فرع
قال : إذا
حكم بما كان عنده من العلم قبل الولاية أو بعدها في غير مجلس الحكومة أو فيه فالثاني نفي [ . . . ] فإن [ . . . ] جلوسهما للحكومة ، وأقر أحدهما بشيء وقبل أن يتقدما للحكومة ، ثم أنكر ، قال
محمد بن الحسن [ . . . ] دون غيره من القضاة إلا أن يكون يقلد من يرى ذلك ، أو من أهل الاجتهاد ولم يتبين له غيره [ . . . ] يتبين له أن ذلك يؤدي مع فساد القضاة اليوم إلى القضاء بالباطل ؛ لأن كلهم يدعي العدالة فلا ينقضه لما في ذلك من الذريعة فهذا ضرب من الاجتهاد .
فرع
قال : إذا
أتاك قضاء قاض بما اختلف الناس فيه وليس رأيك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : لا ينفذه ؛ لأنه عندك ليس بحق ، ولم ينفذه الأول فلا تنفذه أنت ، وقال
أشهب : إن كتب أنه حكم نفذته ، أو ثبت عنده لم ينفذه ، وهذا متفق عليه ، إنما الخلاف في الأول .
فرع
في الجواهر : القضاء إذا لم ينقض فلا يغير الحكم الذي في الباطن ، بل هو على المكلف على ما كان قبل القضاء ، إنما القضاء إظهار للحكم الشرعي لا اختراع ; فلا يحل المالكي شفعة الجوار إذا قضى له بها الحنفي ولا يحل لمن
[ ص: 145 ] أقام شهود زور على نكاح امرأة يحكم له القاضي لاعتقاده عند التهم بنكاحها وإباحة وطئها أن يطأها ولا يبقى على نكاحها .
تنبيه : اعلم أن جماعة من المالكية قد اعتقدوا بسبب هذا الفرع أن
حكم الحاكم في مسائل الخلاف لا يغير الفتاوى وإذا حكم فيها بالحل مثلا يبقى المفتي بالتحريم يفتي به بعد ذلك فالقائل : إن وقف المشاع لا يجوز ، أو إن الوقف لا يجوز ، إذا حكم حاكم بالجواز والنفوذ واللزوم ، فبقي للآخر أن يفتي بجواز بيع ذلك الموقوف ونحو ذلك ، ويقولون : قد قال صاحب الجواهر : الحكم على المكلف بعد الحكم كما هو قبل الحكم في الباطن ويقولون : الممتنع النقض لذلك الحكم ، أما الفتاوى فهي على حالها في جميع صور أقضية القضاة ، لا يتغير شيء من الفتاوى في جميع المذاهب ، وهذا اعتقده خلاف الإجماع ، واعلم أن هذا النقل على هذه الصيغة لم أره لغيره مع اجتهادي في ذلك والظاهر أن عبارته _ رضي الله عنه _ وقع فيهما توسع ، ومقصوده مستبان في المذاهب أحدهما : أن
الحكم إذا لم يصادف سببه الشرعي فإنه لا يغير الفتوى ، كالحكم بالطلاق على من لم يطلق ، إما لخطأ البينة أو لتعمدها الزور ، أو بالقصاص أو غير ذلك من جميع الأحكام ، فإن الفتاوى - عندنا - على ما كان عليه قبل الحكم ، خلافا لـ ( ح ) ، وثانيهما : ما هو على خلاف القواعد أو النصوص ، كما تقدم في شفعة الجار واستسعاء العبد ، وتوريث العمة والمولى الأسفل ، والحكم بشهادة
النصارى نحو عشر مسائل ، لا تتغير الفتاوى فيها لأجل مخالفتها النصوص والقواعد ، فهاتان المسألتان - والله أعلم - مراده ، ولذلك نص الأصحاب على هاتين المسألتين ولم يذكرهما هو اكتفاء بهذا الموضع ، أما إذا حكم في موضع مختلف فيه . ليس مما تقدم فيه الفتاوى على ما كانت ، لم أره لأحد من العلماء ،
[ ص: 146 ] بل ضد ذلك . وفروع المذهب تبطل ظاهر كلامه واعتقاد من اعتقده ، من ذلك : أن الساعي إذا أخذ من أربعين شاة لأربعين مالك شاة مقلدا لمذهب ( ش ) أفتى الأصحاب بتوزيعها ، وقبل ذلك أفتوا بأنها مظلمة لا تراجع فيها ، وكذلك قضوا فيما إذا كان لأحدهما أربعة عشر ، وللآخر مائة وعشرة ، لا شيء على الأول إلا أن يأخذ الساعي مقلدا لمن يعتقد ذلك واجبا ، ولذلك قالوا في صلاة الجمعة : إذا نصب الإمام فيها إماما من قبله لا يصح إلا من نائب الإمام ، أوذ مسألة [ . . . ] فيها اتصل بها حكم ، نقله سند ، وهذه كلها فتاوى تغيرت ، وكذلك قالوا في [ . . . ] بما يقتضي الفسخ أو حكم به الحاكم قال : وينبني على الخلاف حل الوطء بعد الفسخ فإذا [ . . . ] حاكما [ . . . ] قولهم : يحرم الوطء فيما قد حدث وتحددت بعد الحكم ، وبطل ما كان قبلها ، وذلك كثير في المذهب فقد تغيرت الفتاوى بسبب الحكم فاعلم ذلك ، وهاهنا شيء وهو أنه قد تقدم في الفرق بين الحكم والفتيا أن حكم الحاكم نص من الله تعالى استناب الحاكم فيه ، وإذا اختلف الحاكمان فقال الله تعالى : الحق مع هذا ، سقط ما عداه وتعين المحكوم الذي هو مورد النص غير أن الله تعالى لم يستنبه في الحكم بخلاف الأسباب ، ولا بخلاف الأسباب ولا بخلاف القواعد والنصوص ، وتلك الأمور المتقدمة في ذينك الموضعين فلا جرم نقضناها وهذا سر كون حكم الحاكم لا ينقض ، وسر كونه تغير الفتاوى ، وإن الخلاف في المسألة يتعذر .