[ ص: 153 ] الباب الثاني
في
التحمل
قال صاحب المقدمات : هو فرض كفاية ، فإن لم يكن بالموضع غيرك تعين عليك ، ولقوله تعالى : (
وأقيموا الشهادة لله )
وفي الباب تسعة فروع :
الفرع الأول
في الكتاب : يجوز
تحمل الصبي والكافر والفاسق ، ويؤدون بعد زوال هذه الأوصاف ؛ لأن المقصود هو الوثوق بالشاهد عند الأداء .
الفرع الثاني
قال
ابن يونس : قال
ابن القاسم : إذا سبقتاك عمن ينوب فيه فأقر عند الحاكم ، أو تشهد به البينة ففرق بينه وبين امرأته فنفى أن لا شيء عليه ، فطلبت المرأة شهادتك فلم تشهد ، قال
محمد : ولو شهدت لم ينفعها لمخالفة إقراره لشهادتك ، وما أقر به عندك من طلاق أو حد فليشهد عليه فيما لا يتمكن من الرجوع عنه ، وكذلك من حضر عندك إذا لم يخف عنده من القصة شيء يفسد تركها الشهادة ؛ لأن المقصود في التحمل حصول سبب يفيد العلم ولا لسماع يفيده .
[ ص: 154 ] الفرع الثالث
لو
قعد الشاهدان من وراء حجاب يشهدان على رجل ، قال
مالك : إن كان ضعيفا أو مختدعا أو خائفا لم يلزمه ، ويحلف : ما أقر إلا بما يذكر ، وإلا لزمه ولعله يقر خاليا وينكر عند البينة فيحتاج لذلك إذا لم يخف شيء من كلامه ، أو لعله يقول في السر : ما الذي لي عندك إذا جئتك بكذا ، فيقول : عندي كذا . وفي التنبيهات : إذا سمعه يقذف شهد عليه ، زاد في كتاب الحدود : إذا كان معه غيره لئلا يحد إذا لم يكمل النصاب ، ولا بد من استيفاء البينة لاحتمال أن يحكي ذلك عن غيره ، وفي الكتاب : يجوز
التحمل بما يسمعه وإن لم يؤذن لك بخلاف الشهادة على الشهادة ، ويخبر بذلك من له الشهادة ، والفرق : أن الإقرار على خلاف داعية الطبع ، فالغالب أنه لا يقع إلا محررا ، والشهادة لا يتساهل فيها قبل وقت الأداء فامتنع أو زاد أو نقص عند الأداء والعادة تدل على ذلك وفي التنبيهات : في الجواري يقلن سمعناهما يشهدان غيرهما لم يشهدا لاحتمال أن يعلما من الأولين أنهما لا يؤديان شهادة عنهما ، يشهدان عند الحاكم ، خلاف ، قال : والحق أنهما سواء في جواز الشهادة .
الفرع الرابع
في الجواهر : لا يجوز
تحمل الشهادة على المرأة المتنقبة ، بل لا بد من كشف وجهها ليعرفها [ . . . . ] عند الأداء بالمعرفة المحققة .
الفرع الخامس
في البيان : إذا
شهدت على من لا تعرف مع جماعة جاز لأمنك التلبيس بمعرفة من معك ، وإلا فيكره لئلا يتسمى باسم غيره ، ويحصل لك الموت فيشهد على
[ ص: 155 ] خطك ، ومن يشهد على من لا يعرفه بالعين والاسم ، فلا يشهد عليه بتلك الشهادة بعد موته ، ولا يؤديها إلا في حياته على عينه ، وكذلك لا يشهد على شهادة إلا على عينه ، وهذا كله متفق عليه وإن علم أنه لا يقف على عين المشهود له إذا غاب عنه ، وهي شهادة لا منفعة فيها ، وإنما تسامح العلماء في وضع
الشهادة على من لا يعرف بعينه واسمه سياسة منهم في دفع العامة ؛ لئلا يعتقدوا أن تلك الشهادة لا تنفع ، فيقدموا على الإنكار ففي جهلهم بتلك صلاح عظيم ، قال
ابن القاسم : إذا
شهد عندك عدلان أن هذه المرأة فلانة ، فلا يشهد عليها لعدم العلم بها ، بل على شهادتهما ، وعن
مالك : لا يشهد على شهادتهما ، قال : والحق إن كان المشهود له التي لك فهما يشهدان أنها فلانة ، فلا تشهد إلا على شهادتهما ، وإن كنت أنت سألتهما عنهما جاز لك عليها إذا وقع لك العلم بشهادتهما .
الفرع السادس
قال : قال
ابن القاسم : يجوز أن
تشهد عما في كتاب ، وأن يحفظ ما فيه إذا قرئ عليك ؛ لأن حفظه متعذر إذا كنت من أهل الفطنة بما في الكتاب إذا قرئ عليك وهذا في الاسترعاء ، وأما ما شهد به المتعاملان على أبقيتهما فليس عليك أن تقرأه . ولا تقرأ عليك ، ويكفيك أن تذكر أنهما أشهداك على ما في هذا الكتاب ، ويستحسن للعالم القراءة لئلا يكون فيه فساد فيزيله .
الفرع السابع :
قال : قال
مالك : إذا
أتاك بذكر حق عليه لغائب يشهدك على نفسه للغائب بذلك ، لا يشهد ؛ لأنه قد يزيد بذلك إثبات الخلطة بينه وبين الغائب حتى يدعى عليه ، ولكن يكتب القصة على وجهها فيقول : إنه غائب .