صفحة جزء
تفريع . في الكتاب : إذا فلس المبتاع والسلعة قائمة بيده فالبائع أولى بها ، وإن لم يكن للمفلس مال غيرها إلا أن يرضى الغرماء بدفع ثمنها إليه ، فذلك لهم . وإن مات المبتاع قبل دفع الثمن وهي قائمة بيده فالبائع أسوة الغرماء . وإن تغيرت الهبة للثواب بيد الموهوب بزيادة أو نقص في بدن ، وقد فلس فللواهب أخذها إلا أن يرضى الغرماء بدفع ثمنها فذلك لهم .

في النكت : إذا كانت الهبة للثواب قائمة ، قيل : فسواء قبل الموهوب أو مات الواهب أولى من الغرماء . وأما إن فاتت فله أخذها في الفلس دون الموت ; لأنها إذا فاتت وجبت القيمة في الذمة فصارت كثمن المبيع . قال صاحب المقدمات : فإن كانت بيد البائع فهو أحق في الفلس والموت اتفاقا ; لأنها كالرهن بيده ، وكذلك من اشترى سلعة بسلعة فاستحقت التي قبض فهو أحق بالتي دفع بالدفع إن وجد عينها في الموت والفلس جميعا قولا واحدا .

ولو تزوج بسلعة بعينها ففلست ثم طلقها قبل الدخول أو ظهر فساد العقد فهو أحق بها إن فسد العقد ، أو بنصفها إن لم يفسد في الفلس والموت قولا واحدا . وتعين أن هذا هو المبيع إما بالبينة ، وإما بإقرار المفلس قبل [ ص: 177 ] التفليس ، أما بعده فأقوال : أحدها : أن قوله مقبول مع يمين صاحب السلعة ، وقيل : بغير يمين ، وقيل : لا يقبل ، ويحلف الغرماء لا يعلمون أنها سلعته ، وقيل : إن كانت على الأصل بينة قبل قوله في تعينها ، وإلا فلا . قاله ابن القاسم .

وأما المعين فهو أحق بما في يده في الموت والفلس ، فإن سلمها للبائع فقال ابن القاسم : أحق في الفلس دون الموت كالعرض ، وقيل : كالغرماء ؛ قاله أشهب . فإن لم تعرف بعينها فكالغرماء في الموت والفلس .

قال التونسي : إن دفع له الغرماء الثمن ، قال ابن القاسم : ضمانها من المفلس لأنهم نواب عنه ، وقيل : منهم لأن ربها لو أخذها لبرئ هو من ضمانها . وإذا باع سلعتين ففاتت إحداهما فله أخذ الباقي ، وإن رضي الغرماء بدفع ثمنها فذلك لهم ; لأن الأصل بقاء ملك المشتري وهم نوابه . قال محمد : وهم أولى بها حتى يستوفوا من ثمنها ما فدوها له ، وقال ابن القاسم : هو يدخل معهم في ثمنها بثمن الفائتة كأنهم أسلفوا ثمنها ، ومحمد يقول : هم حلوا محل صاحبها ، ولو أخذها صاحبها لم يحاصصهم إلا بما بقي من ثمن الفائتة كذلك هم ، وكذلك لو كان ثمنها مائة وهما مستويان فانتقد خمسين ففلس المشتري ، وفاتت واحدة ، وأراد أخذها دفع ما نابها مما قبض وهو خمسة وعشرون وحاص بخمسة وعشرين ثمن الفائتة ، واختلف هل يكون الغرماء أحق بالسلعة حتى يأخذوا منها ما فدوها به : وهو خمسة وعشرون ، قاله أشهب ، أو يكونون كالمسلفين وذلك للمفلس فلا يكونون أحق ، قاله ابن القاسم ؟ ولو وجدها رهنا لم يأخذها البائع إلا أن يعطي ما رهنت به ، ثم يحاص بما غرم . وكذلك لو جنى المبيع حتى يدفع الجناية ولا يرجع بها كالعيب يدخلها ، وإن شاء أخذها معيبة وإلا حاص بالثمن . ولو وجده قد صبغ لم يأخذه حتى يدفع الصبغ كله ، قال أشهب : ثم يحاص به الغرماء ويكون الصبغ للمفلس ويشارك به . وينبغي على مذهب أشهب أن يكون أحق به حتى يستوفي منه ما دفع في إجارته ; لأنه يحل فيه محل الصباغ فيكون أحق بذلك من الغرماء . وقال محمد : لا يحاص بما أخرج فيه من ثمن ، ولعله أراد أن قيمة الصبغ مثل ما أخرج فلا فائدة لرب الثوب في الدفع والشركة ، وقد يكون ذلك [ ص: 178 ] أضر .

واختلف إن أحلت قيمتها على مشتريها ففلس المشتري ، فقيل : يكون أحق بالحيلولة محلك ، وقيل : لا ؛ لأنه لم يبع ، واختار محمد الأول ، والثاني وابن القاسم ، وهو نحو مما تقدم .

ومن ارتهن زرعا لم يبد صلاحه ، ثم فلس الراهن فحاص الغرماء من بيده الرهن إذ لا يقدر على بيعه فيبيع الزرع بعد أن حل بمثل الثمن فأكثر ، وما وقع له في الحصاص ، وما فضل بيده عن دينه ، وقد يقع أقل ، وأحسن ما يقال : أن ينظر كم حاص أولا . فإن قيل : بمائة وغريم آخر بمائة ، تدفع له خمسون ، فإن بيع الزرع بخمسين فهل الواجب أن تكون المحاصة بخمسين ويضرب الغريم بمائة فيقع لك ثلث المائة وللغريم ثلثاها ، وذلك ثلثا خمسين الذي قبضت ورد على صاحبك ثلث خمسين ؟ ولو تزوجها بمائة ففلس قبل الدخول فضربت بمائة فوقع لها خمسون ، ثم طلقها فيقال : انظر لو حاصصت بخمسين ما الذي كان يقع لها فتحسبه وترد البقية ؟ ولو تزوجها فدفع لها خمسين ، ثم فلس فضربت بالخمسين الباقية وقع لها خمسة وعشرون ، ثم طلقها لردت من الخمسين خمسة وعشرين ، وينظر لو ضربت مع الغرماء بخمسة وعشرين في مال المفلس ، وفي الخمسة والعشرين التي تردها كم ينوبها فتمسكه ، ولو دفع لها خمسين وطلقها ، ثم فلس قال ابن القاسم : " ترد " خمسة وعشرين وتضرب بخمسة وعشرين ; لأنها تستحقها .

قال ابن يونس عن مالك : إن أوقف السلطان الغلام أو الدابة بعد الفلس لينظر فمات المفلس قبل قبض البائع فهو أحق ، وإن لم يقبض لأنه أوقفه له ، وكان ابن كنانة يقول : للغرماء فداء السلعة من أموالهم بل يبدءون البائع من مال المفلس إن كان له مال ، وقال أشهب : ليس للغرماء أخذها بالثمن حتى يزيدوا عليه حطيطة عن المشتري من دينهم ، وتكون السلعة لهم نماؤها وعليهم " خسارتها " ، وقال ابن القاسم : من المفلس خسارتها وله زيادتها . وإذا أبقى بعض ثمن السلعة لم [ ص: 179 ] يأخذها إلا برد جميع ما قبض ، ومتى أراد الغرماء تكميل الثمن فلا مقال له ، ومتى كان المبيع سلعة مختلفة أو متماثلة وقبض بعض الثمن وهلك بعض السلع قومت ورد نصيب الباقي وحاصص بنصيب الهالك . وقال ( ش ) : إذا وجد المبيع وقد قبض بعض الثمن رجع بحصة ما بقي من الثمن ، ولا يخير بين رد المقبوض والضرب مع الغرماء .

لنا : أن ظاهر الخبر أثبت له أخذ ماله إذا وجده وقد وجده ، ووافق إذ قال بأخذ " أحد " العبدين المستويين بما بقي من الثمن ، ووافق إذا وجد السلعة رهنا لا يأخذها لتقدم حق المرتهن على المشتري قبل التفليس ، وقال : إذا وجد المبيع ناقصا نقصان جزء ينقسم عليه الثمن كعبدين أو طعام ذهب بعضه ، أو نخلة بثمرة ذهبت ثمرتها - خير البائع بين الضرب مع الغرماء بالثمن وبين فسخ البيع بما بقي بحصته ، ومحاصة الغرماء بحصة ما تلف ، ونقصا لا ينقسم عليه الثمن كذهاب يد أو رجل خير بين أخذه بجميع الثمن أو الترك والضرب بالثمن ، وإن زاد البيع زيادة غير متميزة كالسمن والكبر واختار البائع الفسخ تبعت الزيادة الأصل كالرد بالعيب ، أو متميزة كالثمار في النخل رجع بالمبيع دونها ، قال كالرد بالعيب ، وإن كان عبدا فعلمه صناعة أو قرآنا فلا شيء للمشتري في ذلك ، أو قمحا فطحنه ، أو ثوبا فقصره أو خاطه ولم تزد قيمته ، فكذلك وإن زادت فهل يكون كالأول أو يكون المشتري شريكا ؟ قولان عندهم . ومتى زاد الصبغ بيع الثوب وأخذ البائع بقدر قيمة الثوب ، وإن نقصت خير بين أخذه ناقصا أو الترك والمحاصة ، ومتى خلط المبيع المثلي بجنسه أخذ مكيلته ، هذا نص مذهبه ، وقال ابن حنبل : لأنه يأخذ غير عين شيئه . وقال هو وابن حنبل : لا يلزم البائع بذل الغرماء الثمن تمسكا بظاهر الخبر ، وكما إذا أعسر الزوج بالنفقة فبذل أجنبي تمسكا أو عجز المكاتب فبذل غيره الكتابة ، ولو دفعوا الثمن للبائع لزمه قبوله كما لو وفت الأموال .

وجوابه : أن الغرماء لهم حق في أملاك المفلس وأمواله فلهم تحصيل مصلحتهم بإزالة ضرر البائع ولا منة على المشتري ; لأنهم ساعون لأنفسهم ، بخلاف [ ص: 180 ] الأجنبي مع الزوج ، لا حق له في بقاء عصمة المرأة ، وتلحق المنة الزوج بقبول النفقة ، فالزوج مع ذلك معيب عند المرأة بخلاف المشتري مع البائع ، وظاهر الخبر إنما أوجب أخذ المبيع صونا للمالية ، فإذا ضيقت عملنا بموجب عقد البيع المتقدم وهو أولى لما فيه من الجمع بين الموجبات .

قال ابن يونس : قال مالك : إذا اختلط عسل أو زيت بمثله أخذ مكيلته . قال ابن " القاسم " : وإن خلطه بشيء اشتراه من آخر تحاصا فيه . قال محمد : فلو صبت زيت هذا في جريرة هذا فهما أحق بذلك من سائر الغرماء يتحاصان في ثمنها بقدر قيمة هذا من قيمة هذا ، ليس لهما غيره إن أحبا إلا أن يعطى الغرماء ثمن الجميع أو ثمن أحدهما ويدخلون مدخله مع الآخر ، وتوقف فيها محمد . قال مالك : ولو أخذ مقدار دنانيره أو بزه إذا رقمه وخلط جميع ذلك ببينة بجنسه . قال أشهب : ذلك في العروض من البز ونحوه ، وهو في العين أسوة الغرماء . قال أصبغ : إلا أن يخلطه بغير نوع كصب زيت الزيتون على زيت الفجل ، أو القمح النقي بالمغلوث أو المسوس فهو فوت .

قال ابن القاسم : لو زوجها بعبدين فقبضتهما ، ثم فلست وطلقها قبل البناء فهو شريك فيهما . قال ابن المواز : إن لم يوجد إلا نصف المهر فإن كان هلاكه بغير سببها فليس له إلا نصف ما وجد ولا محاصة له بما بقي ، أو بسببها حاصص بنصف ما ذهب .

ولو باع أمة فجنت لم يأخذها حتى يدفع الجناية ولا يرجع بها كالعيب يدخلها . قال مالك : ولو تعورت أو اعورت بغير جناية يأخذها بجميع حقه أو يترك ويحاصص . ولو اعورت بجناية جان فأخذ نصف قيمتها ليأخذها بنصف حقه إلا أن يعطيه الغرماء نصف حقه ويحاصص بالنصف الآخر في الوجهين أو يتركها ويحاصص بجميع الثمن . وكذلك الثوب يخلق أو يدخله فساد إلا أن يكون ذلك فاحشا جدا فلا يكون له أخذه ، قال عبد المالك : أما الثياب تنقطع لا أدري ، وأما الجلود تقطع نعالا فهو فوت . قال : ومتى الشيء هكذا فلا أرى له [ ص: 181 ] أخذه . ولو بنيت العرصة دارا أو نسج الغزل ثوبا كان شريكا للغرماء بقيمة العرصة من قيمة البنيان ، وكذلك الغزل ونحوه بأن يكون قيمة العرصة الثلث ، والبنيان الثلثان ، يكون شريكا بالثلث ، قاله مالك وأصحابه .

قال أصبغ : من اشترى زبدا فعمله سمنا ، أو عمل الثوب قميصا ، أو الخشبة بابا ، أو ذبح الكبش ، وذلك فوت ليس للبائع إلا المحاصة ، بخلاف العرصة والغزل ; لأنه عين قائمة زيد فيه غيره . قال محمد : والجلد يدبغ ، والثوب يصبغ ، يكون شريكا للغرماء بقدر ما زاد ذلك . ولو رقع الثوب شارك بما زاد الترقيع ، ولو كانت رقعة أو رقعتين وأكثره خياطة فتوق فهو بذلك أسوة الغرماء . وقيل : لو قيل : إن ما قابل الصبغ يشارك به ، وما قابل أجرة يده يحاصص به ، لكان أشبه .

قال محمد : وزراعة القمح وطحنه فوت . قال أشهب : إذا وجده عند الصباغ أو القصار قد فرغ أعطاه الأجرة ، وأخذه وحاصص الغرماء بما أعطى يقوم مقام الصباغ . وقال محمد : لاشيء له فيما فداه به إن سلمه إليه ليس له إلا ثوبه ، زاد الصبغ أو نقص ، أو يتركه ويحاصص ، كالعبد يجني ، ثم يفلس فيفديه ، فإذا باعه فلا شيء له مما فداه به .

ولو وجد سلعته مرهونة خير بين فدائها وأخذها بالثمن كله ويحاصص بما فداها به ، إلا أن يشاء الغرماء أخذها ويعطوه جميع الثمن ويحاصصهم بما فداها به فيها ، وفي جميع مال الميت أو يدعها ويحاصص . قال محمد : والفرق بينهما أن الرهن من جهة المشتري ، والجناية لم يتعلق بذمته شيء يلزمه . قال محمد : إذا جنى العبد فالغرماء مخيرون في فدائه بدية الجناية وثمنه الذي لبائعه ، ثم يبيعون ويستوفون من ثمنه دية الجناية ، فإن عجز عنها لم يكن لهم من بقية الجناية شيء يزيد ويكون لهم عليه ثمنه الذي دفعوه لبائعه ، قال : فإن فضل بعد دية الجناية شيء أخذوه في ثمنه الذي دفعوه فداء ، فإن فضل بعد ذلك فضل فبين غرمائه من دينهم . فإن مات أو نقص بعد أن فدوه فلا شيء على المفلس فيما فدوه به ، وإن شاءوا افتكوه من بائعه بالثمن ، ومن المجروح بالجناية وبزيادة ولو درهما [ ص: 182 ] يحطونه عن الغريم من دينهم ليكون العبد لهم ، فإن مات كان دينهم عليه إلا الزيادة التي زيدت على الدية .

قال ابن القاسم : وإن أبق العبد فأراد المحاصة بالثمن على أنه إن وجده أخذه ، ورد ما حاص به ليس ذلك له ، إما أن يرضى بطلب العبد ولا شيء له غيره أو المحاصة ، إلا أن يرضى الغرماء بدفع الثمن ويطلبوا الآبق ، وليس ذلك شراء للآبق ; لأن أداءهم على المفلس ، وللمفلس نماؤه ونقصه ، قال أشهب : له ترك المحاصة وطلب العبد ، فإن وجده فهو أحق به وإلا رجع فحاص الغرماء . وقال أصبغ : ليس له أخذه بثمنه ; لأنه شراء آبق فإن باعه المشتري وسلمه فحاص البائع بالثمن ، ثم رد بعيب فللبائع أخذه ورد ما أخذ ; لأنه عين ماله . ولو وطئها المشتري لا يمنع الوطء الأخذ بخلاف الاعتصار ، وهبة الثواب ; لتعين الضرر هاهنا .

قال ابن القاسم : إذا رده المشتري بعيب لم يقبض ثمنه من البائع ، ولو وجد ثمنه بعينه بأن يكون الثمن كتابا أو طعاما أو نحوهما فهو أحق به ، وقال سحنون : إذا فسخ البيع في البيع الفاسد وفلس البائع فالمبتاع أحق بالسلعة حتى يستوفي ثمنها ; لأنها عين ماله . وقال محمد : لا يكون أحق كالرد بالعيب ، والخلاف في الرد بالعيب . قال بعض القرويين : لو أخذ سلعة بدين أخذا فاسدا لا يكون أحق بها ، قد يمكن أن يكون تأخيره لمكان ما أخذ منه فوجب أن يكون أحق بها ; لأنه ترك الطلب حين الملاء لظنه الوفاء بما أخذ . واختلف في المحال بثمن السلعة هل يكون أحق كأصله أم لا ، لأنه لم يبع شيئا واختار محمد الأول على قاعدته : أن من فدى شيئا قام مقامه ، وعند ابن القاسم وأصبغ : لا يقوم مقامه . وفي الإقالة أيضا خلاف . قال اللخمي : إذا كانت السلعة من قرض ففي الموازية لا يكون أحق ; لأن الحديث إنما جاء في البيع ، وقال الأصيلي : أحق كالبيع ، ولو اشترى رجل الدين الذي هو ثمن السلعة ، ثم فلس المشتري للسلعة لم يكن مشتري الدين أحق . ولو تصدق بالدين لكان المتصدق عليه أحق ، فإن باع ثمرة مزهية ووقع الفلس بعد يبسها فهل يكون أحق بها ؟ خلاف عن مالك ، وأحق بها أحسن لأنها عين ماله ، ولأنها ضمان البائع حتى تصير إلى اليبس .

[ ص: 183 ] وفي الجواهر : الخلاف مبني على أصلين : أحدهما : الأخذ هل هو نقض للبيع من أصله أو ابتداء للبيع ؟ فعلى الأول يصح الأخذ ، وعلى الثاني يختلف فيه بناء على أصل آخر ، وهو ما أدت إليه الأحكام من الذرائع هل يعتبر أو لا ؟

قال اللخمي : وإذا وجد المشتري عيبا بالمبيع فلم يسترجع حتى فلس البائع فاختلف هل يكون أحق به يرده ويباع له أو يكون أسوة ؟ وعلى أنه أسوة قيل : يخير بين حبسه ولا شيء له من العيب ، أو يرد ويحاص . وقيل : له حبسه ويرجع بقيمة العيب ; لتضرره بالرد والمحاصة ، وهو أبين . وإن كان البيع فاسدا ولم يقبض الثمن حتى فلس المشتري فإن لم يفت رد البيع ، وإن فات بحوالة سوق أو عيب فللبائع أخذه أو يحاص بالقيمة . ولو قبض البائع الثمن ، ثم فلس قبل فوت السلعة اختلف هل يكون المشتري أحق بها ، أو تباع له في ثمنه ، أو يكون أسوة ؟ وعلى القول الآخر يخير بين الرد والمحاصة بثمنه ، أو يمسك وتكون عليه القيمة ، أو يقاص بالثمن .

ومتى نقص المبيع بفعل آدمي وأخذ له أرش ، ثم ذهب ذلك العيب كالموضحة ، أخذ المبيع دون الأرش لعدم النقص . قال محمد : فإن يعد لقيمته رده وأخذ الباقي بما ينوبه من الثمن يوم البيع ، وحاصص بنقص الجناية كساعتين وجدت إحداهما . فإن نقصت بآفة سماوية فلمالك قولان : أخذ الباقي بجميع الثمن ، أو يحاصص ويأخذها بقيمتها ، أو يحاص بالثمن . فإن كان من سبب المشتري كالثوب يخلق فخلاف تقدم نقله ، والقياس فيه فض الثمن على الذاهب والباقي وسقط ما ينوب الموجود ويضرب بما ينوب الذاهب ; لأنه شيء قبضه منه .

ويختلف إذا هرم العبد عنده هل يكون له أخذه قياسا على وجدان العيب بعد الهرم ؟ هل يكون ذلك فوتا أو لا ؟ وعلى القول بأخذه يختلف هل يضرب بما نقص كما قيل في العيب ؟ وكبر الصغير فوت ، وكل ما يمنع من الرد بالعيب فإنه يمنع الأخذ في الفلس .

تمهيد : في الجواهر : يشترط في العوض تعذر أخذه بالفلس ، فمتى وفى [ ص: 184 ] المال فلا رجوع . وقال عبد المالك : متى دفع إليه الغرماء الثمن من أموالهم أو من مال المفلس فلا رجوع . ومنع ابن كنانة من أموالهم بل من مال المفلس ، وقال أشهب : ليس لهم أخذها بالثمن حتى يزيدوا عليه زيادة يحطونها عن المفلس ، ثلاثة أقوال ، وللمعوض شرطان : وجوده في ملك المفلس ، فلو هلك أو خرج عن ملكه بكتابة فلا رجوع ، والثاني : عدم التغير فلو زرعت الحنطة أو خلط جيد برديء أو مغلوث أو مسوس ، أو يعمل الزبد سمنا أو يقطع الثوب قميصا أو الخشبة بابا ، أو يذبح الكبش فقد فات . ولو أضيف إليه صنعة كالعرصة تبنى ، والغزل ينسج لا يمنع الرجوع ويشارك الغرماء بقدر قيمته من قيمة البنيان والنسج . ومن شرط المعارضة التمحض للمعاوضة ، فلا يثبت الفسخ في النكاح والخلع والصلح لتعذر استيفاء المقابل ، لكن لو طلقها قبل البناء وفلست وعرف الثمن بيدها أخذ نصفه ويثبت حق الزوج في الإجارة والسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية