تنبيه :
اشترك القذف والحرابة في اشتمالهما على حق الآدمي ، لكن في القذف لمعين ، فيمكن من إسقاطه ، وفي الحرابة لعموم المسلمين ، فيتعذر إسقاطه بعد القدرة ، وغلب قبل القدرة حق الله تعالى مع ملاحظة عظم المفسدة ، فرغب صاحب الشرع في التوبة .
فرع :
في الكتاب : تجوز عليهم
شهادة من حاربوه إن كانوا عدولا يتعذر غيرهم ، شهدوا بقتل أو أخذ مال أو غيره ، ولا تقبل شهادة أحد منهم لنفسه ، بل بعضهم لبعض ، قال
اللخمي : إن اعترفوا بالحرابة والمال للرفقة انتزع منهم ، ويأخذ كل واحد ما سلمه له أصحابه ، وإن تنازع اثنان ، تحالفا واقتسما ، فإن نكل أحدهما ، أخذه الحالف ، وإن بقي شيء لم يدعه أحد ، انتظر طالبه ، وإن تنازع اثنان أحدهما من الرفقة والآخر من غيرها : يبدأ الذي من الرفقة ويحلف إن أتى الآخر بشيء ، وإن ادعى المحاربون المتاع ، وأقروا بالحرابة ترك لهم إن لم يدعه غيرهم . وتقبل
شهادة الرفقة ; لأنه حد لله تعالى ، ولا تقبل شهادة أب لابنه في المال ، وتقبل مع غيره إن قتل ابنه أو أباه ; لأنه حد لا قصاص لا يدخله العفو ، وإن شهد بذلك بعد التوبة ، امتنع ; لأنه حق له يدخله العفو ، وتقبل شهادة الأجنبي ; لأنهم إن قالوا : في قطعنا عليكم فقد تقوى التهمة ، وإن أقروا صدقوهم ، قال
[ ص: 137 ] اللخمي : إن
صدقوهم في قطع الطريق ، وادعوا بعد ذلك أنهم لم يأخذوه ، منعت الشهادة للعداوة ، وإذا حبس المحارب بشهادة واحد ، وهو مشهور بالفساد ، أخرجه وأشهره ; لينظر إليه المسافرون ، فيشهدوا عليه ، وإن
عظمت شهرته حتى يعرف باسمه كذلك . فمن شهد أنه قاطع بالاستفاضة ، وأشهد أخذ المال والقتل وغيره ، قتل بهذه الشهادة ، وهذا أعظم من شاهدين على العيان ، وقال
محمد : إذا استفاض ذلك ، أدبه وحبسه ، فإن افترق المأخوذ منهم المتاع ، وأتى من ادعى عينه ، انتظر به قليلا ، فإن لم يطلبه غيره ، حلف ، وأخذه ، ( قاله
مالك ) ، ويضمنه إن أتى أحد ، وأثبت بالبينة أنه له ، ضمنه ، وإنما يدفع لمن ادعاه بغير بينة إذا وصفه كما توصف اللقطة ، واختلف هل يلزم كفيلا ؟ وإن ادعاه اثنان ، ونكلا عن الحلف ، لم يأخذه ، بخلاف النكول قبل الافتراق ، ولأن المتاع لا يعدوهما قبل الافتراق ، وإن قال المحارب : المتاع لي وهو كثير لا يملك مثله ، صدق حتى تقوم بينة لغيره . في النكت : إذا دفع له المتاع و ضمنه ، وهلك بأمر من الله تعالى ، لا يضمنه إن أخذه بشاهد ويمين أو بينة ، ثم جاء ما هو أقطع من ذلك ، وفي الجواهر : إذا شهدوا لأنفسهم ، مع الشهادة لغيرهم ، كقولهم : أخذوا مال رفاقنا ومالنا ، ردت الشهادة ، إلا أن يكون يسيرا ، فيجوز لهم ولغيرهم .
فرع :
في الكتاب : إذا
قامت بينة على محارب ، فقتله أحد قبل تزكية البينة ، فإن زكيت ، أدبه الإمام ; لأنه إنما جنى على حق الإمامة ، وإلا قتل ; لأن الأصل : عصمة الدم .
[ ص: 138 ] فرع :
قال
ابن يونس : قال
ابن القاسم : إن ولى اللص مدبرا ، لا يتبع ، ولا يقتل ، إلا إن قتل ، ويقتل الأمير من اللصوص إذا قتل وإن لم يبلغ الإمام ، ومتى قتل واحد منهم قتلوا كلهم ولو كانوا مائة ألف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يتبع المحارب ويجهز عليه ، وقال
ابن القاسم : لا يجهز عليه لاندفاع شره .
فرع :
في المقدمات : إن
ارتد وحارب في ردته فقتل ، وأخذ المال ، قتل ولا يستتاب كما يستتاب المرتد ، ولا ينفذ عفو الأولياء عنه ، لأن الحرابة حقها لعامة المسلمين ، حارب ببلد الإسلام ، أو دار الحرب . فإن
أسلم المحارب في ردته بعد أن أخذ وقبل أن يؤخذ ، وحرابته ببلد الحرب ، فهو كالحربي يسلم ، لا يتبع بما صنع في أرض الحرب ، أو في بلد الإسلام ، سقط حكم الحرابة وحده ، ويغرم المال ، ويتبع ، إن لم يكن له مال ، كالمستهلك بغير حرابة ، ويحكم عليه في القتل والجراح بما يحكم به على المرتد ، إذا فعله ثم أسلم . وهذا أصل اختلف فيه قول
ابن القاسم ، فمرة نظر للقود والدية يوم الفعل ، ومرة يوم الحكم ، وجعل القود يوم الفعل ، والدية يوم الفعل ، ومرة يوم الحكم ، ومرة فرق ، فجعل القود يوم الفعل ، والدية يوم الحكم . فعلى اعتبار يوم الفعل في الجناية والدية : إن
قتل مسلما أو نصرانيا عمدا ، أقيد منه ; لأنه كافر يوم الفعل ، والكافر يقتل بالكافر ،
[ ص: 139 ] والمسلم بالمسلم ، أو خطأ ، فالدية على المسلمين ; لأنهم ورثته يوم الجناية ، ولا عاقلة له يومئذ . وعلى ملاحظته يوم الحكم : يقتل بالمسلم دون النصراني ، والدية في ماله ، وإن قتلهما خطأ ، فعلى العاقلة ; لأنه يوم الحكم مسلم . وعلى هذا يجري القول الثالث . وفي النوادر : لو
لحق بدار الحرب ، فقاتلنا وأسرناه ، استتابه الإمام وقبل توبته ، وإن أبى قتله على الردة والحرابة ، فإن تاب لزمه حق الله ، وحق الناس ، ولا يزيل ذلك عنه ردته ، ( قاله
عبد الملك ) .
فرع :
في النوادر : قال
مالك : ( إن ظفرت باللص - وهو مشهور - فارفعه إلى الإمام ، وإلا فالستر أحسن ، وليس بالبين ) .
فرع :
في الجواهر : حكم المحارب في الغرم حد أم لا ، موسرا أم لا ، حكم السارق ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا أخذ ووفره متصل ، لزمه المال ، وصداق المكرهة ، وقيمة المستهلك ، ودية النصراني ، وقيمة العبد ، وإن لم يتصل وفره ، لم يتبع بشيء ، وإن لم يجد لزمه في ماله وذمته .
فرع :
قال : الجرح الساري يحتمل القتل .
فرع :
قال :
إذا اجتمعت عقوبات الآدميين ، كالقذف ، والقطع ، والقتل ، وطلبوا
[ ص: 140 ] جميعا جلد ، ثم قتل ، ودخل القطع في القتل ، وحدود الله تعالى ، كالخمر ، والزنا ، والسرقة ، فالقتل يأتي على ما قبله .
فرع :
قال : إذا
اشتهر فلان بالحرابة ، فشهد عليه من يعرفه بعينه : أنه فلان المشهور ، حد .