مسألة
السخط بالقضاء حرام إجماعا ، قال صاحب " الجواهر " وغيره : السخط بالمقدور ، وهي عبارة رديئة ، قال المحققون يجب الرضا بالقضاء دون المقضي ، وبالقدر دون المقدور ، وتحريره أن الطبيب إذا وصف للعليل دواء مرا ، أو قطع يده المتآكلة ، فإن قال : بئس ما وصف الطبيب فهو بغض وسخط بقضاء الطبيب ، وإن قال : نعم ما صنع غير أني وجدت للقطع ومرارة الدواء ألما كثيرا ، فإن ذلك ليس قدحا في الطبيب ، بل الأول قدح فيه ، وطعن عليه ، فعلى هذا إذا ابتلي الإنسان بمرض ، فتألم من المرض بمقتضى طبعه فهذا ليس عدم رضا بالقضاء بل عدم رضا بالمقضي ، وإن قال : أي شيء عملت حتى أصابني هذا وما ذنبي ، وما كنت أستأهله ، فهذا عدم رضا بالقضاء لا بالمقضي ، فتأمل هذا فهو حسن .
تنبيه : كل مؤلم للمؤمن كفارة له ، لقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350009لا يصيب المؤمن وصب [ ص: 253 ] ولا نصب حتى الشوكة يطؤها إلا كفر الله بها من ذنوبه " . والسخط معصية ، والصبر قربة وعمل صالح ، فإذا تسخط حصلت سيئة قدر التي كفر بها المصيبة أو أقل ، وأعظم بحسب كثير السخط وقليله ، وعظم المصيبة ، وصغرها ، فإن التكفير تابع لذلك ، فالتكفير واقع قطعا سخط أو صبر ، غير أنه إن صبر اجتمع التكفير والأجر ، وإن سخط قد يعود المكفر بما جناه ثانيا بالتسخط أو أقل منه أو أكثر ، وعليه يحمل ما في بعض الأحاديث من ترتيب المثوبات على المصائب أي إذا صبر ، وإلا فالمصيبة لا ثواب فيها قطعا من جهة أنها مصيبة ; لأنها ليست من كسبه ، ولا ثواب إلا في مكتسب ، والتكفير يكون بغير المكتسب كالعذاب ، وسائر العقوبات .