الفرض الثالث :
استيعاب غسل جميع الوجه :
وحده طولا : من منابت الشعر المعتاد إلى منتهى الذقن للأمرد ، واللحية للملتحي ، ونريد بقولنا المعتاد خروج النزعتين والصلع عن الغسل ، ودخول الغمم فيه .
والنزعان هما : الخاليتان من الشعر على جنبي الجبين ، والذاهبتان على جنبي اليافوخ ، والغمم ما نزل من الشعر على الجبين .
ومن العذار إلى العذار عرضا .
قال صاحب الطراز : واللحي الأسفل من الوجه عند سحنون ، وليس منه عند
التونسي ، ومقتضى قول القاضي في التلقين خروج البياض الذي بين الأذن ، والعذار ، وأطراف اللحي الأسفل للأذنين عن الوجه .
وفي
البياض الذي بين العذار ، والأذن ثلاثة أقوال : يجب غسله في الأمرد ، والملتحي
لمالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأبي حنيفة رضي الله عنهم لأنه يواجه مارن الأنف لأنه لو لم يكن من الوجه لأفرد بماء غير ماء الوجه كسائر المسنونات ، ولا يجب فيهما
لمالك أيضا ، وللقاضي
عبد الوهاب ; لأن المواجهة لا تقع عليه غالبا ، ولأن المرأة لا يلزمها فدية إذا غطته في الإحرام ، والوجوب في الأمرد فقط
للأبهري ; لأن العذار يمنع المواجهة .
وإذا قلنا بعدم الوجوب ، غسل سنة في حق الأمرد ، والملتحي عند القاضي ، ويحتمل عدم الغسل في الملتحي لأنه خرج عن وصف المواجهة كالذي تحت الشعر الكثيف .
وإذا قلنا بالغسل : فلا يجدد ماء لأنه لا يمكن الاقتصار عليه لاتصاله ، فلو جددنا له الماء لزم التكرار في الوجه بخلاف سائر المسنونات .
[ ص: 254 ] فرعان :
الأول : قال صاحب النوادر : قال بعض أصحابنا : يغسل ما تحت مارنه ، والمارن طرف الأنف ، وما غار من أجفانه ، وأسارير جبهته بخلاف الجراح التي برئت غائرة ، أو كانت خلقا ، وبخلاف ما تحت الذقن .
الثاني : في الجواهر : يجب
إيصال الماء إلى منابت الشعر الخفيف الذي تظهر البشرة منه بالتخليل كالحاجبين ، والأهداب ، والشارب ، والعذار ، ونحوها ، ولا يجب في الكثيف ، وقيل : يجب ; لأن الخطاب متناول له بالأصالة ، ولغيره بالرخصة ، والأصل عدمها .
ويجب غسل
ما طال من اللحية ، وقيل : لا يجب .
ومنشأ الخلاف : هل ينظر إلى مباديها فيجب ، أو محاذيها ، فلا يجب كما قيل فيما زاد من شعر الرأس . قال
المازري : على الأول أكثر الأصحاب ، والثاني :
للأبهري ، وقال
مالك في المدونة : تحرك اللحية من غير تخليل .
قال صاحب الطراز : قال
محمد بن عبد الحكم : يخللها ، وهو يحتمل الإيجاب والندب ، وجه الوجوب قوله تعالى : (
فاغسلوا وجوهكم ) والأمر للوجوب ، ومن السنة أنه عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348283كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء ، فأدخله تحت حنكه ، ثم خلل لحيته ، وقال : بهذا أمرني ربي . خرجه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : هذا أصح ما في الباب ، وبالقياس على غسل الجنابة .
وقال
مالك : ذلك محمول على وضوء الجنابة لأنه مطلق ، فلا يعم .
وأما الآية ، فجوابها أن الوجه من المواجهة ، واللحية من المواجهة الآن ، فلا جرم وجب غسلها ، وقد ثبت عنه عليه السلام أنه توضأ مرة ، فغسل وجهه بغرفة ، وكان عليه السلام كث اللحية ، ومعلوم أن الغرفة لا تعم الوجه ، وتخليل اللحية ، والبشرة التي تحتها .
[ ص: 255 ] قال صاحب الطراز : وكما وجب غسل الباطن إذا ظهر كموضع القطع من الشفة ، وأثر الجراح الظاهرة يجب أن يسقط غسل ما ظهر إذا بطن .
فروع أربعة : من الطراز :
الأول : إذا سقط الوجوب استوى على ذلك كثيف اللحية ، وخفيفها على المذهب ، وقول القاضي يجب إيصال الماء للخفيف لا يناقضه لأنه إذا أمر يده عليها ، وحركها وصل الماء إلى المحال المكشوفة ، فإن لم يصل الماء لقلته هنا يقول القاضي لا يجزئه خلافا ح .
الثاني : روى
ابن القاسم ليس عليه تخليل لحيته في الجنابة كما في الوضوء ، وروى
أشهب أن عليه تخليلها قياسا على شعر الرأس .
الثالث : إذا قلنا لا يجب في الجنابة ، فهو سنة ، ولا يختلف المذهب أنه مشروع ، وإنما الخلاف في الوجوب ، والفرق بين الجنابة ، والوضوء أن الوجه من المواجهة ، فانتقل الحكم لظاهر اللحية ، والجنابة ليست كذلك .
الرابع : إذا قلنا : لا يجب التخليل في الوضوء ، فلا بد من إمرار اليد عليها بالماء ، وتحريك يده عليها ; لأن الشعر يدفع بعضه عن بعض ، فإن حرك حصل الاستيعاب في غسل الظاهر خلافا ح في اقتصاره على المسح .