القسم الثالث :
الماء الذي لا يطهر ، ولا ينجس ، وهو ما تغير أحد أوصافه بطاهر غير لازم له ، وخالف
عبد الملك في الرائحة ، وكذلك مياه النبات كماء الورد ، ونحوه .
فرعان :
الأول :
الماء المستعمل في الحدث إذا لم يكن على الأعضاء نجاسة ولا وسخ قال
مالك - رحمه الله - في الكتاب : لا يتوضأ بماء توضئ به مرة قال
ابن القاسم : إن لم يجد غيره توضأ .
من التنبيهات : حمل قول
مالك غير واحد من شيوخنا على وجود غيره ، فإذا لم يجد غيره ، فما قاله
ابن القاسم ، فهما متفقان ، وعلى ذلك أكثر المختصرين ، وقال
ابن رشد : هما مختلفان ، وقال في كتاب
ابن القصار : يتيمم من لم يجد سواه قال
ابن بشير : المشهور أنه مطهر مكروه للخلاف فيه ، وقيل : طاهر غير مطهر لثلاثة أوجه ؛ الأول : عدم سلامته من الأوساخ ، ودهنية البدن . الثاني : أنه أديت به عبادة ، فلا تؤدى به عبادة كالرقبة في الكفارة ، ولا يلزم الثوب الذي صلى به ، فإن مصلحته ستر العورة ، وهي باقية . الثالث : أن الأولين لم يجمعوا ما سقط عن أعضائهم في أسفارهم مع شدة ضروراتهم لقلة الماء ، وذلك يدل على عدم جواز استعماله .
القول الثالث : أنه مشكوك فيه يجمع بينه وبين التيمم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس : ويصلي صلاة واحدة .
[ ص: 175 ] واعلم أن المتنازع فيه إنما هو المجموع عن الأعضاء لا الذي يفضل في الإناء بعد الطهارة ، ولا المستعمل في بعض العضو إذا جرى للبعض الآخر .
تحرير : إذا قلنا بسقوط الطهورية قال بعض العلماء سببه أمران : أحدهما : كونه أديت به عبادة ، والثاني : إزالته المانع ، فإن انتفيا معا كالرابعة في الوضوء ، فلا منع ، وإن وجد أحدهما دون الآخر احتمل الخلاف كالمستعمل في المرة الثانية ، والثالثة ، أو في التجديد ، فإنه لم يزل مانعا ، وإن أديت به عبادة ، وغسل الذمية من الحيض أزال مانع وطئها لزوجها المسلم ، ولم تؤد به عبادة ، وفي قول
مالك - رحمه الله - نص صريح بهذا المعنى في قوله : ولا يتوضأ بما توضئ به مرة إشارة للعبادة وإزالة المانع معا ، ونقل صاحب الطراز عند التفرقة بين الحدث والتجديد قال : وسوى
أبو حنيفة في المنع ، ويرد على من قال بنجاسته أن السلف الصالح كانوا يتوضئون ، والغالب تطاير البلل على ثيابهم ، والتصاق ثيابهم بأعضائهم وهي مبلولة ، وما نقل عنهم التحرز عنه ، فدل ذلك على طهارته .
الفرع الثاني من التبصرة : قال
مالك في
البئر يقع فيها سعف النخل ، وورق الزيتون ، فيتغير لون الماء : إن توضأ به أعاد في الوقت لأنه لا يتغير إلا وقد تغير طعمه ، وكذلك قال في الغدير ترده الماشية ، فتغيره بروثها : ما يعجبني ، ولا أحرمه ، والمعروف من المذهب أنه غير مطهر .