فرعان .
الأول ، في الكتاب :
إذا أحال لك مكاتبك بالكتابة على مكاتبة ، وله عليك مقدار مالك عليه امتنع ، إلا أن يثبت عتق مكاتبك فيجوز ، ثم إن عجز مكاتبته رق ، ولا يرجع عليه بشيء ; لأن الحوالة كالبيع ، وقد تمت حرمته ، ولا تجوز حمالة بكتابة لعدم استقرارها ، أما الحوالة فإن أحال لك على من لا دين عليه امتنع لعدم تحقيق المعاوضة ، أو له عليه دين حل أم لا ، جاز إن حلت الكتابة ويعتق مكانه ; لأنه أدى الكتابة بماله على غيره ، وإن حل نجم جازت الحوالة به على من له عليه دين حل أم لا ، ويبرأ المكاتب منه وإن كان آخر نجومه عتق مكانه ، وإن لم يحل النجم أن يجز أن يحيلك به على من له عليه دين ; لأن هذه ذمة بذمة ، وربا بين السيد ومكاتبه ، وكذلك إن لم تحل الكتابة لم تجز الحوالة بها وإن حل الدين ; لأنه فسخ دين لم يحل في دين حال أم لا ، وقد تجوز الحوالة ويعتق مكانه ; لأن ما على المكاتب ليس بدين ثابت ، وكأنه عجل عتقه على دراهم نقدا أو مؤجلة ، والكتابة دنانير لم تحل ، وكمن قال لعبده : إن جئتني بألف درهم فأنت حر ، ثم قال له : إن جئتني بخمسمائة درهم أو بعشرة دنانير فأنت حر ، فإن جاء بها كان حرا ولم يكن بيع فضة بذهب ، ولا فسخ دين في أقل منه وكأن لم يكن قبله إلا ما أدى ، وقال
ابن القاسم : ذلك لا ينبغي ; لأن
مالكا كره بيع الكتابة من
[ ص: 246 ] أجنبي بعوض أو غيره إلى أجل ، ووسع في هذا بين السيد ومكاتبه ، فلما كره ذلك بين السيد والأجنبي من قبل أنه دين بدين كرهنا الحوالة إذا لم تحل الكتابة ; لأنه دين بدين ، قال صاحب النكت : قال بعض القرويين : إذا لم تحل الكتابة ، وأحل المكاتب سيده بها بشرط أن يعتق الآن معجلا أو يشترط أن لا يعتق ، يتفق
ابن القاسم وغيره في هذين الوجهين ، وإن سكت عن شرط تعجيل العتق ، وشرط بقاء المكاتب فهاهنا الخلاف ، فيفسخ عند
ابن القاسم ما لم يفت بالأجل ، وغيره يحكم بتعجيل عتق العبد ، وقياس
ابن القاسم الحوالة على البيع من الأجنبي فيه نظر ; لأن الحوالة بين السيد ومكاتبه أسقط عن الكتابة واعتاض ما في ذمة الأجنبي في الأجنبي لا فرق بين أن يؤدي ذلك للمكاتب ولسيده ، ولم يقع بين السيد وبين الأجنبي مبايعة ، وإنما وقعت بينه وبين عبده وبيع السيد الكتابة معاملة بينه وبين الأجنبي لا بينه وبين عبده .