الحكم الرابع :
التمليك . وفي الجواهر : هو جائز بعد انقضاء مدة التعريف ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349629فشأنك بها ) والأحسن له بعد ذلك أن ينفقها أو يتصدق بها ، فإن اختار تملكها ثبت ملكه عليها ، وقال ( ش ) في أظهر قوليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل : يدخل في ملكه بغير اختياره بعد الحول كالميراث ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
استفقها ) وفي رواية : ( إن لم يأت ربها فهي كسائر ماله ) وفي رواية : ( فهي لك ) وقياسا على الاحتطاب والاصطياد ، وقال ( ح ) : لا يملكها مطلقا كالوديعة .
والجواب عن الأول : الفرق بأن الموروث إنما نقل ملكه بسبب تعذر حاجته إليه ، والشرع إنما ملك الأملاك لدفع الحاجات فحيث لا حاجة لا ملك ، وصاحب اللقطة يحتاج لبقاء حياته ، فملكه باق عند عدم اختيار الواجد ، لأنه لما كان مالكا افتقر انتقال ملكه إلى رضا المتنقل إليه ، ولا يشترط رضاؤه هو لتعذر وجوده ، ومن مصلحته الاقتصار على رضا الواجد لتضمنها في ذمته .
عن الثاني : أنه يتعين حمل الرواية على أنه ينفق ويكون له إذا اختار ذلك لوجهين : أحدهما : أنه أقرب للأصول ، وأشبه بانتقال ملك الأحياء .
[ ص: 114 ] ثانيهما : أنه روي في رواية مشهورة : ( فشأنك بها ) ففوضها لاختياره فتحمل الروايات الأخر على ما بعد الاختيار جمعا بينها .
عن الثالث : الفرق ، بأن الحطب والصيد لم يتقدم عليه ملك فكان الأمر في انتقاله أيسر ، وعن قياس ( ح ) : الفرق بأن الوديعة صاحبها معلوم فاشترط رضاه كالبيع ، وهذا مجهول أشبه المفقود ، فضعف ملكه ، واتفق الجميع على وجوب ردها إذا جاء ربها فوجدها ، أو بدلها إن فقدها ، وفي المقدمات : لا يخير مالك اللقطة ، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349629فشأنك بها ) أنه مخير بين إمساكها لصاحبها ويزيد في تعريفها ، وبين التصدق بها ويضمنها ، إلا أن يجيز صاحبها الصدقة فيكون له الأجر ، وقال ( ح ) : لا ينفقها إلا المحتاج إليها ، وجوز ( ش ) الاستنفاق مطلقا ، وقيل : لا ينفق إلا أن يكون له وفاء بها . قال : وهو الصحيح لقوله تعالى : (
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349439لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه ) فتحصل في المسألة أربعة أقوال ، فجعل صاحب المقدمات مذهب
مالك المنع مطلقا ، هو خلاف نص المدونة والشراح كما ترى ، وحكي أيضا أن لقطة
مكة لا تستنفق إجماعا ، بل تعرف أبدا ، وستقف على الخلاف ، وقال
ابن القصار : يكره له أكلها غنيا كان أو فقيرا ، وقال
ابن وهب في العتبية : له أكلها إن كانت قليلة وهو قليل ( كذا ) فيصير في المسألة ستة أقوال .
فرع : مرتب
وإذا قلنا بالتملك فهل سائر اللقطة سواء
بمكة وغيرها ؟ ففي الجواهر : المذهب التسوية . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل و ( ح ) ، وقال ( ش ) : لا تلتقط إلا للحفظ والتعريف أبدا . ووافقه
القاضي أبو الوليد والداودي والقاضي أبو بكر منا . لنا :
[ ص: 115 ] العمومات من غير تفصيل فوجبت التسوية . ولأنها تدخل على وجه الأمانة ابتداء فلا تختلف بالبقاع كالوديعة ، وبالقياس على لقطة الحل ، احتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث حجة الوداع : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349616ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ) فجعل حلها في المنشد . فخرج المتملك ، والجواب : إنا إنما أحللناها لمنشد بعد السنة . ولم يحلها لغير منشد ، وسبب التخصيص : كثرة سقوط الأمتعة من الحاج ( . . . ) الأقطار غالبا ، فيغلب على ظن الواجد أنه لا معنى للتعريف
بمكة ( . . . ) منها ، وتطويف أقطار الأرض متعذر ، فيتملكها قبل السنة من غير ( . . . ) النهي عن ذلك .