تمهيد
إذا ادعى خصم من مسافة العدو فما دونها وجبت الإجابة ، لأنه لا تتم مصالح الأحكام وإنصاف الظالمين من المظلومين إلا بذلك ، فإن لم يكن له عليه حق لم تجب الإجابة ، أو له ولكن لا يتوقف على الحكام وهو قادر على أدائه ، لزمه أداؤه ، ولا يجب عليه الإجابة ، ويجب عليه الامتناع لا سيما في الدماء والفروج والحدود وسائر العقوبات الشرعية ، فإن كان الحق موقوفا على الحكام كأجل العنين يخير الزوج بين الطلاق ولا تجب عليه الإجابة ، وبين الإجابة وليس له الامتناع منهما ، وكذلك الفسوخ الموقوفة على الحكام ، وإن دعاه إلى حق مختلف في ثبوته ، وخصمه يعتقد ثبوته وجب ، أو عدم ثبوته لم يجب ، لأنه مبطل وإن دعاه الحاكم وجبت ، وإن طولب بحق وجب عليه على الفور كرد الغصوب وجب أداؤه في الحال ، ولا يحل له أن يقول : لا أدفعه إلا بالحاكم ، لأن وقوف الناس عند الحاكم صعب ، وأما النفقات فيجب الحضور فيها عند الحكام لتقريرها إن كانت للأقارب ، وإن كانت الزوجة أو الرقيق يخير بين إبانة الزوجة وعتق الرقيق أو الإجابة .
فرع : قال بعض العلماء : إذا ألزم المدعى عليه بإحضار المدعى به لتشهد عليه البينة
[ ص: 41 ] فإن ثبت الحق فالمؤنة على المدعى عليه ، لأنه مبطل صلح كذلك ، وإلا فعلى المدعي ، لأنه مبطل في ظاهر الشرع ، ولا تجب أجرة تعطيل المدعى عليه في مدة الإحضار ، لأنه حق للحاكم لا تتم مصالح الأحكام إلا به .
نظائر : خولفت قاعدة الدعاوي في قبول المدعي في خمس مسائل : أحدها : اللعان يقبل فيه قول الزوج ، لأن العادة أن الرجل ينفي عن امرأته الفواحش بحيث أقدم على رميها بها مدمة ( كذا ) الشرع مضافا إلى الأيمان والدعاء على نفسه باللعن وهو أشد البعد من الله تعالى . وثانيها : الأمة يقبل فيها قول الطالب لمن ( كذا ) حجه باللوث . وثالثها : قبول قول الأمناء ليلا يزهد الناس في قبول الأمانات فتفوت المصالح المترتبة على حفظ الأمانات . ورابعها : قبول قول الحكام فيما يدعونه من الجرح والتعديل وغيرهما من الأحكام ليلا تفوت المصالح المترتبة على ولاية الأحكام . وخامسا : قبول (
قول ) الغاصب مع يمينه في تلف المغصوب للضرورة الخاصة ليلا يخلد في الحبس ، ثم الأمين قد يكون أمينا من جهة مستحق الأمانة ، أو من قبل الشرع كالوصي والملتقط ومن ألقت الريح ثوبا إلى بيته .