الفرع الثالث
في الجواهر : ما لا يحس بالحس بل بقرائن الأحوال كالإعسار ، يدرك بالخبرة الباطنة بقرائن الصبر على الجوع والضرر ، ويكفي فيه الظن القريب من اليقين .
الفرع الرابع :
في الجواهر : تجوز
شهادة الأعمى في الأقوال خلافا لـ ( ش ) و ( ح ) لقوله _ صلى الله عليه وسلم _ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349734فكلوا واشربوا حتى يؤذن nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ) فربط الحل والحرمة بسماع الصوت المعهود ، وفرقوا بأن الأذان لا تتوفر الدواعي فيه على الحلة بخلاف الشهادة ، والأعمى تلتبس عليه المحاكاة ، وجوابهم : أن المحاكاة التي يعتبر التمييز فيها إنما تقع في نحو الكلمة والكلمتين أما القول الطويل فلا ، وكذلك لا يمنع الأعمى من الضبط ، ولأن ( ح ) جوز شهادته في النسب والنكاح والموت ، و ( ش ) في الموت والنسب والترجمة لقول من لا يعرف الحاكم تفسير كلامه أو على من ترك أذنه على أذن الأعمى واعترف ويذهبان إلى الحاكم على تلك الحالة ، فبقيت على هذه الصورة أقيم مقام الشهادة جواز وطء الرجل امرأته بناء على صوتها ، واستباحة الفروج أعظم من الشهادة ؛ ولأنه يجب العمل بما نقله إلينا أزواج رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من الكتاب والسنة ، وهن من وراء حجاب ، وإذا جاز هذا في أصول الدين ، جاز في فروعه ، احتجوا بقوله تعالى : (
إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) . . .
[ ص: 165 ] والأعمى لا يعلم ، وبقوله تعالى (
وأشهدوا ذوي عدل منكم ) والأعمى ليس معتدلا ، وبقوله تعالى : (
واختلاف ألسنتكم وألوانكم ) فأخبر أن الألسنة مختلفة ، ووجدنا الخلق تتشابه فكذلك الأصوات ، وبقوله صلى الله عليه وسلم (
إذا رأيت مثل هذه الشمس فاشهد وإلا فدع ) فذكر الشمس تنبيه على المعاينة ؛ ولأنه لا تجوز الشهادة على أحد بلمسه أو بشمه ، فكذلك سماع كلامه ؛ ولأن الشهادة من المشاهدة والأعمى لم يشاهد ، فلم يجز أن يكون شاهدا .
الجواب عن الأول : أن الأعمى إذا تكرر عليه صوت ولده وامرأته وعبده عرفه وقطع به عند السماع ، وهذا معلوم بالضرورة ، فما شهد إلا بما علم .
وعن الثاني : أن المراد بالاعتدال في الأخلاق والدين لا في الخلق ، ولذلك الصحابة _ رضي الله عنهم - عمي منهم جماعة ولم يقدح ذلك في عدالتهم .
وعن الثالث : أن المراد : اللغات ، فإن منعتم بناء على اللبس في الصوت فامنعوا البصير بناء على اللبس في الألوان والصور .
وعن الرابع : إن تكرر الصوت على الأعمى فتصير معرفة صاحبه عنده كالشمس في العلم والقطع ، وليس المراد مشاهدة البصر ، لصحة الشهادة بنبوة
محمد _ صلى الله عليه وسلم _ بالسماع من غير مشاهدة البصر ، لحصول العلم .
وعن الخامس : أن اللمس إنما يفيد الخشونة والملوسة والحرارة والبرودة ، والشم يفيد الروائح دون العلم بالموصوف بهذه الصفات أي شخص هو من جنسه ، بخلاف الأصوات في مجاري العادات إذا تكررت أفادت العلم بالشخص الموصوف بها عند سماع كلامه .
[ ص: 166 ] وعن السادس : أن الشهادة لفظ مشترك بين العلم والخبر والحضور ، والكل موجود في الأعمى فيجوز .