الطــرف الثالث : في البضع .
في الجــواهر : إذا
رجعا بعد القضاء بالطلاق نفذ ولا غرم عليهما ; لأنه ليس مالا إن كان مدخولا بها . وإن شهدا أنه تزوجها وطلقها قبل الدخول ، قال
ابن القاسم : يغرمان نصف الصداق ; لأنه الذي أتلفاه ، أو على دخوله بزوجـة عبده مع
[ ص: 308 ] إقراره بالطلاق وإنكاره الدخول فكذلك ; لإتلافهما نصف الصداق المكمل ، وقال
أشهب : إذا
شهدا بالطلاق قبل الدخول لا غرم عليهما ، والخلاف ينظر إلى أصلين على منفعة البضع تتقدم أم لا ، وهل الصداق كله يثبت بالعقد أو كله مترقب ؟
فابن القاسم يراه مترقبا ; لجواز ارتدادهما قبل الدخول فيسقط كله ، فلا يلزم الشهود ما لم يلزمه ، فهم كمن حاولوا بينه وبين سلعة بعد لزوم الثمن له ، وهم عند
أشهب كمن
شهد على ولي الدم بالعفو لا يغرمان شيئا ; لأنهما أما فرقا دما ، وهي ليست بمال ، ولو شهدا بطلاقها ، ونكاحها ثابت بشهادة غيرهما ، وشهد آخران بالدخول ،
وجهل شاهدا الطلاق هل هو قبل الدخول أم لا ، وجهل الآخران الطلاق فلا غرامة على شاهدي الطلاق بالرجوع على مذهب
أشهب وغيره ، وقيل : أكثر الرواية على خلافه ،
ويغرم شاهدا الدخول بالرجوع نصف الصداق بينهما ، وإن رجع أحدهما غرم ربع الصداق ، فإذا غرم شاهدا الدخول النصف ، ثم ماتت الزوجة قبل الدخول استرجعاه ; لاعتقاد الزوج أنها ماتت في عصمته لإنكاره الطلاق ،
وإذا شهدا عليه أنه طلق قبل البناء ، وقضي بالنصف عند
ابن القاسم ، ثم مات الزوج ورجعا ، غرما للمرأة فأحرماها من الميراث وما أسقط عن صداقها ، ولو ماتت هي رجع الزوج عليهما بميراثه فقط ، لا بما غرم من الصداق ، وهذا إذا كان كلا الزوجين ينكر الطلاق .
فـرع
قال : إذا
شهدا بطلاق أمة من زوجها وقضي به ، وشهد آخران أن الأولى يزوران إما لعلمهما بغيبتهما عن البلد ، أو لغير ذلك ، ثم رجع المكذبان ، غرما للسيد ما نقص من ثمنها بما أصابها من عيب الزوج فيبقى معه ، ويغرمان للسيد ما بين ثمنها [ . . . ] .
[ ص: 309 ] فـرع
قال : لو
شهدا أنها اختلعت بمال ، وقالت : طلقني بغير عوض فأغرمت ، ثم رجعا ، غرما ما غرمت للزوج .
فـرع
قال : لو
كان الخلع المشهود به ثمرة قبل زهوها : قال
محمد : لا يرجع عليها حتى يجد الزوج الثمرة ويقبضها ، أو عبدا آبقا قال
عبد الملك : يغرمان قيمته على أقرب صفاته ، فإن ظهر بعد ذلك أنه كان ميتا عند الخلع ، استردا ما غرماه أو معيبا استردا ما يقابل العيب ، وعلى قول
محمد : إن كان حصوله قريبا أخرت الغرامة إلى حصوله كما قاله في الثمرة قبل هذا الفـرع ، أو بعيدا غرما قيمته على الصفة التي أبق عليها ، ثم رجع
محمد فقال : لا يغرمان في هذا ولا في الجنين وقبضه ، وبعد وجود الآبق والبعير الشارد فيغرمان قيمة ذلك يومئذ ; لأنه قبل ذلك تالف .
فـرع
قال : إذا
شهدا عليها أنه تزوجها على مائة وخمسين ، وصداق مثلها مائة ، فقضي عليها ، ودخل بها الزوج ، ثم أقر بالزور ، نفذ الحكم ، وعليهما ما أتلفاه عليها من صداق مثلها ، وإن طلقها قبل البناء وثبتت على إنكارها فلا شيء لها ، وإلا فلها نصف الصداق كالمرأة تدعي أن زوجها طلقها ثلاثا ولم تجد بينة فبقيت حتى ماتت وصارت وارثة ، فإنها إن تمادت على دعواها فلا ميراث لها ، وإلا فلها الميراث ، قال الشيخ أبو
محمد : ويحلف .
فـرع
قال
المازري : لو
شهدا عليها بالطلاق فتزوج بها أحد الشاهدين بعد العدة ، [ ص: 310 ] ثم رجع فتطلق عليه لإقراره ، ويغرم نصف الصداق إن لم يدخل بها ، وإن رجع قبل الزواج منعه الإمام إلا أن يرجع عن رجوعه فيحلف : أن الحق ما رجع إليه ثانيا ، وهو أن الحق شهادته الأولى ، وهذا كأحد قولي
ابن القاسم في الشاهد يشتري العبد الذي شهد بعتقه ، لا يعتق عليه حتى يتمادى على إقراره ، غير أن المشهور : العتق ، والقولان يتخرجان هاهنا ، غير أن المشهور هاهنا غير المشهور في العتق ، والفرق : حرمة العتق ، ولو كانت الزوجة مدعية للنكاح دون الزوج ، فقضي عليه ، فإن وطئ لزمه الصداق بوطئه لا غير مقهورا عليه لتمكنه من الطلاق ، فإن زاد الصداق المشهود به على المسمى ففي رجوعه بالزائد على المشهور قولان ، بناء على أن موجب الصداق الوطء ، وهو المختار له ، فلا يلزم الشاهدان الزائد ، أو أنهما شهدا عليه بالتسمية .
فـرع
في النوادر : إذا
شهدا عليه أنه دخل بها وهو ينكر الدخول وقبض الصداق ، فيحلف الزوج على ربع الصداق ، فإن رجعا رجعت عليهما بالصداق إذا حلفت : ما قبضته ; لأن بشهادتهما صار القول قول الزوج ، فإن رجعا بعد موت المرأة حلف من بلغ من ورثتهما : ما يعلم قبض ذلك ولا شيء منه ، ورجع على الشاهدين .
فـرع
قال : لو
شهدا عليه أنه تزوجها بغير تسمية ، وأنه طلقها بعد البناء فرجعا وقد تزوجت أم لا بالتسمية فغرما نصف الصداق ، وشهد الآخر شاهدان أنه تزوجها قبل هذا ، رجع هذا على المرأة بما أخذت منه ، فإن أعدمت رجع على الشاهدين ، ويرجع الشاهدان عليها ، وقيل : هذا إن كانت عالمة بالزور وإلا لم يرجع عليها الشاهدان كهبة الغاصب المغصوب لمن يجهل الغصب فيأكله فيغرم الغاصب ولا يرجع على الموهوب ، وقيل : المغصوب منه مخير بين الغاصب
[ ص: 311 ] والموهوب [ . . . ] إن دخل بها الأول وقضى بها [ . . . ] على الأول الصداق بالسببين إن كانت غير عالمة وإلا فلا صداق [ . . ] .
فـرع
قال : لو
شهدا أنها تزوجها بألف ، وهو يقول : بخمسمائة فدخل بها ، وصداق مثلها [ . . . ] لم يغرم بالرجوع شيئا ; لأنهما وصلا إليه ما قيمته ألف فلم يتلفا شيئا ، ولو كان خمسمائة غرما الزائد .
فـرع
قال : لو
ادعى بعد تقرر النكاح أن الصداق عشرة ، وهو لا يشبه صداق مثلها ، وشهدا بمائة ، وهي تشبه صداق مثلها ، ورجعا بعد البناء ، رجعت عليهما بكمال المائة ، وقبل البناء كمال الخمسين ; لأنه كان القول قولها لأجل أنه يشبه ، ولو كان صداق مثلها عشرة ; لم يغرما شيئا ; لأنهما لم يتلفا ما كانت غير متمكنة منه .
فـرع
قال : إذا
شهدا بطلقة ، وآخران بالثلث ، والزوج لم يبن ، ثم رجع الأربعة فعلى شاهدي الواحدة ربع الصداق ، وشاهدي الثلاث ربعه ; لأن كل شهادة لو انفردت لزمه بها نصف الصداق ، وعند الحنفية : الجميع على شاهدي الثلاث ; لأنها حرمته إلا بعد زوج ،
وأشهب لا يوجب على بينة قبل البناء شيئا ; لأن النصف وجب بكل حال ، ولو شهدا أنه طلقها قبل البناء في شهر رمضان ، وغرما بالرجوع نصف الصداق ، فشهد آخران أنه طلقها في شعبان من تلك السنة قبل البناء ، رد الزوج على الأولين ما أخذ منهما لتقدم الإتلاف عليهما ، وقال الحنفية : لا يبرآن بالشهادة الثانية بل بالإقرار عند الحاكم .
[ ص: 312 ] والجواب : قد سوى الشرع بين الإقرار والبينة في البراءة .
فـرع
قال : إذا
شهدا أنه طلقها قبل البناء وآخران بعد البناء والزوج يجحد الدخول والطلاق ، يحكم عليه بجميع الصداق مع الطلاق ، ويرجع أحد شاهدي الطلاق ، وأحد شاهدي الدخول ، غرم شاهدا التنازع الصداق ، ولا شيء على شاهدي الطلاق ، ولو
رجع شاهدا الدخول دون شاهدي الطلاق فعليهما نصف الصداق ، ولو
رجع شاهدا الطلاق دون شاهدي الدخول لم يغرم شاهدا الطلاق شيئا ; لأن نصف الصداق ثابت لكل حال وإنما زاد شاهد الدخول النصف الآخر ، ولو أقر بالطلاق وجحد الدخول لم يغرم شاهدا الدخول إلا نصف الصداق .