الفرض الرابع :
غسل اليدين مع المرفقين ، وقيل : لا يجب
غسل المرفقين .
حجة الأول :
أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه توضأ ، وأدار الماء عليهما ، وقال عند كمال وضوئه : هكذا توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
واختلف العلماء في قوله تعالى : (
إلى المرافق ) فقيل : إلى بمعنى مع ؛ كقوله تبارك وتعالى حكاية عن
عيسى ابن مريم عليه السلام : (
من أنصاري إلى الله ) أي مع الله ، وكذلك : (
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) ، وقيل : هي
[ ص: 256 ] للغاية ، واختلف في الغاية هل تدخل مع المغيا ، أو لا تدخل ، أو يفرق بين ما هو من الجنس فيدخل ، أو من غيره ، فلا يدخل ، أو يفرق بين الغاية المنفصلة بالحس كقوله تعالى : (
ثم أتموا الصيام إلى الليل ) فإن الليل منفصل عن النهار بالحس ، فلا تدخل ، وبين ما لا يكون منفصلا بالحس كالمرافق فيدخل - أربعة أقوال ، هذا خلافهم في الغاية من حيث الجملة .
ثم اختلفوا في الغاية التي في الآية ، فمنهم من جعلها غاية للمغسول لأنه المذكور في الآية السابق للفهم ، ومنهم من يقول : اليد اسم للعضو ، والمغيا لا بد أن تتقرر حقيقته قبل الغاية ، ثم ينبسط إلى الغاية ، وهاهنا لا تكمل حقيقة المغيا الذي هو غسل اليد إلا بعد الغاية فيستحيل أن يكون غاية له فيتعين أن يكون غاية للمتروك ، ويكون العامل فيها فعلا مضمرا حتى يبقى معنى الآية ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ، واتركوا من آباطكم إلى المرافق ، والغاية لا تدخل في المغيا على الخلاف ، فتبقى الغاية ، وهي المرافق مع المغسول ، وعلى هذا المأخذ يتخرج الخلاف هناك في الكعبين .
تنبيهان :
أحدهما : أن القول بأن إلى غاية للمغسول يقتضي أن لفظ اليد استعمل مجازا في بعضها كآية السرقة ، والقول بأنها غاية المتروك يقتضي أن اليد استعملت حقيقة في كلها لكن يقتضي الإضمار ، وإذا تعارض المجاز ، والإضمار اختلف الأصوليون في أن المجاز أرجح ، أو يستويان ؟
الثاني : المرفق : يقال بفتح الميم ، وكسر الفاء ، وبكسر الميم ، وفتح الفاء .
فروع ثمانية :
الأول : من
قطع من الساعد ، أو من المرفقين لا يجب عليه شيء ; لأن القطع يأتي عليها .
[ ص: 257 ] قال
ابن القاسم في الكتاب : والتيمم مثله . قال صاحب الطراز : يريد في استيعاب المرفقين لا في الوجوب ؛ لاختصاص التيمم عندنا بالكوعين .
الثاني : في الطراز : لو
وقع القطع بعد الوضوء ، وقد بقي شيء من المرفقين لم يجب عليه خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=16935لمحمد بن جرير الطبري ; لأن موجب الأمر قد حصل قبل القطع .
الثالث : لو
بقيت جلدة متعلقة بالذراع ، أو المرفق . قال صاحب الطراز : يجب غسلها ; لأن أصلها في محل الفرض ، وإن جاوزت إلى العضد لم تجب اعتبارا بأصلها ، وموضع استمداد حياتها ، وإن انقطعت من العضد ، وتعلقت بالمرفق ، أو الذراع وجب غسلها قال : وفيه نظر ; لأن ما لا يجب في أصل خلقته لا يكون واجبا ، ولهذا المعنى يمكن الفرق بين هذا الفرع ، وبين السلعة إذا ظهرت في الذراع .
الرابع : إذا
وجد الأقطع من يوضئه لزمه ذلك ، وإن كان بأجر كما يلزمه شراء الماء ، فإن لم يجد ، وقدر على مس الماء من غير تدلك وجب عليه ذلك ، وسقط عنه المعجوز عنه ، ويحتمل أن يقال : لا يجزئه ; لأن حقيقة الغسل الإمساس مع الدلك ، فإذا فات أحدهما ، فلا غسل ، ويجب عليه مسح وجهه بالأرض ، والأول أظهر ; لأن التيمم لا يجوز لمن يقدر على مس الماء ، واعتبارا بما لا تصل اليد إليه من الظهر .
الخامس : من
طالت أظفاره عن أصابعه كأهل السجن ، وغيرهم قال : وجب عليهم غسل الخارج عن الأصابع ، فإن تركوه خرج على الخلاف فيما طال من شعر الرأس ، واللحية ، أو يفرق بينهما ، فإن الشعر زيادة على العضو ، والظفر منه ; لأن أصله حي بمنزلة العضو ، وإنما فارقته الحياة ؛ لما طال ، فأشبه الأصبع الشلاء .
[ ص: 258 ] السادس : من
له أصبع زائدة في كفه قال : يجب غسلها لأنها من اليد فيتناولها الخطاب ، وكذلك إذا كانت له كف زائدة في ذراعه وجب غسلها تبعا لمحل الفرض قال : وكذلك لو كانت يد زائدة في محل الفرض ، فإن كان أصلها في العضد ، أو المنكب ، ولها مرفق وجب غسلها لمرفقها لتناول الخطاب لها ، وإن لم يكن لها مرفق لم تدخل في الخطاب سواء بلغت أصابعها للمرفق أم لا .
السابع : قال : في
تخليل الأصابع ثلاثة أقوال : وجوبه في اليدين ، واستحبابه في الرجلين
لمالك في العتبية ،
وابن حبيب ، وعدم الوجوب فيهما
لابن شعبان ، وهو ظاهر المذهب ، وروى عنه
ابن وهب الرجوع إلى تخليلها .
ومنشأ الخلاف أمران : هل خلل الأصابع من الباطن فيسقط كداخل الفم ، والأنف ، والعين ، أو من الظاهر فيجب ، وهل محاكتها ، وتدافعها حالة الغسل تقوم مقام الغسل أم لا ؟
فرع : مرتب : قال بعض العلماء : يبدأ بتخليل الرجلين بخنصر اليمنى لأنه يمنى أصابعها ، ويختم بإبهامها لأنه يسرى أصابعها ، ويبتدئ بإبهام اليسرى لأنه يمنى أصابعها ، ويختم بخنصرها .
الثامن : قال : في
الخاتم ثلاثة أقوال قال
مالك في الواضحة : يحركه إن كان ضيقا ، وإلا فلا ، وقال ابن
شعبان : يحركه مطلقا ،
ولمالك في الموازية لا يحركه مطلقا لأنه يطول لبسه ، فجاز المسح عليه قياسا على الخف .
قال : وإذا جوزنا المسح عليه ، وكان ضيقا ، فنزعه بعد وضوئه ، ولم يغسل موضعه لم يجزه إلا أن يتيقن إصابة الماء ؛ لما تحته ، وقد علم الاختلاف فيمن توضأ ، وعلى يده خيط من عجين .
فإن كان الخاتم ذهبا لم يعف عن غسل ما تحته في حق الرجال لتحريمه عليهم ، والحرمة تنافي الرخصة . قال سحنون : لبسه في الصلاة يوجب الإعادة في الوقت .