الفصل الثاني
في
المنازعة بينهما ، وبين أجنبي
وفيه ثلاثة فروع :
الأول : في الجواهر : مهما قضى أحدهما الغريم بريء ، وإن كان غير الذي عامله ; لأن يدهما كيد رجل واحد . وكذلك إذا رد له ما أودعه شريكه من مال الشركة ، وللبائع اتباع أيهما شاء بالثمن ، أو القيمة في فوت البيع الفاسد ، وإن افترقا
[ ص: 73 ] قبل حلول أجل دينه عليهما . وإن قضى أحدهما بعد الافتراق عالما به لم يبرأ من حصة الآخر ، أو غير عالم برئ منهما جميعا .
الثاني : في الكتاب : إذا مات أحد المتفاوضين ، فأقر الحي أنهما رهنا متاعا من الشركة عند فلان ، وقال ورثة الهالك : بل أودعته أنت إياه بعد الموت ، فللمرتهن أن يحلف مع شاهده الحي ، فإن نكل فله حصة المقر رهنا كما إذا أقر أحد الورثة بدين على الميت ، فإن صاحب الدين يحلف ، فإن نكل أخذ من المقر ما ينوبه من الدين مواخذة له بإقراره . قال ابن يونس : يصدق الشريك ، وكذلك إقرار أحدهما بدين بعد التفرق ، ويلزمهما في أموالهما ; لأنهما كالرجل الواحد . وقول
ابن القاسم تلزم المقر حصته ، يريد إذا لم يحلف المشهود له . وقال بعض القرويين : اختلف في شهادة أحد الشريكين ، فأجازها هاهنا مع أنه لو خرج لغرم جميع المال الذي أقر أن المتاع رهن فيه ; لأنه حميل عن صاحبه بنصفه . وإذا كان صاحب الدين يقدر على الذي عليه الدين ميتا جازت ; لأنه غير مطلوب ، وإلا فلا ; لأنه مطلوب . وليس هذا ببين ; لأن الطالب يقول لا يلزمني أن أحلف ; لأنني يمكنني أخذ حقي بغير يمين . وقيل : إقراره بعد الموت جائز على الشريك .
الثالث : قال
اللخمي :
إذا كان بيدهما دار ، فأقر أحدهما لثالث بنصفها ، وأنكر الآخر ، وقال : هي بيننا نصفان أو لي ثلاثة أرباعها ، ولك الربع ، أو جميعها لي ، فإن قال : نصفها حلف على ذلك ، وكان نصفها له ، ونصفها للمقر ، وللمقر له ، وإن قال : لك ربعها ، وثلاثة أرباعها لي حلف المقر ، وله ما حلف عليه ، ولا شيء للمقر له ; لأن ما أقر له به لا شيء له فيه ، ولا يد له عليه ، فشريكه أحق به إذا ادعاه ; لأن يده عليه ، وإن قال : جميعها لي دونكما ، فللمقر حظ المقر له ، وهو النصف ثم يقسم الشريكان النصف الآخر بعد أيمانهما . وفي
صفة القسمة ثلاثة أقوال : فعلى قول
مالك على قدر الدعوى أثلاثا ، وعلى قول
ابن القاسم أرباعا ، للمنكر نصف النصف بإقرار شريكه له ثم يقسمان النصف الآخر بينهما بالسواء لتساوي دعواهما ، فللمقر ثمن جميع الدار ، والباقي للمنكر ، وعلى قول
أشهب : النصف بينهما نصفان ; لأن يد كل واحد منهما على ما يدعيه . فإن قال : النصف لي ، والنصف لفلان ، ويدك معي
[ ص: 74 ] عارية منه ، أو بإجارة ، وقال الآخر : لا شيء لفلان ، وهي بيننا نصفان أو لي ثلاثة أرباعها ، أو هي لي دونكما صدق المنكر مع يمينه ، وليس للمقر له في جميع هذه الأسولة ( كذا ) شيء ; لأن المقر لم يقر له بشيء مما في يده ، بل بما في يد غيره ، والإقرار على الغير غير مقبول . ثم يعود المقال فيما بين الشريكين ، فإن قال المنكر : بل الدار بيننا نصفان حلف المنكر للمقر له ، وكانت بينه وبين المقر نصفين ، وإن قال : إنما لك ربعها حلف يمينين يمينا للمقر ألا شيء له فيها ، ويكون له نصف المقر له ، ويكون ربعها للآخر لاتفاقهما أنه له ، ويبقى ربع يتحالفان ، ويقسمانه . فإن قال المنكر : بل جميعها لي حلف أيضا يمينا للمقر له ، ويكون له نصفه ثم يتحالفان في نصف ، ويكون بينهما نصفين . ومتى كان المقر عدلا جازت شهادته في كل موضع لا يدفع بها عن نفسه .