النوع السادس والعشرون : في
الفرار من الوباء والطاعون
في " الصحاح " قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350165إذا سمعتم بالوباء في أرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض ، وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، وقال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350166الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، أو على من كان قبلكم ، فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه ، وإذا وقع بأرض ، وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه " .
قال
الباجي : لا يقدم على الوباء ; لأنه تغرير بالنفس ، ولا يخرج منه ; لأنه استسلام لقدر الله ، والرجس : العذاب ، وأول وقوع الطاعون كان عذابا ، وهو اليوم شهادة لمن وقع به من المؤمنين ، وهو أحد التسعة الشهداء ، ويجوز الخروج من بلاد الوباء لغرض آخر غير الفرار ، قال صاحب " البيان " : قال
مالك : لا بأس
[ ص: 326 ] بالقدوم على أرض الوباء ، والنهي الوارد نهي إرشاد لا تحريم ، من باب نهيه عليه السلام أن يحل الممرض على المصح ، لئلا يقع في نفسه إن ما أصابه شيء أنه لو لم يقدم لنجا منه ، بل لا محيد لأحد عن قدر الله تعالى ، ويؤجر إذا قدم عليه معتقدا أن ما أصابه بقدر الله ، وما أخطأه لم يكن يصيبه ، ويؤجر إن لم يقدم عليه اتباعا للنهي النبوي ، قال : فهذا وجه تخيير
مالك ، وكذلك قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350167لا تخرجوا فرارا منه ليس بتحريم ، بل المقام أفضل استسلاما للقدر ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350168اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون ، وهو غدة كغدة البعير تخرج في التراقي والإباط .
وفي كون الأفضل المقام ببلد الوباء ، أو الخروج ثلاثة أقوال بعد الإجماع على عدم الإثم : الأفضل أن يقدم عليه ولا يخرج ، وهو قول من أشار به من
المهاجرين في قضية
عمر بالشام ، والأفضل عدم القدوم والخروج عنه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، والأفضل عدم القدوم وعدم الخروج ، قال إمام الحرمين : منع من القدوم على الوباء ; لأن هواء ذلك البلد قد عفن وصار مفسودا مسموما ، والقدوم على مهلكات النفوس منهي عنه ، والخروج منه منهي عنه ; لأن الهواء المسموم وغيره في كل بلد تعلق بأهلها علوقا شديدا بواسطة التنفس ، والإحاطة بهم ، فلا يشعر بها للخروج إلا وقد حصل منه في جسم الخارج ما يقتضيه مزاجه الخاص به ، وذلك الهواء كما أجرى الله تعالى عادته فلا ينفعه الخروج فهو عبث ، والعبث منهي عنه ، وربما أضره السفر بمشقته ، فكان ذلك عونا للهواء على الموت والمرض .