البحث التاسع : في معنى قول الفقهاء :
المتطهر ينوي رفع الحدث .
اعلم أن الحدث له معنيان في اصطلاح الفقهاء : أحدهما الأسباب الموجبة يقال : أحدث إذا خرج منه ما يوجب الوضوء ، وثانيهما المنع المرتب على هذه الأسباب ، فإن من صدر منه سبب من هذه الأسباب ، فقد منعه الله تبارك وتعالى من الإقدام على العبادة حتى يتوضأ ، وليس يعلم للحدث معنى ثالث بالاستقراء .
والقصد إلى رفع الحدث الذي هو السبب محال لاستحالة رفع الواقع فيتعين أن يكون المنوي هو رفع المنع ، وإذا ارتفع المنع ثبتت الإباحة فيظهر بهذا البيان بطلان القول بأن الحدث يرتفع عن كل عضو على حياله ; لأن المنع باق بالإجماع حتى تكمل الطهارة ، وبطلان القول بأن التيمم لا يرفع الحدث ، فإن الإباحة حاصلة به فيكون الحدث مرتفعا ضرورة ، وإلا لاجتمع المنع مع الإباحة ، وهما ضدان .
سؤال : إذا كان الحدث منعا شرعيا ، والمنع حكم الله تعالى ، وحكمه قديم واجب الوجود ، فكيف يتصور رفع واجب الوجود ؟
جوابه : هذا السؤال عام في سائر الأحكام المحكوم بتجددها عند الأسباب
[ ص: 253 ] والجواب في الجميع أن الحكم مرتفع ، ومتجدد باعتبار تعلقه لا باعتبار ذاته ، والتعلق عدمي ممكن الارتفاع ، ولو كان قديما ، فإن القديم لا يستحيل رفعه إلا إذا كان وجوديا على ما تقرر في علم الكلام .