[ ص: 138 ] الركن الأول في الإيداع : وفي الجواهر :
استنابة في حفظ المال ، وهو عقد أمانة إجماعا ، لأن القبض فيه لمصلحة الدافع ، عكسه القرض ، والمركب منهما : الرهن لا جرم لم يختلف في الطرفين ، واختلف في الضمان في المركب ، وهو عقد جائز من الجهتين ، وقاله الأئمة .
نظائر : قال
أبو عمران : العقود الجائزة خمسة : الوكالة ، والجعالة ، والمغارسة ، والتحكيم ، والقراض ، مذكران والثلاث مؤنثات ، ويكون هذا سادسها ، وظاهر المذهب أن
الإيداع مندوب إليه لمن علم من نفسه الأمانة ولم يكن المال يخاف عليه ، ويكون مندوبا على الكفاية كالأذان والإقامة وسنن تجهيز الأموات ، وواجب عند الخوف على المال عند ربه من ظالم وغيره ، فيكون حينئذ صونه فرضا على الكفاية ، وقال الأئمة في فصل النذر والوجوب ، لأن صون المال واجب إجماعا كالنفوس ، قاله صاحب المقدمات ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان : الإيداع غير واجب ، وجدت من يودع لك أم لا ، وينتفي لزومه إذا لم يجد على تحمل الشهادة إذا ادعيت وليس في البلد غيرك ، ومن يرى وجوبه وجد من شهد أم لا ، قال صاحب الإشراف إن أودعت بشرط الضمان لا يضمن ، وقاله الأئمة خلافا
للعنبري ، لأنه خلاف مقتضى العقد فلا يلزم كسائر الشروط ، وقال ( ش ) : يفتقر للإيجاب والقبول كالوكالة ، وأصلنا يقتضي عدم الاشتراط فيهما كما تقرر في البيع .
وأصله : الكتاب والسنة والإجماع ، أما الكتاب : فقوله تعالى : (
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) والسنة ، قوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349637أد الأمانات [ ص: 139 ] لمن ائتمنك ، ولا تخن من خانك ) (
وكانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودائع تركها عند أم أيمن لما هاجر وأمر عليا - رضي الله عنه - أن يؤديها لأربابها ) وأجمعت الأئمة في جميع الأمصار والأعصار على حسن الإيداع .
قاعدة : العقود قسمان : منها ، ما تترتب مصلحته على مجرد العقد فيكون شأنه اللزوم ، كالبيع والإجارة فإن مصلحته انتقال الملك ، وقد حصل . ومنها ما لا تترتب مصلحته على مجرد العقد كالجعالة ، فإن مصلحتها ومقصودها حصول المجعول عليه ، وهو غير متحصل عند العقد لعدم انضباطه ، وكذلك نظائرها ، فكانت على الجواز ، ثم ترد نقوض تندفع بالفروق الفقهية المذكورة في مواضعها ، وأصل القاعدة وسرها ما تقدم .
تنبيه : الجواز في اصطلاح العلماء له معنيان :
أحدهما : نفي الحرج عن الفعل والترك ، وهو الإباحة ، وهو الذي يكثر استعماله .
وثانيهما : تمكن كل واحد من المتعاقدين من فسخ العقد شرعا ولا يمكن تفسيره بالإباحة ، وإلا امتنع جعل البيع والنكاح وغيرها قسيما للعقود الجائزة الستة المتقدمة ، لأنها مباحة ، فكان التفسير يعم فيتعين أن يكون لفظ الجواز في الاصطلاح مشتركا .