صفحة جزء
في التنبيهات : هذه المسائل خمس : أنت حر وعليك كذا ، أنت حر على أن عليك كذا ، أنت حر على أن تدفع إلي كذا ، أنت حر على أن تؤدي إلي كذا ، الخامسة : أنت حر إن أديت إلي كذا ، أو دفعته ، أو أديته ، أو جئت به ، أو أعطيته ، أو متى جئت به ، أو أديته ، فمعظم الشراح والمختصرين : أن مذهب مالك في هذه الخمس : أنه ثلاثة ، لها ثلاثة أجوبة ، ترجع إلى جوابين في الحقيقة : الأول : عليك ، وعلي ، أن عليك ، هم سواء ، يعتق على هذا وإن كره . الثانية : أنت حر على أن تدفع إلي كذا ، لا يعتق حتى تدفع ، لأنه لم يبتل عتقه إلا بعد الدفع ، ولم يختلف المذهب أنه الخيار في القبول ، لأنها كتابة ، وكذلك ينبغي على مذهبه أن يكون مثله : على أن يؤدي إلي ، أو يعطيني أو يجيء . الثالثة : إن أديت إلي ، أو إذا أو متى ، فهو شرط لا يعتق إلا بالأداء ، غير أنه نوع من القطاعة والكتابة ، ولهذا منعوه من البيع حتى يتلوم له الإمام ، فيؤدي أو يعجز ، وهو بالحقيقة يرجع إلى الجواب في قوله : على أن يدفع إلي ، أو على أن يؤدي ، هذا مذهب [ ص: 131 ] مالك ، ومذهب ابن القاسم عند الجمهور : أنها أربع ، لها أربعة أجوبة ، يوافق مالكا منها في الفصل الثالث والرابع من الخمسة المذكورة ، ويخالفه في الآخرين ، فيلزمه العتق في قوله : وعليك ، ولا يلزمه المال إذا كان بغير رضا العبد ، وإلا لزمه ، وأما : علي ، أن عليك ، فلا يلزمه مال ولا عتق إلا برضا العبد ، وقيل : هي ثلاثة مسائل عند ابن القاسم ، لها ثلاثة أجوبة ، وكل جواب قولان : الأولى ، وعليك ، له قولان ، ما تقدم عنه ، وله قول موافق لمالك .

الثانية : على أن عليك ، أو على أن تدفع بهذا ، أن عند هذا القائل مسألة واحدة لابن القاسم فيها قولان ، فقال في : علي : ما تقدم ، وفي : علي أن تدفع ، يخير ، كقول مالك .

الثالثة : على أن تؤدي إلي ، فلا يعتق إلا بالأداء اتفاقا ، وله أن لا يقبل ، وتذكر الخلاف مفصلا فتقول : المسألة الأولى : أنت حر ، وعليك ، ورضي العبد ، فيها ثلاثة أقوال : قول مالك : إلزام السيد العتق معجلا ، والعبد المال إن كان موسرا ، وإلا بقي دينا ، ومشهور ابن القاسم : إلزام العتق ، وإسقاط المال ، وقال عبد الملك : الخيار للعبد .

المسألة الثانية : أنت حر ، على أن عليك ، فيها أربعة أقوال : إلزام العتق والمال ، يخير العبد ولا يعتق إلا بالأداء ، لابن القاسم ، إجبار العبد ، ولا يعتق حتى يدفع لأصبغ .

المسألة الثالثة : أنت حر على أن تدفع إلي ، ثلاثة أقوال : يخير العبد فإن قبل فلا يعتق إلا بالأداء لمالك وابن القاسم ، ويخير العبد في الرضا بالعتق معجلا ، ويلتزم المال دينا ، ويرد فيرق لابن القاسم ، واختار العبد على المال بناء على إجباره على الكتابة .

المسألة الرابعة : على أن يؤدي إلي ، فلا يعتق إلا بالأداء . وله الرد .

المسألة الخامسة : إن أديت ، أو أعطيت وجئتني ، فظاهره أنه مثل : [ ص: 132 ] على أن يدفع ، وعلى أن يؤدي ، فلا يلزم العتق إلا برضاه ودفعه ، وله الرد ، قال ابن يونس : أنت حر وعليك ألف ، إتباعه بالمال عند مالك ، وهو قول أصحابه وأهل المدينة ، وكأنه باعه نفسه وهو كاره فيلزمه ، كما يزوجه كارها ، وينتزع ماله كارها ، وكما يلزمه ذلك بغير حرية ، وابن القاسم يرى أنه من باب الاستسعاء بعد الحرية ، وملخص قول مالك وابن القاسم في قولي : أنت حر الساعة ، وعليك ، وعلي ، أن عليك مائة ، أو على أن تدفع ، يعتق الساعة ، وتدفع وإن كره ، وكذلك إذا لم يقل : الساعة ، وأما على أن يدفع فهو بالخيار ، ولا يعتق إلا بالدفع ، لأنه جعل له دفعا وكسبا ، واختيار الخلاف ، وعليك إلزام بغير اختيار ، قال اللخمي : إذا قبل العبد العتق في قوله : أنت حر على أن تدفع إلي ، حيل بين السيد ومال العبد وخراجه ، وقال عبد الملك في : إن جئتني بمائة إلى سنة ، له بيعه إلا أن يقيم بيده حتى يأتي بالمائة ، وفي المنتقى : إن اشترط عليه عملا ، نحو : أنت حر على أن تخدمني سنة : قال ابن القاسم : ذلك عليه إن كان قبل العتق ، ولا يلزمه إن كان بعده ، وأنت حر على أن لا تفارقني : قال محمد : لا يلزمه ، لأنه اشترط شيئا من الرق بعد العتق ، فينفذ العتق ويبطل الشرط ، لأن العتق مبني على التغليب والسراية والعمل ، بخلاف المال ، لأن المال في الذمة ليس من أحكام الرق ، لأن الديون على الأحرار أكثر من العبيد ، وإن قال لها : أنت حرة على أن تسلمي ، قال أصبغ : إن امتنعت لا عتق لها ، كقوله : إن شيئت ، وليس كقوله : أنت حرة على أن تنكحي فلانا ، فيمتنع فيمضي العتق ، والفرق : أنها إن رضيت بنفس العتق تكون مسلمة ، كقوله : علي ، أن عليك مائة ، والنكاح اشترط عمل بعد العتق ، لأنه يطول .

التالي السابق


الخدمات العلمية