المحل الثاني : العضو ، وفي الكتاب : إن
قطع جماعة يدا ، قطعت أيديهم
[ ص: 322 ] كلهم ، وكذلك العين ، وإن قطع يده من نصف الساعد اقتص منه ، ( أو بضعة من لحمه ، اقتص منه ) ; لقوله تعالى : (
والجروح قصاص ) وقوله تعالى : (
والعين بالعين ) ولا قود في اللطمة . قال
ابن القاسم : ويقاد في ضربة لسوط ، وعن
مالك : لا قود فيها كاللطمة ، بل الأدب ; لعدم الانضباط ، وإن
فقأ عين جماعة اليمنى وقتا بعد وقت ، ثم قاموا ، فقئت عينه بجميعهم ، وكذلك اليد والرجل كالنفس ، وإن قام أولهم أو آخرهم ، فله القصاص ; لثبوت حقه ، ولا شيء لمن بقي للتعذر ، وكذلك لو قتل رجلا ثم رجلا فقتل ، فلا شيء عليه للثاني . قال
ابن يونس : إن
قطع يمينه فذهبت يد القاطع بأمر سماوي ، أو سرق فقطعت ، فلا شيء للمقطوع يده .
فرع
في الكتاب : إن
قطعت يد القاطع خطأ وقد قطع عمدا ، فديتها للمقطوع الأول ; لأنها بدل اليد ، أو عمدا اقتص من قاطع قاطعه ; لأنه أتلف المحل ، ويده بدله ، كمن قتل قاتله ، فديته لأولياء المقتول الأول ، ويقال لأولياء المقتول الآخر : أرضوا أولياء الأول ، وشأنكم بقاتل وليكم ، وإلا فلأولياء الأول قتله أو العفو ، ولهم عدم الرضا بما بذلوا لهم من الدية أو أكثر ،
ومن حبس للقصاص ففقأ رجل عينه أو جرحه ، فله القود في العمد ، والدية في الخطأ والعفو ، ولا شيء لولاة 323
[ ص: 323 ] المقتول في ذلك كله ، وإنما سلطناهم على من أذهب نفسه ; لأنها المستحقة لهم ، وكذلك لو
حكم القاضي بقتله وأسلمه إليهم فقطع رجل يده عمدا ، فله القصاص . ومن قطعت يده عمدا ، أو قد قتل وليك ، فله القصاص منك ، أو خطأ حملته عاقلتك ، وتحمل عاقلة القاتل ما أصاب من الخطأ أو كسر من بعض سن ففيه القصاص برأي أهل المعرفة . قال
ابن يونس : إن
قلع عين رجل ، ففقأ آخر عين الفاقئ ، ومات الفاقئ الثاني ، فلا شيء للمفقوء الأول لفوات المحل . وإن
قطع يده من المنكب ، وقطعت يد القاطع من الكف : فللأول قطع كف قاطع قاطعه ، أو قطع يد قاطعه من المنكب ; لأنه بقية حقه ، وإن
قتل قاتل وليه قبل وصوله للإمام فلا شيء عليه غير الأدب ; لجنايته على حق الإمام وليلا يتجرأ الناس على الدماء . قال
اللخمي عن
مالك : إذا قتله خطأ لا شيء لأولياء الأول ، والدية لأوليائه بفوات المحل ، والدية مرتبة على الفوات ، ولم يختلف أن لأولياء الأول أن يقتلوه دون أولياء الثاني ، أو يعفوا عنه على مال يكون عندهم . وعن
عبد الملك : لأولياء الثاني دفع الدية لأولياء الأول ، ويقتص لنفسه ، وما في الكتاب أحسن ; لأن ولي الأول استحق دمه فله القصاص أن لا يرضى بعوض المثل; لأنه مبايعة ، فإن
قطع يدا عمدا فقتل القاطع خطأ أو عمدا ، فصالح أولياءه على مال : قيل لا شيء لمن قطعت يده ; لأن المأخوذ عن النفس . وقال
محمد : للمقطوع يده حقه من ذلك ; لأن النفس مشتملة على الأعضاء ، فإن قطعت يده من الكف ، وقد قطع من المنكب ؟ ففي الموازية عن
ابن القاسم : اقتص المقطوع
[ ص: 324 ] الأول من قاطع قاطعه من الكف ، ولا شيء ، أو يقطع قاطعه من المنكب ، ويخلي قاطعه بينه وبين قطع كفه . قال
محمد : بل الأول أحق بقطع كف القاطع الثاني ، ثم يقطع ما بقي له من منكب قاطعه ; لأنه مستحق جميع ذلك العضو .
فرع
في الجواهر : كل شخصين يجري بينهما القصاص في النفوس في الجانبين يجري في الأطراف وإن كان أحدهما يقتص منه ( الآخر ولا يقتص الآخر منه ) في النفس ، ( قال
مالك في الكتاب : وإن كان أحدهما يقتص منه في [ . . . ] كالعبد يقتل بالحر ، والكافر بالمسلم ، ولو
قطع العبد أو الكافر الحر المسلم ، لم يكن له أن يقتص منهما في الأطراف في ظاهر الأمر ; لأن
الأصل في القصاص : المساواة ، خالفناه في النفس لعظمتها ، بقي الأصل في الأطراف على قاعدته . وخير
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم المسلم في القصاص وأخذ الدية . قال الأصحاب : والصحيح : أن له القود ، ولا يشترط في القصاص في الأطراف التساوي في البدن ، وإن اشترط التساوي في المنفعة ، فيقطع يد الرجل بالمرأة ، ولا تقطع السليمة بالشلاء ، ولا يشترط التساوي في العدد ، بل الأيدي واليد عند تحقق الاشتراك بأن يوضع السكين على اليد ويتحاملوا كلهم عليها حتى تبين ، فإن تميزت الجنايات بأن قطع أحدهما بعضا وأبانها الآخر ، أو وضع أحدهما السكين من جانب والآخر من الجانب الآخر حتى التقيا فلا قصاص إلا في مساحة ما جرح إن عرف ذلك ; لأنه جنايته ، ويجب القصاص في جميع المفاصل إلا المخوف منها ، للأدلة المتقدمة وفي
[ ص: 325 ] معنى المفاصل أبعاض المارن ، والأذنين ، والذكر ، والأجفان ، والشفتين ، والشفرتين ; لأنها تقبل التقدير ، وفي اللسان روايتان ،
والقصاص في كسر العظام إلا ما كان متلفا كعظام الصلب ، والصدر ، والعنق ، والفخذ ونحوه ، وكل ما يعظم الخطر فيه كائنا ما كان ; لقوله تعالى : (
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ولو قطع اليد من المرفق لم يجز القطع من الكوع ، وإن رضي المقتص منه ، وإن
كسر عظم العضد ففيه القصاص ، ولو قطع من المرفق وكانت يده مقطوعة من الكوع ، فطلب المجني عليه القطع من المرفق : أجازه
ابن القاسم ; لأنه حقه ، ونفاه
أشهب لعدم المماثلة .
وفي النوادر : قال
ابن القاسم : إن
ضربه فشلت يده أو رجله ، فعليه القود ، يضربه كما ضربه ، فإن شلت وإلا فالعقل في مال الضارب . قال
أشهب : هذا إذا جرحها ، أما إن ضربه على رأسه فبطلت يده فلا قصاص ، وفي الأنف ، والترقوة ، والضلع ، وفي إحدى قصبتي الأنف اليد القصاص إن قدر عليه ، وكذلك الظفر . قاله
مالك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : هو كسر الصبي الذي لم يثغر لأنه ينبت . قال
ابن القاسم ، لا قود في هاشمة الرأس ; ولأنه لا بد أن تعود منقلة ، بخلاف هاشمة الجسد إلا الفخذ . قال
مالك : والقصاص في اللسان إن أمكن ، وإن
عضه فقطع منه ما منع الكلام شهرين ، ثم تكلم ناقصا اقتص منه ; لأني أخاف أن يذهب من كلامه أكثر من ذلك . وقال
أشهب : اللسان مخوف ، لا قود فيه ، وقاله
مالك . وفي الأنثيين القصاص إن قطعتا أو أخرجتا دون الرض ; لأنه متلف . قال
مالك : إن
ضربه فأذهب بصره ، والعين قائمة ، اقتص إن أمكن ، وإن فقأها فقأت عينه . قال
ابن القاسم : البياض كقيام العين . ومنع
أشهب القود في البياض لتعذره . قال
مالك : وفي إنزال الماء في عينه القود إن أمكن ، وقال
عبد الملك : لا
[ ص: 326 ] قود في العين إلا أن تصاب كلها ، قال
المغيرة : لا قود في
نتف اللحية أو الشارب أو الرأس أو بعض ذلك ، بل العقوبة والسجن ; لاختلاف عظم اللحى في مسكة الشعر وإنباته ، وعنه في الجميع القود دون البعض لأنه لحية بلحية ، وشارب بشارب ، قال
ابن القاسم : إن حلق الرأس واللحية والحاجبين فالأدب دون القود . وقال
أشهب : القود في الشارب وأشفار العينين ، فإن نبت للجاني ولم ينبت للأول فعليه قدر شين ذلك . وقال
أصبغ : فيه القصاص بالوزن غيره لاختلاف اللحى بالصغر والكبر ، وإن قتل المجروح قاطع يده قتل به ، وذهبت يده لذهاب المحل ، وإن قطع يد أربعة اليمنى ، فعفا أحدهم ، فللباقي القطع ; لأنه مستحق ، أو سبق بعضهم فقطع يمينه ، فلا شيء للباقي ، فإن
قطع أصابعه فقطع هو يده من الكوع قطع الأول الكف بعد الأصابع ، وإن
قطع صحيح يدا شلاء ( وقطع الأشل يد الصحيح فللصحيح فضل الدية بعد الحكومة في يد الأشل ) فإن ابتدأ الأشل رجع عليه بما بين حكومة يد شلاء ، أو دية يد صحيحة ، وإن سلم له في القصاص في النفس فضربه فقطع يده وقتله بالثانية : إن تعمد ذلك أدب فقط ، وإلا فلا أدب عليه . قال
عبد الملك : إن شلت يد الجاني فضرب رجل اقتص منها شلاء ، ورجع المجني عليه على الذي أشلها بدية كاملة ، وإنما لا يقتص من الشلاء قبل الجناية . وقال مطرف : هما سواء في عدم القصاص .
فرع
في النوادر : قال
ابن القاسم : إن
قطع أصابع رجل ، ثم كفه ، فإنما له قطع الكف ، أو أنملة من سبابة رجل ، وسبابة من آخر ، فإنما لهما قطع سبابته ، أو
[ ص: 327 ] أصابع رجل ، ويمين آخر ، قطعت اليمين لهما ، فإن قام صاحب الأصابع فقطع به ، قطع للباقي البقية ، أو رجلا من الكوع ، ولآخر ذراعا بغير كف لم يقطعاه من المرفق ; لأن صاحب الذراع لم يكن له يوم الجناية إلا حكومة ، ولصاحب الكف القصاص من الكوع ، وإن جنى على الذراع بعد أن اقتص منه صاحب الكف اقتص للتساوي ، أو أصبعين ولآخر كفا فيها ثلاثة أصابع ، فللثاني ثلاثة أخماس الدية ، وللآخر القصاص ، وإن جنى على الكف بعد أن اقتص منه في الأصبعين ، اقتص للتساوي إن كانت الأصابع نظير الأصابع الثلاثة للجاني . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إن
قطع من المنكب ( والآخر من المرفق وسرق ، قطع من المنكب ) لذلك كله ، ثم رجع فقال : يقطع من الكوع للسرقة ، ثم يقطع للباقين . قال : وإن
قطع كفا ثم لآخر ذراعا بغير كف ولآخر عضدا بغير ذراع ، قطع الكف ، ثم الذراع ، ثم العضد ، فإن عفا صاحب الكف فللباقين حكومة ، أو عفا صاحب الذراع سقط قصاص العضد دون الكف ، أو عفا صاحب العضد لم يسقط الباقيان .