فرع
في الكتاب : إذا تكفلت ، أو أعطيت رهنا ، فهلك عنده ، وهو مما يضمن ، وقيمته كفاف الدين فقد استوفى ، وترجع أنت على المكفول بقيمته تكفلت ، أو أعطيت الرهن بأمره أو لا لقيامك عنه بما شابه أن يفعله . ولو رهنته بأمره ، وقيمته أكثر من الدين رجعت على المكفول خاصة بمبلغ الدين من رهنك ، وسقط دين المرتهن لهلاكه عنده ، وبفضل قيمته على المرتهن ; لأنه ضمنه ، أو على المكفول ; لأنه سببه ، وترجع بها على المرتهن لأجل ضمانه . وإن رهنت بغير أمره رجعت عليه بالدين فقط ; لأنه الذي انتفع به ، وبالزيادة على المرتهن لضمانه إياه .
وفي النكت : يحتمل أن يكون معناه أن الذي عليه الدين معدم ، فتتجه الحمالة ، ويسوغ الرهن ; لأن الحمالة لا تلزم الموسر ، ويجب أخذ الرهن ، فلا يتم قوله إلا برضا الذي له الرهن ، فإن لم يرض ، فله اتباع الذي ضاع الرهن عنده بقيمته لاتهامه في حبسه ، واستعجال حقه من هذا دون غريمه ، وقيل : إذا ضاع قبل حلول الدين ، والرهن كفاف الدين : إن المرتهن قد استوفى حقه ، ولا حجة عليه ; لأنه كمقتضي دين قبل حلول أجله ; لأنه إنما اتهم بغيبته ، ولا يعلم أن حسبه تعد . قال
التونسي : انظر كيف ألزم في الكتاب الذي عليه غرم الفضلة إذا رهن بإذنه ، وصاحب الرهن يعلم أن المستعير لم يستهلكها ، والمستعير إنما يضمن إذا اتهم على العين المستعارة ، ولكنه جعل حكم الراهن كأنه وكيله
[ ص: 119 ] التزم بأن ما وجب على المرتهن فهو واجب عليه فعلى هذا أعاره . ولو أن المستعير قبض الرهن ، وقيمته خمسة عشر ثم دفعه هو إلى المرتهن ، وقيمته عشرة بحضرة بينة ، فادعى ضياعه لغرم المستعير خمسة عشر ; لأنه على ذلك أخذه . وقد قيل إذا استعار شيئا فربا عنده بعد العارية شهرا ثم ادعى ضياعه يضمن قيمته يوم استعاره ، وفيه خلاف .
ولأشهب في المتعدي على الرهن يبيعه هل يضمن قيمته يوم رهنه ، أو يوم باعه . أما إن كانت قيمته يوم استعاره عشرة ، ويوم رهنه خمسة عشر ، فإن المستعير لا يربح كما لو باعه المستعير بأكثر من قيمته يوم العارية ، فإن للمعير الثمن ، وكما لو باعه المرتهن لكان للمعير الثمن الذي بيع به ; لأنه كالإذن في بيعه ، فليس له إلا الثمن فقط .
فرع
في الكتاب : إذا اشترطتما إن لم يأت بالحق إلى أجله ، فلمن على يديه الرهن من عدل ، أو مرتهن بيعه ، فلا يبيعه إلا بإذن السلطان لافتقار بيعه إلى إثبات غيبتك ، وإعسارك ، وبقاء الحق عندك إلى حينئذ ، فإن باع بغير إذنه نقض بيعه لإذنك له ، وإن لم تأذن له في بيعه دفعه إذا حل الأجل للسلطان ، فإن أوفاه ، وإلا باع له الرهن .
في النكت : قال بعض شيوخنا : إذا قال السلطان للعدل الذي بيده الرهن : بعه ليأخذ المرتهن حقه ، فقال : ضاع الثمن ، ولم يعلم بيعه إلا من قوله ، لا يبرأ الراهن من الدين ; لأن صاحب الدين لم يأتمنه على هذا البيع ، ولا الثمن ، ولا يضمن لتوكيل السلطان إياه ، فلا يزول الدين من ذمة الراهن حتى يبيع العدل ببينة . وقيل : بل ضمان الثمن من المرتهن ; لأن العدل جعل وكيلا له ، وقبض الوكيل كقبض الموكل . قال
التونسي في الموازية : الدور ، والأرضون ، والعبيد ، وما له بال يرد ما كان قائما ، ويمضي الفائت بالثمن إن لم يحاب فيه . قال
أشهب : وأما مثل المقثاة ، ونحوها ، فتباع بغير إذن السلطان لئلا تفسد في إيقافه على الإذن .
فإن قيل : لم وقف في الكتاب على إذن الإمام مع أنه وكل في البيع ، ومن وكل في بيع ماله لا يوقف .
[ ص: 120 ] قيل : تلك وكالة الاختيار ، وهاهنا هي اضطرار لما عليه من الدين فيحتاج عند الأجل إلى بحث عن قرب غيبته ، وهل له مال يقبض منه الدين أم لا ; لأن الرهن إنما يباع مع العدم ، فهو من باب للغائبين .
قال
ابن يونس : وعن
مالك : أما التافه فيمضي ، وما له بال يرد إن لم يفت . قال
أشهب : أما بلد لا سلطان فيه ، أو يعسر الوصول إليه فيجوز البيع مطلقا . قال : فالحاصل أن
مالكا ،
وابن القاسم لم يختلفا في التافه ، واختلفا فيما له بال ، فأمضاه مرة ، ورده مرة إن لم يفت . قال
ابن القاسم : فإن فات لزمه الأكثر من الثمن ، والقيمة . وإذا أمر الإمام بالبيع ، فاليسير يباع في المجلس ، وما له بال ففي أيام ، ويشهر ، ويسمع به كالجارية ، والدار ، والثوب ، والنفيس ، وربما نودي عليه الشهرين .
قال
اللخمي : إن تعذر الرفع للسلطان ، أو عدم ، فلجماعة عدول يحضرهم النداء . ويجوز اشتراط المرتهن أو العدل البيع ، وينفذ البيع بغير سلطان إذا تطوع به الراهن بعد العقد . قال صاحب المنتقى : إذا باعه الإمام بغير الرهن من عرض أو طعام منعه
ابن القاسم ، وقال
أشهب : بمثل الدين ، وإن لم يكن فيه فضل جاز ، أو فيه فضل امتنع بيع بكذا لفضله ، والمشتري مخير في التمسك بما بقي لضرر الشركة . قال الأبهري : ما كان مثل الثمار وغيرها مأمونا لا يباع بغير أمر السلطان نفيا للتهمة .
فرع
في الجلاب : إذا وكلت في البيع ليس لك عزل الوكيل إلا برضا المرتهن ، وقاله ( ح ) خلافا ( ش ) ،
وأحمد ; لأن القاعدة أن الوكالة عقد جائز من الجانبين ما لم يتعلق بها حق للغير . وفي المبسوط : لك العزل كسائر الوكالات .
[ ص: 121 ] فرع
قال صاحب البيان : لا يبيع السلطان حتى يثبت عنده الدين والرهن ، وفي الملك قولان إذا أشبه أن يملكه الراهن أما إذا لم يشبه الثوب لباسه ، أو ترهن المرأة السلاح ، فلا بد من ثبوت الملك .
فرع
إذا
لم يوجد من يبيع الرهن إلا بجعل . قال
ابن القاسم : الجعل على طالب البيع منهما ; لأنه صاحب الحاجة ، والراهن يرجو دفع الحق من غير الرهن . وقال
عيسى : على الراهن لوجوب القضاء عليه .
فرع
قال : قال
ابن القاسم : إذا باع الأمين الرهن ، وقضى الغريم ثم استحق ؛ رجع المشتري على الراهن إن كان له مال ، وإلا فعلى البائع كالمفلس يباع ماله فيستحق شيء منه ، فالرجوع على الغرماء إذا لم يكن للغريم مال . وقال ( ش ) : متى استحق المبيع رجع المشتري على الراهن إن علم المشتري بالوكالة ، وقاله
أحمد ، وقال ( ح ) : العهدة على الوكيل ، ويرجع على الراهن قياسا على المطالبة بتسليم المبيع ، والرد بالعيب .
فرع
في الكتاب : إذا قبضه وكيل المرتهن بإذنه ، فهلك بيده ما يغاب عليه ضمن المرتهن ; لأن قبض وكيله كقبضه بخلاف العدل الذي يرضيان به لا اختصاص له به دونك .
فرع
قال : إذا دفعه العدل للراهن ، أو المرتهن تعديا ، فضاع ما يغاب عليه للآخر ، فإن كفاف الدين سقط لهلاكه بيد المرتهن أو أكثر ضمن العدل الفضل
[ ص: 122 ] للراهن . فإن مات العدل لم يرض يوضع الرهن عند غيره ، بل ذلك للمتراهنين لعزله عما عدا نفسه . قال
التونسي : إن
دفعه للرهن ، ففلس الراهن ، وهو قائم بيده ، ولا مال للأمين . قال
عيسى : المرتهن أحق توفية بعقد الرهن . مثال ما تقدم : للذي له الرهن عشرون ، وللغريم أحد وعشرون ، وجد عند المديون عشرة والرهن . أخذا عشرة عشرة ، وأخذ المرتهن من العدل ثلاثة وثلثا ; لأن الراهن لو كان حاضرا لأخذه ، وبقي له عشرة يحاصص بها في العشرة الموجودة عند المديون ، ويحاصص الغريم الآخر فيها بعشرين فيحصل لها ثلثها ، ويرجع به على العدل ; لأنه الذي فات بسببه . ولو أفات الراهن الرهن ، ووجدا عنده عشرين ، فأخذ كل واحد عشرة لرجع المرتهن على العدل بثلثي العشرة ; لأن الرهن لو حضر لأخذه ، وحاصص بعشرة في العشرين فيحصل له ثلث العشرين فيرجع به على العدل . وعلى هذه الطريقة تخرج هذه المسائل .
قال
ابن يونس في الكتاب : إذا دفعه للراهن ضمنه للمرتهن يريد الأقل من قيمته ، أو الدين . وقوله إن كان كفاف الدين سقط ، يريد : ويرجع به على المرتهن . قال
اللخمي : إذا سلمه المرتهن قبل الأجل فعلم بذلك قبل الأجل أغرم القيمة أيهما شاء لتعدي هذا في الدفع ، والآخر بالقبض ، وتوقف القيمة على يد عدل غير الأول خيفة أن يتعدى ثانية . وللراهن أن يأتي برهن غير الأول ليأخذ القيمة . فإن غرم العدل فيرجع على المرتهن ; لأنه سلطه . وهذا إذا علم الضياع بالبينة ، وإلا فهل يغرم العدل للمرتهن قيمته الآن ، أو يكون قصاصا ; لأن العدل
[ ص: 123 ] يغرم بالتعدي حقيقة ، والمرتهن بالتهمة ، ويمكن صدقه . ولا خلاف في المرتهن إذا غرم بالتعدي أن تؤخذ منه القيمة الآن قبل الأجل . واختلف إذا غرم بالتهمة هل تؤخذ القيمة ، أو يكون قصاصا بالدين ، فإن أسلمه العدل للراهن ، فللمرتهن انتزاعه ، ويوقف على يد عدل ، فإن لم ينزع حتى فلس الراهن . قال
ابن القاسم : المرتهن أحق أن يوفيه بعقد الرهن ، وقال
محمد : أسوة الغرماء لزوال الحوز .
فرع
في الكتاب : إذا
أمر السلطان ببيع الرهن رجلا ليقضي المرتهن حقه ، فضاع الثمن لم يضمنه المأمور ، ويصدق في ضياعه ; لأنه أمين ، فإن اتهم أحلف ، وكان الثمن من الذي له الدين كضياع ما باعه السلطان لغرماء المفلس . قال
ابن يونس : وعن
مالك أنه من ربه حتى يصل إلى الغرماء ; لأن السلطان وكيله دونهم . وقال بعض القرويين : إنما يكون ضياع الثمن من الذي له الدين عند
ابن القاسم إذا ثبت البيع ببينة ، وإلا فلا يبرأ الراهن من الثمن ; لأن صاحب الثمن لم يأتمنه على هذا البيع ، وقيل : سواء ، وهو الصواب ، وظاهر الكتاب ; لأنه أمين من جهة السلطان . فلو ضاع الرهن قبل بيعه لكان من ربه على قول
ابن القاسم ، ومن الذي له الدين على قول
عبد المالك كاختلافهم في ضياع مال المفلس الموقوف للغرماء .
فرع
في الكتاب : إذا باع السلطان ثم استحق ، وقد فات عند المبتاع ، وغاب المبتاع ، فلم يوجد ، فللمستحق إجازة البيع ، وأخذ الثمن من المرتهن ، ويرجع المرتهن بحقه على الراهن كمن استحق سلعة بعد بياعات ، فإنه يأخذ الثمن من أيهم شاء .
فرع
قال : لو
باع المأمور الرهن بحنطة ، أو شعير ، أو عرض لم يجز ; لأنه خلاف المعتاد في الأثمان ، فإن ضاع ما قبضه ضمنه لتعديه بخلاف العين لا يضمن ، وكذلك
[ ص: 124 ] الوكيل على بيع السلع . قال
اللخمي : قال
أشهب : إذا باع بجنس ما عليه من الدين ، ولم يكن في ثمنه فضل جاز ، وإن كان فيه فضل رد ذلك الفضل ، وخير المشتري في الباقي ، فإن رده فله للضرر في الشركة .
فرع
في الكتاب : إذا قبض الرهن ثم أودعه الراهن ، أو أجره إياه ، أو رده إليه بأي وجه كان خرج من الرهن ، وقاله ( ح ) إلا في العارية ، والوديعة ، وقال ( ش ) : لا تشترط استدامة القبض كمن يخدم الراهن نهارا ، ويرجع للمرتهن ليلا ، وللمرتهن أن يأذن للراهن في الاستيلاء على الرهن ، ولا يقدح ذلك ، ويملك الراهن التصرف في الرهن عنده بما لا يضر المرتهن ، ولا ينقض الآجال والعتق عنده إلا أن يكون موسرا . ومنشأ الخلاف أن عقد الرهن هذا أفاد ، فعنده أفاد أنه صار ببيعه في دينه عند الأجل ، وإنما شرع القبض عنده ليلزم ; لأنه تبرع عنده لا يلزم إلا بالقبض ، وعندنا أنه محبوس بالدين عنده فيكون الاختصاص قائما مقام ملك العين ، فهنا مقصودان حبسه ، واستحقاق البيع ، وهو أعظمهما ، ويترتب على الأول كالوضوء مقصوده الأعظم إباحة الصلاة ، ويترتب على غسل الأعضاء . وعلى هذا الأصل تنبني أكثر مسائل الرهن من
رهن المشاع لمنع الإشاعة دوام القبض بالمهايأة ، ومنافع الرهن هل للراهن أم لا ؟ وقد تقدم تقريره . ويمكن الراهن من مباشرة الاستيفاء ، فهو أصل كبير ، فاعلمه .
لنا : قوله تعالى : (
فرهان مقبوضة ) .
قاعدة أصولية
المشتق إطلاقه قبل وجود المشتق منه ليس حقيقة إجماعا من باب تشبيه الشيء بما هو آيل إليه نحو تسمية العنب خمرا ، وإطلاقه عند وجود المشتق منه حقيقة إجماعا نحو تسمية الخمر خمرا ، أو بعد وجوده مجازا عند الجمهور نحو تسمية النائم يقظان باعتبار ما مضى . إذا تقررت هذه القاعدة ، فإذا رد الرهن
[ ص: 125 ] وجب ألا يصدق عليه مقبوضا فيكون وصفا لقبض معدوم ، والله تعالى قد اشترطه في الرهن ; لأن الوصف يجري مجرى الشرط ، ويلزم من عدم الشرط عدم المشروط ، فلا يكون هذا رهنا ، فلا يستحق بيعه ، وهو المطلوب ، ولأنه قد تقدم أن معنى الرهن في اللغة الحبس ، والثبوت ، فإذا لم يثبت ويدم لا يكون رهنا لغة ، فلا يكون رهنا شرعا ، وهو المطلوب ، ولأنا أمرنا برهن مقبوض إجماعا ، وأجمعنا على أن ما ذكرناه موف بمقتضى هذا الأمر ، ومقتضى المشروعية فيه ، فوجب ألا يكون ما ذكرتموه مشروعا لعدم ما يقتضي العموم في الآية ، فهي مطلقة ، والقاعدة الأصولية أن المطلق إذا عمل به في صورة سقط اقتضاؤه فيما عدا تلك الصورة ، فالقواعد معنا والنص .
احتجوا بقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2004999الرهن محلوب ، ومركوب ، والمراد إما المرتهن ، وهو باطل إجماعا فيتعين الراهن ، ولأنه عقد من شرطه القبض ، فلا يشترط دوامه كالهبة ، والصدقة ، والعارية ، ولأن الدوام لو كان شرطا لبطل الرهن إذا غصب منه ، وليس كذلك اتفاقا ، ولأن دوام القبض لو كان شرطا لبطل إذا أذن المرتهن للراهن في بيع نصفه ، وهو النكتة ، زعموا أنها تبطل أكثر أصولنا ، وأنا أجمعنا أن القبض ليس شرطا من حين العقد إلى زمن البيع ، فكما لا يضر عدم اليد ابتداء لا يضر انتهاء قياسا لأحد الطرفين على الآخر ، ولأن لفظ القبض مطلق ، والمطلق يكفي فيه صورة ، فتعين ما ذكرتم من القاعدة ، فلا تدل الآية على الدوام ، وهو المطلوب .
والجواب عن الأول : أن الحديث لم يعين الحالب ، والراكب ، فنحمله على المرتهن بإذن الراهن ، والمطلق يتأتى بصورة ، وهذه الصورة مجمع عليها فيسقط النص من غيرها ، وعن الثاني : القلب في النكتة ، فنقول تصرف من شرطه القبض ، فلا يكون للدافع فيها بعد ذلك حق كالواهب في الهبة ثم الفرق أن مقصود الهبة الملك ، وزوال اليد لا ينافيه ، ومقصود الرهن التوثق ، وزوال اليد ينافيه ، ولا سيما والرهن معناه الاحتباس والثبوت ، وعن الثالث : أن الحكم القهري غير معتبر شرعا بخلاف الإكراه ، والجبر ، وعن الرابع : أن يد المرتهن تبقى على المرهون ، وهو الرهن ، فلم يبطل القبض ، وعن الخامس : أن في الابتداء له المطالبة بالقبض بمقتضى العقد ، فما وجد تفريط ، أما إذا رده
[ ص: 126 ] فقد فرط ، فقدم ذلك في الشرط . وعن السادس : أنا بينا أن القبض صفة لازمة لأن الرهن الاحتباس والدوام ، فإذا بطل القبض بطل الرهن ، فكما أجمعنا على معنى الرهن يجب دوامه فيجب دوام القبض ، وهو المطلوب .
تفريع : في الكتاب : ليس للمرتهن في إعارته إياه ، ورده إلا أن يعيره على ذلك ، فله إلا أن يقوم الغرماء ، أو يموت الراهن ، فهو أسوة الغرماء . وكذلك إن كان أرضا ، فزرعها الراهن بإذنك ، وهي بيدك خرجت من الرهن ، وكذلك إن أكرى الدار بإذنك . وإن أجره المرتهن ، أو أعاره بإذن الراهن ، وولي المرتهن ذلك ، ولم يسلمه للراهن ، فليس بخروج لبقاء اليد ، وإن ضاع عند المستأجر ، وهو يغاب عليه ، فهو من الراهن . قال
ابن يونس : قال
ابن القاسم : متى قام المرتهن برده قضي له إلا أن يفوت بحبس ، أو عتق ، أو تدبير ، أو بيع ، أو قام غرماؤه . وسوى
أشهب بين العارية وغيرها في أن له الرد ما لم يفت بما تقدم ، وسوى في كتاب حريم البئر بين أن يسكن ، أو يأذن له في السكن ، أو الكراء . وقال
أشهب : بل حتى يكريها ، وقال
ابن القاسم : وكذلك لو أذن له السقي من البئر ، أو العين المرتهنة خرجت من الرهن .
قال
محمد :
ولا يكري المرتهن الرهن إلا بإذن الراهن لملكه المنافع إلا أن يرتهنه على ذلك . قال
أشهب : إن شرط أن كراءه رهن مع رقبته فله أن يكريه بغير إذنه لانتقال المنفعة إليه . وعن
مالك لا يحتاج إذنه مطلقا ; لأن المنافع تابعة للرقبة . قال صاحب المنتقى : إن أكرى المرتهن بغير إذن الراهن لزم الراهن ; لأنه صار كالمحجور عليه ، فإن حابى ضمن المحاباة . قاله
عبد الملك . وليس للراهن تعجيل الدين ، وفسخ الكراء إن كان بلا وجيبة ، وإلا فله ، وإن كان أجله دون أجل الدين . قاله
عبد المالك . وقال
أصبغ : إن كانت وجيبة إلى أجل الدين ، أو دون فليس ، أو أبعد فله الفسخ فيما زاد إذا حل الأجل . وإنما فرق
عبد المالك بين الوجيبة وغيرها ; لأن عقد الكراء إذا انعقد على معين يقدر بنفسه ، ولم يفسخ لفوات زمان ، وإذا علق بزمن معين وقدر به انفسخ بفوات ذلك الزمان . ووجه قول
أصبغ أن الكراء على اللزوم فيلزم فيما لا مضرة فيه على الراهن . قال
أصبغ : وليس له في الدين كراؤها بوجيبة طويلة ، فإن فعل لم يلزم الراهن إذا عجل الدين .
[ ص: 127 ] فرع
في المنتقى قال : إن
ترك المرتهن أن يكري الدار التي لها قدر ، أو العبد الكثير الخراج حتى حل الأجل ضمن أجرة المثل لتضييعها على الراهن ، وهو محجور عليه ، أما الحقير فلا . قاله
عبد المالك . وقال
أصبغ : لا يضمن في الوجهين كالوكيل على الكراء .