صفحة جزء
النوع الثاني والعشرون : مخالطة الذكور للإناث ونحوه

في " المقدمات " : لا يحل للرجل أن يخلو بامرأة ليست منه بمحرم ، لقوله عليه السلام : " إن الشيطان ثالثهما " ، معناه : يوسوس بينهما ، وإذا كان معه غيره خشي أن يطلع عليه تحدثه بالمعصية ، ويجوز النظر للمتجالة ، لقوله تعالى ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) ، ولا يجوز له أن ينظر للشابة إلا لعذر من شهادة ، أو علاج ، أو [ ص: 316 ] إرادة زواجها ، لقوله عليه السلام : " هل نظرت إليها فإنه أحرى أن يدوم بينكما " . وتقدم بسطه في النكاح .

ويجوز للعبد أن يرى من سيدته ما يراه ذو المحرم منها لقوله تعالى : ( وما ملكت أيمانكم ) إلا أن يكون له منظر ، فيكره أن يرى ما عدا وجهها ، ولها أن تؤاكله إن كان وغدا دنيا يؤمن منه التلذذ بها ، بخلاف الشاب الذي لا يؤمن ، واختلف في غير أولي الإربة الذين في الآية ، فقيل : الأحمق المعتوه الذي لا يهتدي لشيء من أمر النساء ، وقيل : الحصور ، والعنين الذي لا ينتشر للنساء ، وكذلك الخصي ، والأول لمالك ، ويؤيده قول النبي عليه السلام في المخنث الذي كان يلج على أزواجه : لا يدخل هؤلاء عليكن ، ولا يجوز للخصي الدخول على المرأة إلا أن يكون عبدها ، واستخف إذا كان عبد زوجها للمشقة الداخلة عليها في استتارها منه ، وعنه : جواز دخوله عليها إذ لم يكن حرا ، وكان عبد زوجها ، أو عبدها ، أو لغيرهما استحسانا .

ويفرق بين الصبيان في المضاجع ، قيل : لسبع سنين ، وقيل : لعشر إذا ضربوا على الصلاة ، وهو ظاهر قوله عليه السلام : " مروهم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ، ولا يجتمع رجلان ، ولا امرأتان متعريين في لحاف ، لنهيه عليه السلام عن معاكمة الرجل للرجل بغير شعار ، ومعاكمة المرأة المرأة بغير شعار ، والمعاكمة هي ذلك لغة ، والمتاع المعكوم أي المشدود بعضه لبعض ، وعكيم المرأة ضجيعها .

قال ابن يونس : يجوز له رؤية فرج امرأته في الجماع ، ومنع مالك رؤية خادم [ ص: 317 ] الزوجة فخذ زوجها ، ولا يدخل عليه المرحاض ، وكذلك خادم ابنه وأبيه ، ولا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أم زوجته ، ولا ينبغي إن قدم من سفر أن تعانقه ، وإن كانت عجوزا ، وليبعد من أخت امرأته ما استطاع ، ويتقدم للصناع في قعود النساء إليهم ، ولا تجلس الشابة عند الصانع إلا الخادم الدون ، ومن لا يتهم فيها .

قال مالك : لا بأس أن تغتسل المرأة في الفضاء بغير مئزر ، قال ابن أبي زيد ، قيل : لمالك : أيجامع امرأته ليس بينهما ستر ؟ قال : نعم ، قال : إنهم يرون كراهيته ، قال : ألغ ما يتحدثون ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، وعائشة - رضي الله عنها - يغتسلان عريانين ، فالجماع أولى .

قال مالك : لا بأس أن يأتزر تحت سرته ، ويبدي سرته إن كان عظيم البطن ، وأنكر ما يفعل جواري المدينة ، يخرجن قد كشفن ما فوق الإزار ، قال : وقد كلمت فيه السلطان فلم أجب لذلك ، قيل له : فغلام بعضه حر هل يرى شعر سيدته ؟ قال : لا أحبه ، واحتجبت عائشة - رضي الله عنها - عن أعمى ، فقيل : لها إنه لا ينظر إليك ، قالت : لكن أنظر إليه ، قال : ولا يعجبني النظر إلى شعر نساء النصارى ، قال اللخمي : يرى المكاتب شعر سيدته ، بخلاف المشرك ، وإن كان وغدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية