صفحة جزء
[ ص: 371 ] النظر الرابع : في أحكام أمهات الأولاد ، وفيه خمس عشرة مسألة

الأولى : في التنبيهات : أمهات الأولاد ساداتهن الأحرار لهن حكم الأحرار في ستة أوجه ، والعبيد في أربعة أوجه فلا يبعن في دين ولا غيره ، ولا يرهن ، ولا يوهبن ، ولا يؤاجرن ، ولا يسلمن في جناية ، ولا يستسعين ، وحكم العبيد في انتزاع مالهن ما لم يمرض السيد ، ويجبرن على النكاح في أحد القولين ، ويستخدمن الخدمة الخفيفة مما لا يلزم الحرة ويستمتع بهن كالأمة .

الثانية : في الكتاب : إذا ولدت في حياة سيدها أو بعد موته أو بعد أن أعتقها لما تلد له النساء لحقه ، إلا أن يدعي الحي استبراء وينفي الولد .

الثالثة : إذا ارتد ولحق بدار الحرب أو أسر فتنصر بها وقف ماله وأم ولده ومدبروه ، وتحرم على المرتد أم ولده في ردته حتى يسلم فترجع إليه مع ماله ; لأن المنافع الإذن فيها تابع لاستقرار الحياة ، وحياة المرتد مطلوبة الإعدام ، وإن قتل عتقت من رأس المال ، ومدبره في الثلث بمقتضى العقود وتبطل وصاياه ، وماله للمسلمين ، قال ابن يونس : قال أشهب : يعتق بالردة كما تبطل عصمة الزوجة ، قال : وهو أقيس ; لأن القاعدة : أن أم الولد إذا حرم وطؤها عتقت كالنصراني تسلم أم ولده ، والردة أشد ; لأن من أسلمت امرأته هو أملك بها إن أسلم في عدتها ، وإذا ارتد لا تحل له إلا بنكاح جديد بعد إسلامه ، ولأنه أدخل الردة في مدة الإيقاف بخلاف أم ولد النصراني ; لأنه لا يجبر على [ ص: 372 ] الإسلام ، وتبطل الوصية ; لأنه كان أوصى حال ردته لما كان له الرجوع ، ووصية المرتد باطلة للحجر عليه في ماله ، قال اللخمي : قال أشهب في الزوجة : إن لم يتب حتى انقضت العدة بانت ، وكان الطلاق من يوم ارتد ، فإن تاب قبل انقضائها بقيت على الزوجية كإسلام المرأة فعلى هذا تكون أم الولد في الاستبراء إن تاب قبل فراغ الحيضة حلت له ، وإلا حرمت ، وكانت حرة من يوم الردة .

الرابعة : في الكتاب : إن أسلمت أم ولد الذمي : قال مالك مرة : توقف حتى يموت أو يسلم فتحل له ، ورجع إلى أنها تعتق ، وولاؤها للمسلمين ; لأنه لم يبق فيها إلا الوطء قد حرم ، ولا يستسعيها في قيمتها ، فإن أسلم بعدها قبل أن تعتق فهو أحق بها وتبقى له أم ولد ، وإن طال ما بين إسلامها وما مات من غير سيدها الذمي بعد أن أولدها لا تعتق بإسلامها ; لأن الابن يتبع الأب في الدين ، وإن أسلم كبار الولد لم يعتقوا إلا بموت السيد ، وإن أسلمت أم ولد المكاتب الذمي ، وسيدها ذمي أو مسلم وقفت ، فإن أدى الكتابة عتق وعتقت ، أو عجز رقت وبيعت ، قال ابن يونس : قال محمد : إن أسلمت أم ولد الذمي عرض على سيدها الإسلام ، فإن امتنع عتقت بالحكم قاله مالك وأصحابه ، قال ابن عبد الحكم : إن اسلم قبل حيضة فهو أحق أو بعدها عتقت كإسلام امرأته ، قال بعض الشيوخ : إذا وقفت حتى تموت أو يسلم ، نفقتها على سيدها يحسبها له ، فإن لم يكن له مال ولا لها : عتقت ، كما قيل : إن عجز المسلم عن نفقة أم ولده عتقت كما تطلق الزوجة ، وقيل في العجز عن النفقة بزوجها ، وهو الفرق بينها وبين الزوجة ، وإن أسلم هو دونها بقيت له أم ولد .

التالي السابق


الخدمات العلمية