فرع
في الكتاب : إذا
شرط المرتهن منفعة الرهن ، والدين قرض - امتنع ; لأنه قرض للنفع أو من بيع ، وشرط للراهن أجلا معينا ، جاز في الدور ، والأرضين ، وكره في
[ ص: 87 ] الحيوان ، والثياب إذ لا يدري كيف ترجع إليه . قاله
مالك . وأجاز ذلك كله
ابن القاسم .
قال
ابن يونس : على التعليل بالتغيير يمنع
رهن الثمر قبل بدو صلاحه ، والآبق في البيع . وفي كتاب الحمالة إذا وقع في البيع حمالة غرر فسد عند
ابن القاسم ، ويجوز البيع عند
أصبغ . وقد قيل إذا
رهن من ذمي خمرا في البيع لا يفسد البيع ، وترد الخمر للذمي ، فلو غفل عنها حتى تخللت ، فهو أحق بها توفية بالعقد . فإن
باع الرهن المشترط منفعته ، وهو مما يغاب عليه قيل : يضمنه ; لأنه رهن يغاب عليه ، وقيل : لا كالعين المستأجرة ، وهو مستأجر ، وقيل : ينظر ما ينقص بالإجارة إن كان يوما مثلا استؤجر شهرا ، فقيل : ينقص الربع ، فربعه غير مضمون . فإن قام بدعوى الضياع سقط ضمان ذلك القدر ، وإن لم يقم إلا عند حلول الأجل لا يضمن عند
ابن القاسم أن الضياع قبل قيامه للتهمة ، وخالفه غيره أن الأصل عدم الضمان . وأجاز في الكتاب إجارة المصحف فيجوز اشتراط منفعته . قال
مالك : ولا يجوز له أن يوسع له في الانتفاع بعد تمام البيع ، ولا بعد الارتهان ; لأنه رشوة لرب الدين ليؤخر عنه دينه .
فرع
في الكتاب :
لا يرهن ما لا يعرف بعينه من طعام ، وغيره من المثليات إلا أن يطبع عليه خشية انتفاع المرتهن ، ويرد مثله . ولا يطبع على الحلي حذرا من اللبس كما يفعل ذلك في سائر العروض ; لأنه يعرف بعينه ، وجوز الأئمة الكل مطلقا . قال
ابن يونس : وعن
أشهب يمتنع
رهن الدنانير بغير طبع ، فإن فعل طبع عليها بعد ذلك ، ولا يفسد الرهن ولا البيع لعدم تحقق الفساد ، وما بيد أمين لا يطبع عليه ، وما أرى ذلك عليه في الطعام ، والإدام ، وما لا يعرف بعينه . ولو اعتبرت التهمة مطلقا اطردت في الحلي لجواز لبسه في العيد .
فرع
في الكتاب :
لا يرهن مسلم من ذمي خمرا ، ولا خنزيرا ، وقال الأئمة : لأنه
[ ص: 88 ] لا يستوفي منه الحق . قال
ابن يونس : قال
أشهب : إن قبضه ثم فلس الذمي ، فهو أسوة الغرماء لبطلان الحوز شرعا إلا أن يتخلل . ولو أراد المسلم إيقاف الخمر بيد النصراني أريقت ، ولا يلزمه إخلاف الرهن لصدوره على معين . وإن
ارتهن مسلم عصيرا ، فصارت خمرا دفعها للسلطان ، فتراق إن كان الراهن مسلما ، وإلا ردت للذمي ; لأن ملكه معصوم فيها .
فرع
قال صاحب البيان : قال
مالك : لا يجوز
استثناء حمل في الرهن ، وليس بالبين لامتناع الغرر في البيع دون الرهن ، وينبغي أن يعلل بأنه لما امتنع الجنين دونها اتباعا للعمل بغير قياس امتنعت دونه بغير قياس ، والقياس الجواز فيهما كالثمرة التي لم تؤبر دون أصلها ، وأصلها دونها .
فرع
قال : أرش جراح العبد يدخل في الرهن اتفاقا ; لأنها بدل جزئه ، وما تنقص قيمته كالمأمومة ، والمنقلة ، والجائفة ، والموضحة ، فللسيد إلا أن ينقص ذلك قيمته ، فللمرتهن أخذ اليسير بقدر ما نقصت قيمته .
فرع
قال : إذا بعت بقرة إلى شهر ، وارتهنت عبدا على أن تأخذ كل يوم غلته درهما من الثمن لم يجز ; لأنه بيع بثمن غرر إلا أن يضمن السيد إن تعذر دفعه من قبله ، أو يتطوع بالرهن بعد العقد فيجوز . ويجوز في السلف مطلقا إلا أن يتطوع بذلك على أن يرد عليه العبد فيمنع في البيع ، والسلف ، وإن ضمنه السيد .
فرع
قال : قال
ابن القاسم : يمتنع أن ترتهن دينا عليك في ثمن سلعة بعينها إلى أجل أبعد من أجل الدين ; لأنه بيع ، وسلف ; لأن تأخير الدين بعد حلوله
[ ص: 89 ] سلف إلا أن يشترط وضع الدين على يدي عدل ، فإن لم يفعل ، وفاتت السلعة ، فالأقل من القيمة ، أو الثمن .
فرع
في الجواهر :
لا يشترط أن يكون الرهن ملكا للراهن ، بل يستعير ليرهن . وقاله ( ش ) . فإن استوفى من ثمن الرهن المعار رجع المعير على المستعير عند
ابن القاسم بقيمة المرهون ; لأنه أتلف العين فيلزمه قيمتها . وقال
أشهب و ( ش ) : بل بمثل ما أدي عنه من ثمنه ; لأن عقد العارية ينقل منفعة العين ، والمنفعة هاهنا التوثق ، ووفاء الدين فيضمن الدين . واشترط ( ش ) علم المعير بقدر الدين ، وجنسه ، ومحله لامتناع ضمان المجهول عنده .
قال في الجواهر : فلو فضلت من الدين فضلة بعد قضاء السلطان بالبيع ، والوفاء ، فأوقفها ، فضاعت ، فمن ربها ، وليس على المستعير إلا ما قضي عنه . فلو هلك في يد المرتهن لا يتبع المعير المستعير بقيمته إن كان مما يغاب عليه ; لأنه تحت يد غيره ، وقاص المستعير المرتهن كما لو كان له ، وإن كان مما لا يغاب عليه ، فلا قيمة على المرتهن ، ولا على المستعير . ولو أعرته عبدا ليرهنه في دراهم ، فرهنه في طعام ، فهو ضامن له لتعديه . وقال
أشهب : لا ضمان عليه ، ويكون هنا في عدد الدراهم التي رهن بها ربه تمسكا بأصل الإذن ، وعمومه ، وإن تعذر خصوصه .
وفي الكتاب : لو كان ( عبدا ) فأعتقه المعير ، وأنت مليء بعد العتق عجلت الدين لربه إلا أن تكون قيمته أقل من الدين ، فلا يلزمك إلا تعجيل قيمته ، ويرجع عليك المعير بذلك بعد أجل الدين لا قبله . قال
ابن يونس : عن
مالك : إذا بيعت العارية يتبعه بقيمتها . وقول
مالك في الكتاب : ضمنت قيمتها ، يريد وكذلك يلزم المرتهن ، وإنما يضمن إذا رهن في عين المستعار له إذا أقر له المستعير بذلك ، وخالفهما المرتهن ، وامتنع المعير من الحلف فيكون رهنه رهنا فيما أقر به ، فإن نكل ضمن تعديه . وقوله في العتق خالفه
أشهب ، وقال : يحلف المعير ما أعتقه ليؤدي الدين ، ويبقى رهنه حتى يقبض من ثمنه إن بيع ، أو يفي فينفذ العتق . فإن نكل لزمه
[ ص: 90 ] الأقل من قيمته ، أو الدين ، ونفذ العتق ، ولم يره مثل الذي عليه الدين نفسه يعتق عبده بعد رهنه ، بل مثل من أعتق بعد الجناية . والفرق أنها أخرجته من ملك ربه إلا أن يفديه ، والعارية باقية على ملك ربها .
فرع
في الجلاب : إذا
اشترط أن المبيع رهن بالثمن لأجله جاز إلا في الحيوان ; لأنه مبيع يتأخر قبضه ، والحيوان سريع التغير . قال
الأبهري : ومتى كان الأجل تتغير في مثله السلعة امتنع للغرر ، وبيع معين يتأخر قبضه ، ويجوز في الحيوان ثلاثة أيام للأمن عليه غالبا في ذلك .
فرع
في البيان : لك أذهاب لآجال مختلفة ، فبعته على أن يرهن بالثمن ، والأذهاب ، ويتحد أجلها يمتنع ; لأنه بيع وسلف ; لأنه إن شرط الحلول ، أو أقرب الآجال ، فالمبتاع المسلف ، أو أبعدها ، ومؤخرة كلها ، فالسلف من البائع ، ولو بقاها على آجالها . وكذلك يمتنع إن دفعت له شيئا ، أو أسقطت عنه بعض الدين ليرهن ; لأنك في البيع أسقطت بعض الثمن لأجل الرهن ، وعن مالك جميع ذلك جائز ، وهو الأظهر .
فرع
قال
اللخمي :
ابتاع على أن يترك المبيع رهنا بثمنه إلى أجل الثمن امتنع ، وإن جعله بيد أجنبي جاز ; لأنه اشترى شيئا لا يدري متى يقبضه ، ولعله يطول مدة طويلة . وجوزه
ابن حبيب في العقار أن يبقى بيد البائع بخلاف العبد إلا أن يوضع على يد أجنبي ، فأجازه
ابن الجلاب في غير الحيوان ، ولم يراع من يوضع على يده ، وأجازه
ابن القصار مطلقا كما لو رهنه غير مبيع .
فرع
في الكتاب : إذا أرهنت عبده ميمونا ، ففارقته قبل قبضه - لك أخذه ما لم
[ ص: 91 ] يقم الغرماء ، فتكون أسوتهم ، فإن باعه قبل القبض مضى البيع ، وليس لك مطالبته برهن غيره ; لأن تركك إياه حتى باعه كبيعك إياه ، وبيعك إياه ماض بخلاف لو شرطت رهنا غير معين ، فلم يجز لك - نقض بيعك وتركه بغير رهن . وهذا إذا سلمت السلعة المبيعة ، فإن لن تدفعها ، فباع المشتري الرهن قبل القبض أنه لا تكون الخدمة رهنا ; لأنها غلة . قال
أشهب : سواء اشترط رهنا ، أو حميلا يجبر على الإتيان به إلا أن يعجز . قال
ابن القاسم : وإن اشترط عبدا غائبا جاز ، ويوقف المبيع حتى يقدم العبد ، فإن هلك لم يكن للراهن الإتيان برهن مكانه إلا برضا البائع . قال
أشهب : إن بعدت الغيبة امتنع البيع إلا أن يكون الرهن عقارا ، أو يقبض المبيع ; لأن البعد في بيع العقار لا يصح ، وجوز في العبد اليومين .
فرع
قال
ابن يونس : قال
عبد الملك : إذا استحق المعين ، واتهم أنه غره حلف أنه ما علم بذلك ، وإن قامت بعلمه بينة فعليه البدل . قال
اللخمي : قال
مالك : إذا استحق بعض الثياب الرهن ، فالباقي رهن بجميع الحق ; لأن الرهن تعلق الحق به ، وبأجزائه بطريق الأولى لشدة الحاجة حينئذ للتوثق . فإن ضاع في يد المرتهن ضمن نصفه للراهن ، وإن وضعه على يد المستحق ، أو غيره لم يضمن لعدم يده عليه . ولو غاب الراهن ، وقال المستحق : يكون على يدي ، أو على يد فلان لم يكن للمرتهن ذلك دون نظر الحاكم . وإن ادعى المرتهن ضياعه قبل الاستحقاق ضمن نصيب الراهن ، وضمنه
ابن القاسم نصيب المستحق ، وقيل : يحلف لقد ضاع ، ويبرأ .
قال
مالك : فإن قال المستحق : أنا أبيع نصيبي ، فليبع الراهن ، والمرتهن معه ، ولا يسلم المرتهن فيكون ثمنه رهنا في يده بجميع حقه . وقال
أشهب : إن بيع قبل الدين يعجل ذلك الثمن من دينه لعدم انتفاع الراهن بإيقافه إلا أن يأتي الراهن برهن آخر ، أو يقول آتي به في المستقبل ، أو يكون الدين مخالفا لما بيع ، فلا يعجل .
[ ص: 92 ] فرع
في الكتاب : يجوز
رهن جلود السباع المذكاة ، وبيعها ، دبغت أم لا ؛ لذهاب الفضلات المستقذرة الموجبة للنجاسة ومنع البيع بالذكاة . وتمنع
جلود الميتة ، وبيعها لما في الصحيح : آخر ما كتب به - عليه السلام - أن لا ينتفع من الميتة بشيء ، ويجوز ما لا يجوز بيعه في وقت دون وقت كزرع ، أو ثمر لم يبد صلاحه . فإن
مات الراهن قبل أجل الدين ، ولم يبد صلاح الزرع ، أو الثمر ، فحل الدين الذي عليه عجل من ماله ، ويسلم الرهن لربه . وإن لم يدع مالا انتظر وقت جواز بيع الزرع فيؤخذ منه . قال
ابن يونس في كتاب الصلح : جواز ارتهان الغلات بخلاف الأجنة . قال
محمد : يجوز البعير الشارد ، والعبد الآبق إن قبضه قبل موت صاحبه ، أو فلسه خلافا لـ ( ش ) ; لأن الثمن بإزاء المبيع ، والرهن لم يبدل به ثمن ، فلا يضر الغرر فيه لعدم إخلاله بالمالية الذي هو علة المنع . وفي مورد النص قال
ابن يونس : يجوز ارتهان ما تلد هذه الجارية ، أو هذه الغنم ، وجوز أحمد بن ميسر الأجنة كالآبق ، وكرهه ابتداء .
قال
اللخمي : الأعيان خمسة أقسام : ما يجوز بيعه وملكه ، فيجوز رهنه مطلقا ، شرط في أصل العقد أم لا ، وما يجوز ملكه ، ويمتنع بيعه لعذر في بعض الأحوال كالثمر قبل بدو صلاحه ، والآبق ، والشارد ، والجنين فيجوز رهنه في أصل القرض ، وبعد تقرره في الذمة في البيع بعد العقد ، واختلف فيه في أصل العقد ، وما يجوز ملكه ، ويمتنع بيعه لا لعذر كأم الولد ، وجلود الميتة قبل الدباغ ، وعظام الفيل ، وما لا يملك كالخمر ، والسم ، ونحوهما ، فهذان لا يرهنان لامتناع البيع عند الحاجة ، وما اختلف في جواز بيعه كجلود الميتة بعد الدباغ ، وجلود السباع قبل الدباغ ، وبعده ، والكلب المأذون فيه ، فمن جوز بيعها جوز رهنها ، ومن لا فلا . وإن رهن خدمة المدبر مدة معلومة يجوز بيعها ليواجر المرتهن تلك المدة ؛ جاز في عقد البيع ، أو بعده ، أو جميع خدمته ؛ جاز بعد العقد ، واختلف إن رهن في العقد . وإن رهن رقبته على إن مات الراهن ولا
[ ص: 93 ] مال له بيع ، وكان في أصل العقد فعلى الخلاف في رهن الغرر ; لأنه لا يباع له الآن ، ولا يدرى متى يموت السيد ، وهل يبقى المدبر أم لا . وإن رهن رقبته ليباع الآن امتنع . ويختلف هل يعود حقه في الخدمة ، وتباع له وقتا بعد وقت حسب ما يجوز من بيعها . وقد اختلف فيمن رهن دارا ثم أظهر أنها حبس ، فقيل : لا شيء له من غلتها ; لأنه إنما رهنه الرقبة ، وقيل : يكون له ما يصح للراهن ملكه ، وهو المنافع المحبسة عليه ، وكذلك المدبر . واختلف في
رهن الغرر والجهالة إلى أجل غير محقق في عقد البيع ، فمنع ; لأن له حصة من الثمن ، وأجيز لخروج ذلك عن أركان العقد ، ويجري ثالث أنه إن رضي البائع بإسقاطها جاز .
فرع
قال : إن رهنه على أنه إن مضت سنة خرج من الرهن لا يكون رهنا . قال
ابن يونس : قال
محمد : ويختص به الراهن دون الغرماء لفساده بالشرط المخالف لعقد الرهن .