عن الخامس : أن
يد المودع يد المالك ويد المستعير ليست يد المالك ; لأنه لم يشتبه في الحفظ ، فإذا أكثر البعد فقد فوتها أسواقها فيضمن ، وثم يتأكد ما قلناه أن الأصل في الحكم انتفاؤه لانتفاء علته ، وقد زال التعدي فيزول الضمان ، وكالمحرم إذا رد الصيد للحرم ، وكما لو استعمل العبد فيما يعطب في مثله ثم تركه برئ من الضمان ، وكما لو
رهن عصيرا فصار خمرا سقطت الرهينة ، أو نقول : عقد الإيداع ، فإذا رجع خلا رجع أو نقول : عقد الإيداع لم يطرأ عليه ما
[ ص: 176 ] يضاده فلا يبطل ; لأنه مشتمل على أهلية الأمر وأهلية المأمور وقبول المحل ، والثلاثة باقية ، وإنما نافت الجناية موجب العقد وهو الحفظ ، وموجب العقد قد يتأخر عن العقد كتأخر الملك عن عقد البيع في بيع الخيار ، والوكيل على البيع إذا خالف ثم عاد ، والأجير على الحفظ إذا ضيع ثم عاد ، وخرج على هذا الجحود ; لأنه رفع العقد من أصله ، ولنا في جواز التسلف ما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما
وعائشة رضي الله عنها وغيرهم كانوا يستسلفون أموال اليتامى الذين في حجورهم ، ولأن مقصود الوديعة أتم مراتب الحفظ ، ولهذا آثر المودع حفظ غيره على حفظ نفسه ، والحفظ في الذمة مع اليسار أبلغ من الحفظ تحت اليد لاستحالة آفات الفساد في الأول على الوديعة دون الثاني ، فهو كما إذا نقلها إلى حرز أحصن .