[ ص: 180 ] الخاصية السادسة :
الولاء . وفي التنبيهات : الولاء بفتح الواو ممدود من الولاية بفتح الواو ، وهو من النسب والعتق ، وأصله : الولاء وهو القرب ، وأما من الإمارة والتقديم فبالكسر ، وقيل بالوجهين فيهما ، والولاء لغة يقال : للمعتق والمعتق وأبنائهما ، والمناظر ، وابن العم ، والقريب ، والغاصب ، والحليف ، والقائم بالأمر ، وناظر اليتيم ، والنافع المحب ، والمراد به هاهنا : ولاية الإنعام والعتق .
والنظر في سببه وحكمه ، فهما نظران .
النظر الأول : في سببه
وفي الجواهر : هو زوال الملك بالحرية ، فمن زال ملكه بالحرية عن رقيق فهو مولاه ، سواء نجز أو علق أو دبر أو استولد أو كاتب ، أو أعتق بعرض ، أو باعه من نفسه ، أو أعتق عليه ، إلا أن يكون السيد كافرا والعبد مسلما ، أو عبدا أعتق بإذن سيده في حالة يجوز له فيها التبرع ، فإن كان السيد كافرا فأسلم العتيق ، فمتى أسلم السيد فولاؤه عليه باق ، وإن مات العتيق قبل إسلامه ورثه أقرب الناس للكافر من المسلمين ، وأما العبد فلا يرجع الولاء إليه أبدا ، وإن عتق وهو محالف للمكاتب ، وإن
أعتقه بغير إذن سيده ولم يعلم حتى عتق العبد فالولاية له دون السيد ، وحقيقة الولاء : أنه لحمة كلحمة النسب ، فإن العتق سبب لوجود العتيق بإحياء عباداته ، وولايته المناصب ، وصدق اكتسابه عليه ، كما أن الأب سبب وجود الابن وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349813لن يجزي ولد والده حتى يجده رقيقا فيشتريه فيعتقه ) أي يوجده حكما أوجده حسا ، وكذلك لو شرط لغير المعتق لم يصح كالنسب .
[ ص: 181 ] فرع في الكتاب : إن أعتق عن غيره بأمره أم لا ، فالولاء للمعتق عنه ، أو سائبة لله ، فولاؤها للمسلمين ، وعليهم العقل ، ولهم الميراث ، أو عن عبد رجل ، فالولاء للرجل ولا يجده غيره ، كعبد أعتق عبده بإذن سيده لم أعتقه ، سيده فالولاء له ، وقال
أشهب : يرجع إليه الولاء لأنه يوم عقل عتقه لا أذن سيده فيه ولا رد ، في النكت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349814نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نقل الولاء وعن هبته . والعتق عن الغير كذلك ، ولأنه معروف فلا يجد بقوله ، قال .
والجواب عن الأول : أنه نهي عن ولاء تقرر الأول وهذا لم يتقرر ابتدأ إلا لمعتق عنه .
وعن الثاني : أن الحق فيه له ولمن بعده ممن يدور الولاء له ، فليس له إبطال حق الغير . قلت : الأوقاف والأموال تنتقل للغير ، ومع ذلك القبول شرط ، بل الجواب : أن العتق غلب فيه حق الله تعالى بدليل أنهم إذا اتفقوا على عدم التقويم لا يصح ، قال بعض القرويين فيمن أعتق عن عبد غيره : إن
ابن القاسم أراد أن سيد المعتق عنه علم بذلك ، فلذلك كان الولاء له ، ولم يعد لعبده إن أعتق فيصير كعتق العبد بإذن سيده ، أما إن لم يعلم حتى عتق العبد : فالولاء للمعتق عنه : كالعبد يعتق عبدا ولاية السيد حتى يعتق والولاء لمن أعتق عنه ميتا أو حيا ، وقد أعتق جماعة من الصحابة سوائب فلم يرثوهم ، وكان ميراثهم للمسلمين ، وقال
عمر - رضي الله عنه - :
ميراث السائبة لبيت المال ، لأن معتقها أعتق من المسلمين ،
والسائبة المنهي عنها إنما هي عتق الأنعام ، والسائبة : أن يقول له : اذهب فأنت سائبة ، يريد : الحرية ، ولم يختلفوا في
[ ص: 182 ] ولا معتقا بعضه ، التساوي في الدين فيكونان مسلمين أو نصرانيين ، فإن انحرم أحدهما لم يثبت له الولاء ، وعن
مالك : لا يعتق أحد سائبة ، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن
بيع الولاء وعن
هبته ، وعن
ابن القاسم : يمنع ابتداء فإن وقع فالولاء للمسلمين ويتخرج على هذا العتق عن الحي أو الميت ، وعن
عبد الملك : الولاء للسيد دون المعتق .
في المقدمات : منشأ الخلاف في المسألة : فالمنع لأنه هبته للولاء ، والقائل بالجواز فهم أن مراده : جعل الولاء للمسلمين ابتداء ، ولم يتحقق عند
ابن القاسم مراده فكرهه ابتداء ، ولو قال : أنت حر عني ، وولاؤك للمسلمين ولم يختلف أن الولاء له دون المسلمين : أو أنت حر عن المسلمين ، وولاؤك لي لم يختلف في جوازه وأن الولاء للمسلمين .