة في الحمار ، وخاصة نحو استعمال لفظ الجوهر في المتحيز الذي لا يقبل القسمة .
والمجاز : استعمال اللفظ في غير ما وضع له في العرف الذي وقع به التخاطب لعلاقة بينهما .
وهو ينقسم بحسب الواضع إلى أربعة :
مجاز لغوي : كاستعمال الأسد في الرجل الشجاع ،
وشرعي : كاستعمال لفظ الصلاة في الدعاء ،
وعرفي عام : كاستعمال لفظ الدابة في مطلق ما اتصف بالدبيب ، وخاص : كاستعمال لفظ الجوهر في النفيس .
وبحسب الموضوع له إلى : مفرد نحو قولنا أسد ، للرجل الشجاع ، وإلى : مركب كقوله : أشاب الصغير وأفنى الكبيـ ـر كر الغداة ومر العشي
فالمفردات حقيقة ، وإسناد الإشابة والإفناء إلى الكر والمر مجاز في التركيب .
وإلى مفرد ومركب نحو قولهم : أحياني اكتحالي بطلعتك ، فاستعمال الإحياء والاكتحال في السرور والرؤية مجاز في الإفراد ، وإضافة الإحياء إلى الاكتحال مجاز في التركيب ، فإنه مضاف إلى الله تعالى .
وبحسب هيئته إلى الخفي : كالأسد للرجل الشجاع ، والجلي الراجح كالدابة للحمار .
وهاهنا دقيقة ، وهي أن كل مجاز راجح منقول ، وليس كل منقول مجازا راجحا ، فالمنقول أعم مطلقا ، والمجاز الراجح أخص مطلقا .
فرع : كل محل قام به معنى وجب أن يشتق له من لفظ ذلك المعنى لفظ ، ويمتنع الاشتقاق لغيره خلافا للمعتزلة في الأمرين .
[ ص: 62 ] فإن كان الاشتقاق باعتبار قيامه في الاستقبال ، فهو مجاز إجماعا نحو تسمية العنب بالخمر ، أو باعتبار قيامه في الحال ، فهو حقيقة إجماعا نحو تسمية الخمر خمرا .
أو باعتبار الماضي ، ففي كونه حقيقة ، أو مجازا مذهبان أصحهما المجاز . هذا إذا كان محكوما به أما إذا كان متعلق الحكم ، فهو حقيقة مطلقا نحو : فاقتلوا المشركين .