قاعدة : التقديرات الشرعية : إعطاء الموجود حكم المعدوم كما تدعو إليه الضرورة من الجهالة والغرر في العقود ، والنجاسات من دم البراغيث ودماء الجراح في العبادات ، وتقدير عدم العصمة إذا
قال لها : أنت طالق اليوم إن قدم زيد غدا ، فإن الإباحة حاصلة اليوم إجماعا ، فإن قدم زيد غدا قدر رفعها ، وكذلك إذا اشترى أمة ووطئها سنة ، ثم ظهر على عيبها فردها وقلنا : الرد بالعيب فسخ للعقد من أصله ، فإن الإباحة السابقة يقدر عدمها ،
[ ص: 185 ] وإعطاء المعدوم حكم الموجود ، كتقديم ملك الدية للمقتول خطأ حتى تورث عنه ، فإن الميراث فرع الملك بعد الموت محال ، وقبله في الحياة في الدية محال ، لأن سببها زهوق الروح ، وكتقدير الملك للمعتق عنه ، فيقدر أنه ملكه وأعتق عنه بطريق الوكالة وهو سحه فيما إذا أذن له فيكون ذلك الإذن توكيلا في نقل الملك والعتق ، أو أعتقه عن كفارته بغير إذنه ، فإن كونها واجبة عليه ، وظاهر حاله يقتضي القيام بالواجب فهو كالإذن في العتق ، فإن لم يأذن فهو مشكل في التطوع ، أي أن يلاحظ تغليب حق الله تعالى في العتق عن المسلمين من الزكاة وعن الميت .
فرع : في الكتاب : إن أعطيته مالا على تعجيل عتق عبده ومدبره : لزمك المال ، والولاء له ، لأنك معين لا معتق ، وإن كان العتق إلى أجل امتنع ، كأخذ المال على الكتابة أو التدبير ، لأنه غرر ، وإن
أعتقت العبد عن امرأته الحرة فولاؤه لها ، ولا يفسخ النكاح ، لأنها لم تملكه إلا بدفع مال لك ، لأنه شراء ، وسوى
أشهب ، قال
ابن يونس : قال
محمد : فإن وقع
الغرر في العتق إلى أجل ، أو التدبير أو الكتابة ، فيرد ما أخذ من المال ، ولا يكون له من ثمنه شيء لفساد العقد ، وقال
أشهب : يمضي ذلك كله ويأخذ المال ، لأن الفاسد يثبت بالعتق ، قال
ابن القاسم : إن باعه أن يدبره المبتاع أو يعتقه إلى أجل امتنع ، لأن مقصود العتق قد لا يحصل بموت السيد أو العقد أو حدوث الدين ، فإن فات بالعتق بذلك ، فالولاء للمبتاع ، لتقرر الملك له بالقرب ، وللبائع الأكثر من القيمة يوم القبض ، أو الثمن ، لأنه رضي أن يأخذه بذلك ، وكذلك إن بعتها على أن يتخذها أم ولد ، قال
اللخمي في دفع المال ليدبر ، ونحوه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يوقف المال ، فإن حصلت الحرية أخذه وإلا رده ، وقول
أشهب حسن ، لأن هذا يراد به المعروف والتعاون على القرب دون المكايسة ، ولذلك يختلف إذا دفعه على الكتابة ، وإذا
[ ص: 186 ] دفعت الزوجة مالا لسيد زوجها على أن يعتقه ، ولم تقل : عني ، فالولاء للسيد ، والزوجية باقية ، لأنها لم تملكه ، أو قالت : عني ، فالولاء لها ، وانفسخ النكاح عند
ابن القاسم ، لأنها ملكته ، ولا ينفسخ عند
أشهب ، لأنها لم تسره وإنما أعانت حروفا ، وإن قالت : أعتقه ولم تقل : عني ، فالولاء له ، والنكاح باق ، وإن سألته أن يعتقه عنها ، فالولاء لها ، وينفسخ النكاح على قول
ابن القاسم ، لأنها استوهبته دون
أشهب ، وإن أعتق عنها بغير أمرها فالولاء لها والنكاح ثابت ، قولا واحدا .
فرع : في الكتاب : إن
أعتق عن أبيه النصراني فلا ولاء له ، وولاؤه للمسلمين ، لأنه لا ميراث مع اختلاف الدين ، وإن كان العبد نصرانيا فولاؤه لأبيه ، وإن
أعتق النصراني نصرانيا فأسلم ، وللسيد وارث مسلم رجل كأب وأخ وابن عم ، فولاؤه له ، وإن كان العبد حيا ولا يحجب وارثه ، كما لو مات ولد النصراني مسلما ورثه عصبته المسلمون ، فإن أسلم السيد يرجع إليه الولاء ، وإن
أعتق نصراني عبدا قد أسلم أو ابتاع مسلما فأعتقه ، فالولاء لجماعة المسلمين ، ولا يرجع إليه إن أسلم ، فإن
أعتق نصراني نصرانيا إلى أجل أو كاتبه فأسلم العبد قبل الأجل بيعت الكتابة وأجل المؤجل ، فإذا حل الأجل وأدى المكاتب عتق ، وولاؤه للمسلمين ، لمنع الكفر من التوارث ، فإن أسلم رجع إليه لزوال المانع ، ولأنه عقد له العتق وهو على دينه ، ولأنه عقد له العتق وهو على دينه ، فإن كان العبد مسلما فأعتقه بتلا ، أو إلى أجل وكاتبه ، ثم أسلم السيد قبل الأجل ، أو أدى الكتابة أو بعد ذلك ، فإن أعتق العبد ، فولاؤه للمسلمين ، وإن أسلمت أم ولده فعتقت عليه فولاؤها للمسلمين ، فإن أسلم رجع إليه ، قال
ابن يونس : إذا أعتق نصراني من العرب من
بني تغلب عبدا نصرانيا ، ثم أسلم ، فميراثه لعصبة السيد المسلمين ، وجناية العبد بعد إسلامه يعقلها
[ ص: 187 ] من
تغلب .
وقال
أشهب : إذا أعتق النصراني الذمي نصرانيا فأسلم العتيق ، ثم جنى وسيده نصراني ، لا يلزم ذلك ورثة السيد المسلمين ، ولاقرابته ، وسيده إن أسلم ، بل بيت المال ، لأنه لو أسلم سيده ثم جنى خطأ يبلغ ثلث الدية فأكثر ، لم يكن على عصبته وقومه شيء ، بل بيت المال ، بخلاف القربى ، وإذا
دبر النصراني نصرانيا ومات السيد على النصرانية ، عتق في ثلثه ، وولاؤه للمسلمين ، إلا أن يكون لهذا النصراني ورثة مسلمون ، فإن حمل الثلث نصفه رق باقيه ، وإن كان ورثته نصارى بيع عليهم ما رق ، وولاء ما عتق للمسلمين ، وإن كانوا مسلمين : فما رق للمسلمين ، لأن ورثته لا يرثونه ، وإن لم يكن له وارث : فما رق للمسلمين ، والفرق بين ما تركه النصراني من الموالي ، وما تركه من مال : أن الموالي كولد حدث له فأسلم ، لأن الولاء كالنسب ، فإخوته المسلمون يرثونه ، فكذلك يرثون الموالي ، والمال يورث عنه إن كان على دينه لأن شرط التوارث اتحاد الدين ، وإنما كان بيت المال يرث ما تركه النصراني من ولده المسلمين ، لأن السنة مضت أن يرثه عصبته المسلمون ، فصار كمن لا وارث له ، وإذا
أعتق الكافر المسلم لا يرجع إليه الولاء إذا أسلم ، لأنه يوم أعتق لم يكن له ولاء ، وإن أعتقه على دينه فولاؤه له ، لأنه يجوز له ملكه فيرجع إلى الإباء بالإسلام ، وإن أسلمت أمته فأولدها بعد إسلامها عتقت عليه ، وولاؤها للمسلمين ، ولا يرجع إليه ، لأنه أولدها بعد إسلامها ، ويمتنع عليه ملكها ، ولو أسلم قبل أن تعتق عليه لبقيت في ملكه وتعتق من رأس ماله بعد موته وولاؤها للمسلمين ، كما لو دبر عبده أو كاتبه بعد إسلامه فلم يؤجل المدبر ، ولا بيعت كتابة المكاتب حتى أسلم السيد ، فإنهما يبقيان على حالهما بيده ، فإذا عتقا فولاؤهما للمسلمين لأنه عقد لهما ذلك ، وهم مسلمون ، وقال ( ش ) و ( ح ) : إن
أسلم العبد فأعتقه قبل بيعه عليه فولاؤه له ، لأنه أعتق قبل زوال ملكه ، والولاء لمن أعتق .
[ ص: 188 ] وجوابه : منعنا من بيعه عليه بعتقه ليبقى له الولاء فيمنع من الولاء كالملك ، وإذا
أعتق المسلم نصرانيا : قال
مالك : يرثه ولده الذي على دينه دون أخيه وغيره ، لأن الولد مولى من عتق أبوه ، وعنه : يرثه ورثته الكفار ، بل المسلمون ، وعنه : يرثه ابنه وأبوه دون غيره ، وعنه : يرثه إخوته ، قال
ابن القاسم : يرثه كل وارث من القرابة ، وقال
المخزومي : لا يرثه مولاه أبدا ، بل ولده وإلا فمن أخذ ميراثه من
النصارى ، فإن لم يطلب ميراثه أحد ، أوقفناه في بيت المال ، ولا يكون فيئا فتخلص إن لم يترك ورثة ثلاثة أقوال : ماله للمسلمين دون الورثة ، لولده خاصة ، لأبيه وابنه ، لهما ولأخوته ، لكل من يرث من القرابة ، وهو مذهب المدونة ، قال
ابن القاسم : إذا كاتب المسلم عبده النصراني ، وكاتب المكاتب عبدا له ، ثم أسلم الأسفل ، أو جهل بيع الكتابة حتى أديا جميعا فعتقا ، فولاء الأعلى لسيده ، ولا يرثه لاختلاف الدين ، بل المسلمون ، وإن أسلم ورثة السيد عند عدم القرابة ، وولاء الأسفل للسيد الأعلى ما دام سيده نصرانيا ، ولو ولد للمكاتب الأعلى ولد بعد العتق فبلغ وأسلم ، ثم مات ورث مولى أبيه ، وإن أعتق عبيدا مسلمين وماتوا ورثهم بيت المال ، لأن ولاءهم لم يثبت لهذا النصراني حين أعتقهم فيجره إلى سيده ، فإن أسلموا بعد العتق ورثهم السيد سيد مولاهم ، أو ولد مسلم إن كان لهذا المكاتب النصراني ، وكل من لا يرجع إلى النصراني ولاؤه إذا أسلم ، فليس لسيده من ذلك الولاء شيء ، فكل ولاء إذا أسلم رجع إليه فذلك الولاء ما دام نصرانيا لسيده الذي أعتقه ، قال
اللخمي : إذا
أعتق النصراني نصرانيا فله ولاؤه ، ويعقل عنه أهل جزيته ، فإن مات معتقه ، ثم مات العتيق ، ورثه من له الولاء عند أهل دينه .