الفصل الثالث : في صفة المؤذن
ففي الجواهر يشترط
أن يكون مسلما ، عاقلا ،
مميزا ، ذكرا ، بالغا ، عدلا ،
عارفا بالمواقيت ، صيتا حسن الصوت فلا يعتد بأذان كافر ، أو مجنون ، أو سكران ، أو مختبط أو امرأة ، وقال
أشهب :
لا يؤذن الصبي ، ولا يقيم إلا مع النساء أو في موضع ليس فيه غيره . وجوز
مالك في الحاوي الأذان له ، والقاعد ، والراكب ، والجنب ومنع الإقامة ومنع في الكتاب أذانه ، وقال : لأن المؤذن إمام وهو لا يكون إماما وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وإن جوز
إمامة الصبي . حجة المنع : ما في
أبي داود قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2004957المؤذنون أمناء " . وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348454يؤمكم أقرأكم ويؤذن لكم خياركم " . وهذا حجة لسائر
[ ص: 65 ] الشروط ، وأنه ليس له وازع شرعي فيحيل الوثوق بأمانته على الأوقات ، ولأنها ولاية على وسيلة أعظم القربات ، وهو ليس من أهل الولايات ، حجة الجواز ما رواه
ابن المنذر بإسناده عن
عبيد الله بن أبي بكر قال : كان عمومتي يأمرونني بالأذان لهم ، وأنا لم أحتلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك شاهد ولم ينكر ، ولأنه ذكر الله ، وخبر عن أمر واقع يصحان منه كما تصح أخباره في الاستئذان والوسائل وغير ذلك ، قاله صاحب الطراز ، ولأنه من أهل التنفل بالصلاة ، فيكون من أهل التنفل بالأذان بطريق الأولى ; لأن الوسائل أخفض من المقاصد . حجة الفرق بين الأذان والإقامة : أنها آكد من الأذان للزومها للفذ حتى قيل إن تركها عمدا بطلت صلاته ، حجة تفرقة
مالك في رواية
أشهب عنه : أن الحاجة قد تدعو إليه في هذه الحالة .
فروع خمسة
الأول : قال صاحب الطراز يستحب
حسن الهيئة ، فقد قال
أشهب : من
أذن وأقام في ثياب شعر أو سراويل فليعد إن لم يصلوا ، وخالفه
ابن القاسم .
الثاني : لم يكره في الكتاب
أذان الأعمى ، قال : وكان مؤذنه - عليه السلام - أعمى - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم - قال صاحب الطراز : ليس فيه خلاف إذا كان أمينا إلا أنه لا يرجع في الوقت إلى ما يقع في نفسه ، بل يستخبر الثقة ويتثبت وفضلهما أشهب على العبد إذا سددوا الوقت والقبلة ، وفضل العبد إذا كان رضى على الأعرابي ، والأعرابي إذا كان رضى على ولد الزنا .
الثالث : قال صاحب الطراز : ظاهر المذهب كراهية
أذان النساء خلافا
[ ص: 66 ] لـ ( ش ) و ( ح ) غير أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال : لا يجزئ عن الرجال . حجتنا أن رفع صوتها مكروه مع الاستغناء عنه لما فيه من الفتنة ومن ترك الحياء .
الرابع : في الجواهر للإمام : أن
يستأجر على الأذان من بيت المال ، واختلف في إجارة غيره من آحاد الناس على الأذان والصلاة ، فالمشهور المنع من الصلاة منفردة والجواز في
الأذان منفردا ومع الصلاة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم الجواز فيهما مطلقا ، وعند
ابن حبيب المنع فيهما مطلقا وهو قول
أبي حنيفة ، وتردد النقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال صاحب الطراز : واتفق الجميع على جواز الرزقة وقد أرزق
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب المؤذنين وكذلك تجوز الرزقة للحاكم ، وإن امتنعت الإجارة على الحكم . حجة المشهور أنه فعل يجوز التبرع به عن الغير فلا يكون كونه قربة مانعا من الإجارة فيه قياسا على الحج عن الغير ، وبناء المساجد ، وكتب المصاحف والسعاية على الزكاة ، ويمتنع في الإمامة مفردة ; لأن فعل الإمام فعل المنفرد ، وفعل المنفرد لا يجوز أخذ الأجرة عليه . حجة من جوزها منفردة ملاحظة التزامه للمكان المعين وهو غير مأمور به عينا ، فجاز
أخذ الأجرة عليه ، قال
المازري : قال بعض أشياخي : يرتفع الخلاف في المنع إذا كان ثم فعل لا يلزم المصلي كما يرتفع الخلاف في الجواز إذا لم يزد على الواجب . حجة المنع ، ما في
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاصي أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348455من آخر ما عهد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ، وصححه
الترمذي . وإذا
امتنع في الأذان امتنع في الإمامة بطريق الأولى ; لكونها أدخل في باب التقرب والتعلق بالذمة ، وبالقياس على الجهاد .
[ ص: 67 ] وجوابه : أنه محمول على الورع ونحن نقول به ، وعن الثاني أن الجهاد يتعين بالحضور بخلاف الأذان والإمامة .
فرع : مرتب :
في الجواهر : إذا فرعنا على المشهور واستؤجر عليها ، ثم
طرأ ما يمنع الإمامة فهل يحط من الأجرة بسبب عجزه قولان للمتأخرين مبنيان على الأتباع هل لها حظ من الثمن أم لا ؟ قال
المازري : احتج القائل بعدم الحط بما وقع في المذهب أن من اشترى عبدا له مال ، أو شجرا مثمرا فاستحق المال من يد العبد ، وجائحة تصيب الثمرة ، لا يوجبان حطيطه من الثمن ، واحتج الآخر بأن حلية السيف التابعة له إذا استحقت ، فلها حطها من الثمن ، وكذلك سلعة من صفقة فيها سلع ، قال : إنما سقط اعتبار الأولين ; لأن الثمرة مضمونة بالقبض لما لم يكن على البائع سقي ، وأن العبد مالك ، وإنما وقعت المعاوضة على تقدير يده على ماله وهذا قد فعله البائع ولم يبطل قال : وقد قال بعض المتأخرين : الأحسن الحطيطة بقدر ما يعلم أن المشتري زاده لأجل المال قياسا على ما إذا تعذر على المرأة شوارها فإنه يسقط من الصداق قدر ما يعلم أن الزوج زاده لأجله ، مع أن الزوج لا يملك انتزاعه قال
المازري : واعلم أن كون الأتباع مقصودة بالأعواض أمر مقطوع به بل ، نقول التبع قد يرتفع عنه التحريم الثابت له منفردا كحلية السيف التابعة له ، فإنه يحرم بيعها منفردة بجنسها ، ويجوز تبعا ، قال صاحب النكت : يحط من الأجرة بقدر الإمامة ، والفرق أن الإمامة لو عقد عليها منفردة صح وكره ، بخلاف الثمرة ومال العبد .
الخامس من البيان : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا كان
المؤذنون إذا صعدوا المنار ، [ ص: 68 ] عاينوا ما في الدور وطلب أهلها منعهم من الصعود ، منعوا وإن كان بعض الدور على البعد بينهم الفناء الواسع ، والسكة الواسعة ; لأن هذا من الضرر المنهي عنه . قال صاحب البيان : وهذا على أصل مالك في أن الاطلاع من الضرر الواجب الإزالة ومن يرى من أصحابه أن من أحدث اطلاعا على جاره لا يقضى عليه : ويقال للجار : استر على نفسك يفرق بأن المؤذن ليس بمالك بل طالب مندوبا بفعل محرم قال : وهذا حكم الدور البعيدة إلا أن لا يتبين فيها الذكور من الإناث ، والهيآت .